يقال لكل جواد كبوة، وأنا أقول لك رئيس حكومة يمني هفوة أو هفوات، فباسندوة أثقل البلد بهفواته هو وحكومته وأوصلوها إلى مرحلة حرجة، والآن بحاح بدأ حكمه بهفوة قاتلة.. فرئيس الحكومة الحالي حينما حضر حفل تكريم أوائل طلاب الثانوية أعلن- نيابة عن حكومته- أن العام 2015م سيكون عاماً للتعليم، دون أن يدرك ما يقول وما الذي سيترتب عليه هذا الإعلان الحكومي ليكون العام فعلاً عاماً للتعليم. بحاح بهذا الإعلان لم يعرف ماذا يضيف لمن سبقوه حول التعليم، فاضطر إلى اختلاق قضية جديدة تكون مثار جدل وخلاف وأخذ ورد حتى تنتهي فترة الحكومة وفق اتفاق السلم والشراكة الوطنية، والذي لم ينصّ على أن تعلن الحكومة أي عام لا للتعليم ولا للشباب ولا للمرأة ولا لأي قطاع، سواء كان عاماً أو خاصاً، ففترتها ومهامها محددة، وهذا يدخل في باب إشغال نفسها بأمور أخرى تعرف أنها لن تستطيع تنفيذها لذر الرماد على العيون بأنها حاولت لكنهم أنهوا خدماتها قبل أن تكمل مهامها. هل كان يعي رئيس الحكومة ما يتطلبه إعلان عام التعليم من جهود وإمكانيات ومسئولين أكفاء يديرون العمل بكل مهنية وكفاءة ونزاهة واقتدار؟ وقبل ذلك كله لا بد من وجود رؤية حقيقية لإصلاح منظومة التعليم في بلادنا التي تم تدميرها على مدى سنوات طويلة، كان آخرها ما حصل من تسريب للامتحانات على نطاق واسع دون أن يتعرض من قام بذلك لأي حساب أو عقاب، بل إنه تم إعادة تعيين المسئول الأول وزيراً في وزارة أخرى مسئولة عن التعليم في قطاع آخر، وهذه من الكوارث التي حلت على بلادنا وتؤكد أن هذه الحكومة ستفشل في إعلانها ذاك، وربما أن رئيس الحكومة والوزراء المسئولين عن هذا القطاع لا يعرفون كيف تُدار مؤسسات التعليم في بلادنا، رغم أن معظمهم ليسوا غرباء عنه، فهم إما كانوا مسئولين في الوزارات أو الجامعات لكنهم لم يطوروا ولم يعملوا شيئاً خلال الفترة الماضية بحكم مسئوليتهم، فهل يمكن أن يقدموا أي شيء جديد الآن وخلال أقل من عام قبل أن يرحلوا بموجب اتفاق السلم والشراكة؟ أعتقد أن ذلك الإعلان يعتبر هفوة كبيرة لرئيس الحكومة، ربما يكون لها مردود سلبي على التعليم خلال السنوات القادمة، لأنه سيتم رصد موازنات كبيرة للجان التي سيتم تشكيلها لإعداد المشاريع التي سيتم الإعلان عنها في عام التعليم، وكذا التنسيق بين الوزارات المسئولة عن التعليم بقطاعاته الثلاثة، العام والعالي والمهني، والتي سمعنا عنها مرة واحدة فقط، وربما تغيب حتى نهاية فترة الحكومة لتعلن عن خطتها ومشاريعها لعل الذي سيشكل الحكومة الجديدة يعيد هؤلاء الوزراء إلى الحكومة القادمة ليكملوا ما بدأوه، وهكذا يتم إهدار المال العام على لجان لن تقدم ولن تؤخر، بل تزيد الأعباء على الخزينة العامة الخاوية أصلاً. التعليم في بلادنا يحتاج إلى إعادة نظر بشكل كامل في مناهجه وآلياته ووسائله، فنحن ما زلنا ننتهج الطرق التقليدية القديمة في التعليم، سواء العالي أو العام أو المهني، ولا بد من رؤية جديدة تتناسب مع التطورات الهائلة التي شهدها العالم في مجال التعليم وطرقه وأساليبه. ينبغي على رئيس الحكومة أن يعترف بأنه تسرَّع في الإعلان، ويعيد تصحيح الأوضاع التي ترتبت عليه، فليس عيباً أن نخطئ لكن العيب أن نصر على الخطأ ونكرره، وحتى لا نظل في هذا البلد نعاني بين عام التعليم وعام الرحيل بسبب هفوة بحاح.