أتذكر قبل أعوام أن قامت شركة الغاز بحملة استبدال أسطوانات الغاز التي كانت تباع في عدن وباقي مناطق الجنوب والتي كانت تسمى ب(الدبة الجنوبي) للتفريق بينها وبين الدبة التي لا تزال تستخدم إلى اليوم المسماة بالدبة الشمالي والسبب هو كما قالت الشركة إن الدبة الجنوبي لا تتمتع بأمان كافي يحول دون تسريب هذه المادة الخطيرة على حياة المستهلك. وبعد ان هددت الشركة ان مَنْ لم يستبدل خلال فترة محددة فهي ليست مسئولة عن مصير اسطوانات المتخلفين. أكتشف الناس بعد انتهاء الاستبدال إن شكل الدبة لم يتغير فيه غير (الرأس) فقط وأصبحت (دبة جنوبي برأس شمالي) وإن العملية كانت عبارة عن تمويه فقط كي لا تظل كلمتي:(جنوبي – شمالي) تتداول بين العامة من الناس ،وربما ان من خطط لهذا العمل هو شخص (وحدوي عسر) لم يفته أيضا مكسب الربح المالي من عملية تغيير (الرأس) والإبقاء على الجسد، مع ان المعلن عنه انها عملية تصنيع لدبة جديييييد. تماما كما هو معلن من قبل الاعلام الثوري منذ توقيع المبادرة الخليجية ان الوضع اصبح وضح مختلف وان بقايا النظام اصبحوا على شفاء حفرة من الانهيار لم يبق الا دهفة وان وضعا جديدا مختلف تماما هت بشائره. - فلا أظن ان ثمة فرق بين مصير الدبة الجنوبي ومصير الثورة الشبابية اذا ما عكسنا المعادلة فقط ، فالدبة الجنوبي استبدلت برأس شمالي قيل أنه أكثر أمناً وضماناً، والثورة الشبابية استبدلت برأس جنوبي قيل ايضا انه سيكون أكثر امناً وصمام أمان لبقاء الوحدة واستمرارها تماما مثلما فكر صاحب الدبة الغاز التي لا تزال دِبابه مثلما كانت قبل العملية تعمل عملها بالكوارث والحرائق من سوء أمانها ورداءة نوعية غازها، وبقيت الجمعة هي الجمعة والخطبة هي الخطبة. نقول هذا من باب التحسر والأسى على مصير تلك الثورة التي هتفنا لها بصنعاء وتعز وكان لكاتب هذه السطور شرف المشاركة بتلك الساحات، أصبح للأسف يتحسر على فرط سذاجته حينها، وتملكنا من أول يوم لاندلاعها بصيص أمل في نهاية النفق كانت البداية تشيء بذلك، قبل ان تتخطف هذا الأمل نسور الأحزاب وصقور القبيلة .وبعد ان اصبحت الأحزاب تفكر عوضا عن الشباب بدل ان تفكر معهم وسَطتْ على المستقبل الذي هو ملك لهم بعد شاخت قيادات وهرمت شخصيات ولم تهرم انانيتها .فهل قُدّمت هذه التضحيات من أجل99.8%؟أو تتحول هتافات الساحات من :الشعب يريد إسقاط النظام ،الى شعار: نقسم (الحكم) نصين.؟! وهل بعد كل تلك الوعود بالالتفات الى اُمّ القضايا ( القضية الجنوبية) كما سماها الإعلام الثوري حينها يكون أصحاب هذه القضية عبارة عن مجموعة إرهابيين قاعديين وقطاع طرق؟! بل الاكثر دهشة والاكثر سخرية ايضا ان ترميني بعض الأحزاب بدائها الارهابي المتطرف وتنسل.! والقائمة من الاسئلة تطول في العيون الحائرة والوجوه المشدوهة والغصة تخنق الحناجر بعد أن أصبح مبضع الجراح ساطور ذباح.