البعض، ولأهداف مفهومة، يصوِّر الوضع وكأن اليمن على وشك الغرق، وأن الحوثيين قاب قوسين أو أدنى من ترك أسلحتهم في الشوارع والعودة فراراً إلى كهوف مران! الأسلوب نفسه جوهرياً حدث مراراً، من قبل، ضد ما أسموه النظام السابق، الذي سقط برمته ذات نشوة ثورية، ولم يعد أمام الرئيس السابق ما يحميه غير ترباس غرفة النوم. اليمن على وشك الغرق فعلاً، لكنها هكذا منذ 2011م، واستقالة الرئيس هادي لن تتسبب الآن بأكثر مما تسببت به حادثة النهدين بإخراج معظم رموز الدولة عن التغطية وإدخالهم غرف الإنعاش. وبالنسبة لجماعة أنصار الله، فلم يكن الرئيس هادي هو المرشد الأعلى للجماعة حتى تتسبب استقالته بخلل في هيكلها ويؤثر على جاهزيتها. هذه الجماعة نشأت وتمدَّدت خارج الدولة، ويُفترض أنها مستفيدة من أيِّ فراغ مؤسسي شاغر، أو ارتباك سياسي عام، كما في الحالة الراهنة. في كل مرة كانت عبارة "إنما النصر صبر ساعة" هي التميمة الحماسية لإلهاب مشاعر الشباب ودفعهم إلى الشوارع، وبذل جهد مضاعف في الصراخ واللهاث العدمي.. وفي كل مرة كان مديرو الأزمات يستلمون الثمن، هم الآن يتفاوضون مع جماعة الحوثي، وليتهم وفَّروا جهود أتباعهم وبدأوا بالحوار الذي لا يمكن تصوُّر حلٍّ بدونه، فما لا يُحلُّ بالحوار يُحلُّ بالمزيد من الحوار.