في تقرير لها تحت عنوان "هل نحن بحاجة ل 30 ألف جندي في اليمن، أم إستراتيجية أفضل لمقاومة الإرهاب ؟" - تتناول اليوم مجلة النيوزويك الأميركية عبر عدة محاور حقيقة الأزمة التي باتت تواجهها الإدارة الأميركية الآن في الحرب التي تخوضها ضد الإرهاب، خاصة ً في أعقاب الإستراتيجية التي أعلن بموجبها الرئيس الأميركي باراك أوباما مطلع كانون الأول/ ديسمبر الماضي عن إرساله 30 ألف جنديا ً إضافيا ً إلى أفغانستان بعد أن وصف الحدود الأفغانية - الباكستانية بأنها "بؤرة التطرف العنيف الذي تمارسه القاعدة". وتكشف المجلة في هذا الإطار عن أن الفكرة تكمن الآن في أن الجماعات الإرهابية العابرة للحدود تحتاج لملاذات آمنة كي تُعِد من خلالها للهجمات التي تعتزم تنفيذها، وأن الحدود الأفغانية- الباكستانية ( التي توليها أميركا اهتماماً خاصا ً) ليست المكان الوحيد الذي يختبئ به الإرهابيون. حيث تشير إلى أن اليمن والصومال، اللذين سبق لأوباما أن تحدث عنهما في خطابه عن إستراتيجية الحرب في أفغانستان، يعدان أيضا ً موطنا ً لتنظيم القاعدة. وتضرب المجلة المثل بذلك الدرس الذي ذاقت الولاياتالمتحدة مرارته في عيد الميلاد الأخير، عندما حاول الشاب النيجيري عمر فاروق عبد المطلب أن يفجر طائرة في ديترويت بمواد متفجرة تحصَّل عليها من أحد أتباع تنظيم القاعدة في اليمن. ثم تمضي لتلفت في حديثها إلى أن البعض، من أمثال السناتور جو ليبرمان، بدأ يتحدث عن احتمالية تحول اليمن إلى واجهة الولاياتالمتحدة المقبلة في حربها ضد الإرهاب. وفي هذا السياق، تشير المجلة إلى أن واشنطن قامت أخيرا ً بالفعل بتكثيف عناصرها الاستخباراتية وتواجد قواتها الخاصة لدعم الجهود التي تبذلها الحكومة اليمنية لطرد القاعدة ورجال الدين المتشددين ( ومن بينهم الإمام العولقي الذي ارتبط اسمه بالميجور نضال مالك حسن المتهم في حادث إطلاق النار بقاعدة فورت هود ). كما تقول إن الملابسات التي أحاطت بهجوم ديترويت الفاشل تتيح فرصة لإعادة النظر في ما إن كان التزام إدارة أوباما واسع النطاق بمباشرة الصراع في أفغانستان هو الطريق الصحيح لملاحقة الجماعات الإرهابية التي تتمني مهاجمة الولاياتالمتحدة، وما إن كانت تلك الأماكن التي يطلق عليها "الملاذات الآمنة" تمثل تهديدا ً حقيقيا ً أم لا. وفي تعقيب له على الحادث، قال بول بيلار، نائب المدير السابق لمركز مكافحة الإرهاب بوكالة الاستخبارات المركزية وضابط الاستخبارات الوطنية السابق لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا :" لا يبدو أن هذا الهجوم له أية صلة بأفغانستان. بل يذكرنا هذا الحادث بأن مكافحة مثل هذه الأعمال الإرهابية لا ترتبط فقط بمجرد السيطرة على أجزاء معينة من العقارات الأجنبية، وإنما عوضا ً عن ذلك بأعمال تبدو أقل وضوحا ً للعيان من قبل الأجهزة الاستخباراتية وجهات إنفاذ القانون". وترى المجلة في محور ذي صلة أنه في الوقت الذي كانت تتوافر فيه أمام الولاياتالمتحدة أسبابا جيدة للحرب التي تخوضها في أفغانستان، وعلى وجه الخصوص لإبعاد النووي الباكستاني عن أيدي المتطرفين وتعهدها الدولي بدعم الحكومة المتعثرة في كابول، إلا أن أوباما قام ببيع الخطة كرد على أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر حتى عندما سنحت له الفرصة بتقديم تبرير مطور إلى الشعب الأميركي. وفي نهاية حديثها، تقول المجلة إنه في الوقت الذي يُنتظر أن ترتفع فيه تكاليف صراع أفغانستان الذي تقدر قيمته السنوية بالفعل ب 68 مليار دولار، فقد حان الوقت بالنسبة للإدارة الأميركية كي تعيد التفكير في الإجراءات التي تضمن لها تحقيق توازن في الموارد بين العمليات العسكرية التي تهدف لإغلاق الملاذات الآمنة للإرهابيين وجهود الاستخبارات وإنفاذ القانون التي كان بإمكانها أن تحول دون وقوع حادث ديترويت الأخير.