اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    الضربة القاضية في الديربي.. نهاية حلم ليفربول والبريميرليغ    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    اليمن: حرب أم حوار؟ " البيض" يضع خيارًا ثالثًا على الطاولة!    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    البحسني يثير الجدل بعد حديثه عن "القائد الحقيقي" لتحرير ساحل حضرموت: هذا ما شاهدته بعيني!    وفاة نجل محافظ لحج: حشود غفيرة تشيع جثمان شائع التركي    عبد المجيد الزنداني.. حضور مبكر في ميادين التعليم    وحدة حماية الأراضي بعدن تُؤكد انفتاحها على جميع المواطنين.. وتدعو للتواصل لتقديم أي شكاوى أو معلومات.    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    شبوة تتوحد: حلف أبناء القبائل يشرع برامج 2024    إصابة مدني بانفجار لغم حوثي في ميدي غربي حجة    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    البرق بتريم يحجز بطاقة العبور للمربع بعد فوزه على الاتفاق بالحوطة في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    شكلوا لجنة دولية لجمع التبرعات    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    24 أبريل.. نصر تاريخي جنوبي متجدد بالمآثر والبطولات    الرياض.. أمين عام الإصلاح يستقبل العزاء في وفاة الشيخ الزنداني    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    يوكوهاما يصل لنهائي دوري أبطال آسيا    رئيس رابطة الليغا يفتح الباب للتوسع العالمي    وزارة الداخلية تعلن الإطاحة بعشرات المتهمين بقضايا جنائية خلال يوم واحد    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    رئيس الاتحادين اليمني والعربي للألعاب المائية يحضر بطولة كأس مصر للسباحة في الإسكندرية    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    المهرة يواصل مشاركته الناجحة في بطولة المدن الآسيوية للشطرنج بروسيا    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    تحذير حوثي للأطباء من تسريب أي معلومات عن حالات مرض السرطان في صنعاء    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    رشاد العليمي حاقد و"كذّاب" تفوّق على من سبقه ومن سيلحقه    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما الذي يمكن أن تفعله طائرات "من دون طيار" الأمريكية في اليمن؟
نشر في المصدر يوم 29 - 01 - 2010

يتم التحكم بها على بعد آلاف الأميال. تحمل مجسات وكاميرات تجسس وصواريخ بالغة الدقة..
باكستان سمحت لها العمل على أراضيها سراً، فتنامت مشاعر الكراهية، وقدم مشرف استقالته. اليمن ربما تسير في نفس الاتجاه، هل هناك ما يمكن مقارنته بين الدولتين؟

مهما حاولت أقوى دولة عظمى في العالم نفي تدخلها العسكري في اليمن ضد عناصر تنظيم القاعدة، فإن الكثير هنا وفي أمريكا – أيضاً - لا يسعهم إلا أن يشككوا في الأمر..!
مع تزايد المخاوف الأمريكية قبل اليمنية من نمو القاعدة في اليمن، وتحول الأخيرة إلى ملاذات آمنة للتنظيم الإرهابي بعد تضييق الخناق عليه – كما يعتقد - في دول أخرى مثل أفغانستان وباكستان والعراق، إلا أن الجانبين الأمريكي واليمني، يساورهما القلق أكثر فيما لو قررت الدولة الأكثر عداوة للإرهابيين، التدخل بشكل مباشر في بلد يعتقد أن التأييد الشعبي فيه سيتخذ منحاً تصاعدياً للقاعدة ضد الدولة الأكثر دعماً للإسرائيليين والتي تحتل جزءاً عربياً عزيزاً بعد تدميره كلية (العراق)..
الأمر إذن بحاجة إلى مزيد من الحذر. ولتطمين الشعبيين، أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كما فعل قائد القيادة المركزية لإدارته الجنرال ديفيد بترايوس، "أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعتزم إرسال قوات برية إلى اليمن للتعامل مع الخطر المتزايد لتنظيم القاعدة" (بترايوس: في حديث لCNN بث الأحد 10-1-2010).
وقال المسؤول العسكري الأمريكي الذي عاد مؤخراً من اليمن، إن وزير الخارجية اليمني: "أوضح تماماً أن بلاده لا تريد قوات برية أمريكية هناك".‎ بحسب ال CNN .
ومع ذلك، لا ينفك الصقور في الكونغرس على غرار سيناتور كانكتيكت، جو ليبرمان، يكررون التحذيرات من أن اليمن يسلك طريق العراق وأفغانستان، ومن أنه سيصبح "حرب الغد". بحسب مقال نشر مؤخراً في مجلة نيوزويك الأمريكية، بتاريخ: 19 يناير 2010 لكاتبيه: كيفن بيراينو ومايكل هيرش.
لكن من الواضح أن تصريحات "بترايوس" تلك قصرت الحديث حول عدم الرغبة الأمريكية، ورفض الجانب اليمني إرسال قوات برية. وإذن.. ماذا بشأن الطائرات من دون طيار الأمريكية، التي يشك معظم اليمنيين – ويؤكد الكثير من الأمريكيين – أنها تشارك في العمليات التي نفذت مؤخراً على تنظيم القاعدة؟
* قوة الطائرات غير المأهولة
قبل أن نتوسع في الحديث حول ما يمكن أن يعزز القول الشائع بسماح اليمن للطائرات الأمريكية بدون طيار التدخل في تنفيذ عمليات نوعية ضد تنظيم القاعدة، دعونا نتطرق أولاً إلى الحديث حول هذا النوع من السلاح الجوي الأمريكي وما يمكنها أن تقوم به.
"مساعدة الجنود في العثور على الأشرار وقتلهم". تلك هي مهمة العربات الجوية غير المأهولة التي تحمل أسماء: بريدايتور، ريبور، غلوبال هوك، وواريور ألفا، والتي بدأ سلاح الجو الأمريكي الاعتماد عليها بصورة متزايدة في حربه الحديثه التي يخوضها في أفغانستان والعراق.
حيث لا يكون العدو دولة أجنبية، بل "حركة تمرد"، وحيث يكون هنالك عدد قليل من الأهداف "الاستراتيجية" التي يمكن قصفها، وحينما لا يكون هناك سلاح جوي معاد لمواجهته، فإن البطل الأمريكي الذي يجب أن يسند إليه الدور هنا هو هذا النوع من الطائرات.
يشبه هذا النوع من الطائرات بأنها "طائرات أشباح". فهي غير مأهولة بالمقاتلين. لكن أبطالها يتواجدون على بعد نصف العالم عنها(يتم التحكم فيها على بعد آلاف الأميال). وكما يحدث في الألعاب الألكترونية للمراهقين والأطفال، فإن طياري هذه الطائرات يجلسون أمام شاشة تلفزيونية، وبينما يدخنون السيجارة ويشربون القهوة، يقومون بتشغيلها وتحديد أهدافهم عن طريق مناظر الفيديو الحية المتدفقة على الأجهزة أمامهم. إنها باختصار "توجَّه بالإشارات اللاسلكية" وتنقل الصورة عبر الأقمار الاصطناعية التجسسية.
تلك الصور والأشرطة توفرها كاميرات فيديو مثبتة على بطون هذه الطائرات. وإلى جانب ما توفرها من معلومات استخباراتية، فإن "الكثير من هذه الطائرات تحمل قنابل ذكية في غاية الدقة يستطيع الطيارون عن بعد إطلاقها بضغطة على زر بعد أن يحددوا الهدف على شاشات أجهزة الفيديو أمامهم".
منذ دخلت الخدمة في سلاح الجو الأمريكي، ظل الاعتماد عليها مقتصراً على عمليات التجسس، والإمداد بالمعلومات الاستخباراتية، دون الاستفادة منها بشكل فعلي. ومؤخراً - أكثر من أي وقت مضى – حققت هذه الطائرات نجاحات كبيرة، وزاد الاعتماد عليها في أفغانستان والعراق، وفي الوقت الحالي أيضاً: على الحدود الباكستانية الأفغانية، حيث يتمركز مقاتلو طالبان والقاعدة.
وبحسب الكاتب "فرد كابلان" – المتخصص بالشؤون الأمنية في مجلة سليت - فقد "تم استعمال أول هذه الطائرات التي من دون طيار في يوغسلافيا في تسعينات القرن الماضي، ثم خلال غزو أفغانستان عام 2001. وقد أثبتت فعاليتها الشديدة إلى حد أنه حين تحولت حرب العراق إلى حرب ضد حركة تمرد، كان ضباط كل وحدات الجيش ومشاة البحرية والقوات الخاصة يريدون أن تكون في أجوائهم واحدة من هذه الطائرات للمساعدة في العثور على، وتدمير، أعشاش القناصة والمتفجرات المزروعة على جنبات الطرق وغيرها من التهديدات". (مجلة نيوزويك: 29/9/2009 تقرير بعنوان: هجمة الطائرات من دون طيار).
ويقول "كابلان" أن "روبرت غيتس" لاحظ الطلب المتزايد على الطائرات غير المأهولة بعد وهلة قصيرة من توليه منصب وزير الدفاع بنهاية العام 2006، في النصف الأخير من عهد الرئيس بوش الثاني. كانت مهمة غيتس الأولى هي إنهاء الفوضى العارمة التي كانت وقعت في العراق، وبدا أن الطائرات غير المأهولة هي أداة قوية لذلك، وأمر بإنشاء برنامج سريع لبناء المزيد من هذه الطائرات، كما والبنية التحتية لدعمها".
وتستطيع الطائرة بدون طيار التحليق لساعات. وتمتلك هذه الطائرات مجسات وكاميرات تصوير تمد مراكز مراقبة أرضية بالصور أولا بأول. وفيما أنها تستخدم لتنفيذ مهمات الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتيةفإنها تستطيع استهداف أهداف بصواريخ على متنها.
و"في العام 2007، كانت الطائرات غير المأهولة تقوم ب21 مهمة جوية قتالية في أي وقت ولمدة لا تزيد كثيراً عن 100.000 ساعة طيران. بحلول العام 2011، ستكون هذه الطائرات قادرة على القيام ب54 مهمة دورية قتالية تمتد على مدى 350.000 ساعة طيران تقريباً. هذا العام [2009]، سيقوم سلاح الجو بتدريب عدد من طياري التحكم عن بعد للطائرات من دون طيار أكثر من عدد طياري الطائرات المقاتلة أو القاذفة.." (المصدر السابق).
* ما بين اليمن و باكستان
كثيراً ما شبهت اليمن بأفغانستان، من حيث الطبيعة الطوبغرافية، والتنوع العشائري، وميولات رجال القبائل في حماية قيادات وأعضاء تنظيم القاعدة. ومع الكثير من الخلاف حول تلك التشبيهات غير المتعمقة في التفاصيل، فإن هناك ما يمكن النظر إليه من حيث التشابه بين ما يحدث في اليمن وباكستان، فيما يتعلق بالتعامل مع الولايات المتحدة بشأن محاربة الأرهاب.
وفيما أن قواتها مع قوات "الناتو" تتمركز على مساحات شاسعة في أفغانستان لمطاردة حركة طالبان وتنظيم القاعدة، إلا أن أمريكا، تجد الكثير مما تقوم به على الحدود الباكستانية الأفغانية، حيث تعتقد أن الأرهابيين فروا إلى هناك بعد التضييق عليهم في أفغانستان.
ومقارنة باليمن، يزعم بعض المسئولين الأمريكان مع الغربيين، أن أعضاء في القاعدة فروا إلى ملاذات آمنة أخرى مثل اليمن والصومال. ويزداد التشابه، حسب ما يقال، بعد طرد السعودية للإرهابيين لديها. وأنهم [الأرهابيين] بعد أن ضاقت عليهم الجارة، توجهوا إلى اليمن.
ومع أن كلتيهما (اليمن وباكستان) شريكتان رئيسيتان في الحرب على الإرهاب، وتتلقيان دعماً مالياً من الولايات المتحدة، إلا أنهما ترفضان أي تواجد عسكري أمريكي/أجنبي على أراضيهما. فهما حذرتان من انعكاسات ذلك على الأوضاع الداخلية المتأزمة أصلاً.
لكن، وقت أمريكا من ذهب. وهي لا تريد الانتظار طويلاً. فبحسب معلومات استخباراتية، فإنه -ومنذ ما بعد هجمات 11 سبتمبر 2001- ظلت الاستخبارات الأمريكية متأكدة من أن تنظيم القاعدة ينوي القيام بعملية كبيرة أخرى تطال مصالح أمريكا والغرب. وعليه فإن مطاردة الإرهابيين يجب أن تستمر دون إعاقة في كافة الأماكن التي يحتمل تواجدهم فيها والعمل بحرية للتخطيط والتنفيذ دون مضايقات.
وحيث ذاك، فإن الضغط الأمريكي على الدولتين الحليفتين، والمقلقتين، ظل على أشده، مع فارق الاختلاف في التوقيت.
* السير في الإتجاه ذاته
بالنسبة لباكستان (التي تتلقى مساعدات عسكرية ومالية كبيرة من أمريكا، بلغت قرابة ملياري دولار في العام المالي 2007) كان الأمر بحاجة إلى تخريج مناسب للتعامل مع القلق الأمريكي المتزايد من توسع وانتشار تنظيم القاعدة.
وهنا يكشف تقرير خاص نشرته مجلة النيوزويك الأمريكية، موقف الرئيس الباكستاني. وجاء فيه الأتي: "في باكستان، كان الرئيس برويز مشرف حذراً من حلفائه الأمريكيين في الحرب على الإرهاب. قال لمسؤول بريطاني رفيع المستوى عام 2002 "أكثر ما يقلقني هو أن تتخلى الولايات المتحدة عني ذات يوم. فهي تتخلى دائما عن أصدقائها". وبحسب هذا المسؤول الذي رفض الإفصاح عن هويته في معرض كشفه لكلام أُسًرّ إليه، ذكر مشرف انسحاب الولايات المتحدة من فيتنام في السبعينات ولبنان في الثمانينات والصومال في التسعينات من القرن الماضي. ومع ذلك، سارع إلى منح الأمريكيين حرية العمل داخل باكستان. لم يطلب إعطاء موافقة مسبقة للسماح لطائرات بريدايتور بشن هجماتها، وسمح للقوات الأمريكية بتنفيذ "مطاردات ساخنة" ضمن مسافة خمسة كيلومترات أو أكثر داخل الحدود". (نيوز ويك: بتاريخ 4/9/2007 - تقرير خاص تحت عنوان: تبخروا في الهواء. حول فشل البحث والقبض على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وقيادات التنظيم).
يبدو – لدى متابعين – أن ما حدث في باكستان شبيهاً إلى حد ما بما يحدث اليوم في اليمن، مع فارق أن الأخيرة ظلت تتلقى مساعدات أمريكية ضئيلة جداً مقارنة بما تتلقاه دول حليفة أخرى (في الحرب العالمية ضد الإرهاب)، كأفغانستان، وباكستان.
فاليمن – وقبل التركيز عليها مؤخراً بشكل ملفت – لم تكن المساعدات الأمريكية المقدمة لها تتجاوز 27 مليون دولار سنوياً. هذا المبلغ قررت أمريكا مضاعفته مؤخراً إلى 70 مليون دولار، فيما أكد بترايوس أن بلاده تنوي مضاعفة تمويل مساعداتها الأمنية لليمن، إلى أكثر من 150 مليون دولار.
ويأتي ذلك بعد التركيز الدولي على اليمن، الذي تزايد خلال الأسابيع القليلة الماضية نتيجة الضربات الجوية الأخيرة ضد تنظيم القاعدة، والعملية التي قام بها النيجيري عمر فاروق من محاولة تفجير طائرة كانت متجهة إلى ديترويت عشية ليلة السنة الميلادية.
لكن، ومع ما نقلته تقارير غربية تحدثت عن ضآلة تلك المساعدات المالية الأمريكية المقدمة لها، إلا أن اليمن كما يبدو – وبحسب تقارير غربية أيضاً - وافقت على توسيع تعاونها مع الولايات الأمريكية، والسماح لها بتنفيذ ضربات جوية عبر طائرات من دون طيار كما فعلت باكستان. مع ما يشدد عليه الجانب اليمني من نفي ذلك بتأكيده القيام بعملياته عبر القوات الجوية اليمنية.
فبحسب مقال نشرته مجلة نيوزويك الأمريكية مؤخراً، فإن اجتماعاً ضم الرئيس اليمني بالجنرال ديفيد بترايوس، في يوليو، من أجل التنسيق أكثر في استراتيجية مكافحة الإرهاب، وأكد المقال أنه "وفي سياق البرامج الجديدة، وافق صالح وبترايوس على السماح باستخدام طائرات أمريكية، على الأرجح طائرات من دون طيار، وكذلك "الصواريخ المحمولة بحراً"، شرط أن تحظى هذه العمليات بموافقة مسبقة من اليمنيين، كما يقول مسؤول يمني كبير طلب عدم الإفصاح عن هويته في معرض حديثه عن مسائل حساسة". (نيوزويك: العدد 19 يناير 2010 – مقال للكاتبان: كيفن بيراينو ومايكل هيرش).
وبحسب المقال نفسه، "يقول المسؤولون الأمريكيون إن جزيرة سقطرى التي تقع على بعد مائتي ميل من الساحل اليمني، سوف تتحول من مهبط جوي صغير إلى قاعدة كاملة من أجل دعم برنامج المساعدات المعزز ومحاربة القراصنة الصوماليين. ويحاول بترايوس أيضا تزويد القوات اليمنية بمعدات أساسية مثل مركبات "هامفي" المصفحة وربما المزيد من المروحيات."
وإذ زعمت تقارير غربية متطابقة أن الاتفاق تضمن شرطاً يمنياً بجعل تلك العمليات (فيما يتعلق بمشاركة الطائرات من دون طيار الأمريكية) طي الكتمان والسرية، إلا أن مسئولاً أمريكياً في صنعاء - أثناء حديث شخصي ضمن جلسة خاصة – قلل من تلك المزاعم. وبدبلوماسية فضل الإحالة إلى تصريحات الرئيس أوباما، والجنرال بترايوس، حول نفي المشاركة العسكرية في اليمن.
بالمقارنة: حتى في باكستان كان الأمر متفقاً عليه بشكل سري بين الرئيس السابق برويز مشرف، وبين الجانب الأمريكي. ولذا "حين حققت طائرات بريدايتور بعض النجاحات، لاسيما قتل أبو حمزة ربيع وهو رئيس عمليات آخر في القاعدة - خلف الليبي - عام 2005، لفقت الحكومة الباكستانية -من أجل تغطية التدخل الأمريكي- رواية مفادها أن ربيع فجر نفسه أثناء اختبار متفجرات". (نيوز ويك: 2007/9/4).
للتذكير: في اليمن أيضاً، وفي نوفمبر من العام 2002، نفذت طائرة تجسس أمريكية (من دون طيار) عملية نوعية في صحراء محافظة مأرب، اغتالت فيها القيادي في القاعدة أبو علي الحارثي، وستة من رفاقه. وفي ذلك الحين نسبت السلطات اليمنية العملية لقواتها الجوية، غير أن مسئولين أمريكيين في الخارجية والبنتاجون كشفوا لاحقاً أن العملية نفذت من قبل الجانب الأمريكي بواسطة إحدى طائراتهم التي توجه من على بعد (طائرة تجسس من دون طيار)، الأمر الذي كاد - أو - تسبب بأزمة دبلوماسية قصيرة بين الدولتين، كون الجانب الأمريكي أحرج الجانب اليمني، عندما أخل باتفاق الإبقاء على العملية سرية. لكن الأمر مع ذلك مر داخلياً وكأنه رأس دبوس صغير، أصاب السيادة اليمنية، بينما أنه في الجانب الآخر، ساعد على ترميم ثقة الأمريكيين بقوتهم العظمى، التي حطت من كبريائها عمليتا: نيويورك/ 11 سبتمبر 2001، واليمن/ كول 2000.
لقد حققت تلكما العمليتان نجاحاً كبيراً. وعليه يقارن الدبلوماسي الأمريكي في اليمن – الذي كان يتحدث بشكل شخصي - بين تلك العملية التي تمت في اليمن ونجحت في أهدافها (مقتل أبو علي الحارثي ورفاقه) وبين الضربات الجوية الأخيرة التي لم تحقق أهدافها الرئيسية في قتل قيادات القاعدة المستهدفين. وهو ما يعتقد أنه ينفي فرضية التدخل الأمريكي في الضربات الأخيرة، قياساً بدقة الضربات الأمريكية.
لكن الأمر قد لا يكون على هذا النحو. إذ من الممكن أن تخطأ طائرات البريدايتور الأمريكية أهدافها، وذلك في حالة عدم دقة المعلومات الاستخباراتية على الرغم من التقدم التكنولوجي الضخم الذي تتمع به أمريكا.
ففي باكستان، في يناير 2006- وبحسب تقرير النيوزويك (4 – 9 – 2007)- أطلقت طائرة بريدايتور صاروخ هلفاير على منزل في باكستان من المفترض أن الظواهري كان يعقد اجتماعاً فيه. ومجددا، لم تكن المعلومة الاستخباراتية جديرة بالثقة: لم يكن الظواهري هناك، لكن أكثر من 12 مدنياً قُتلوا.
* ما قد يحدث لاحقاً
إذا افترضنا دقة تلك المقارنة، والتشابه الذي يمكن أن يكون صحيحاً – وربما كان مجرد تكهنات – فإن الأمر قد لا يطول كثيراً في اليمن، وخصوصاً مع مزيد من الأخطاء، كتلك التي رافقت الضربات الجوية الأخيرة، وألحقت بها سمعة سيئة. وإن كان كثيرون يرون أن نجاح تلك الضربات يجب أن ينظر إليه من الجانب الإيجابي؛ أنها تعكس أمرين مهمين: الأول: حرص الجانب اليمني على مواصلة استهداف قيادات التنظيم، وبالتالي التضييق عليهم ومنعهم من العمل بحرية والتواصل للتخطيط والتنفيذ. الأمر الثاني: أنها تكشف قوة العمل الاستخباراتي الميداني – على الأقل - من خلال معرفتها بتحركات قيادات التنظيم.
لن يطول الأمر، بسبب ما يمكن أن تكشفه الأيام القادمة من معلومات حول المشاركة الأمريكية، وبالتالي محاولة تجنب الغضب الشعبي الذي من المتوقع أن يزداد كلما زادت الأخطاء وقتل المدنيين. تؤكد التجربة أن الأخطاء ترفع من ميولات القبائل، والمتدينيين لمزيد من التعاطف مع تنظيم القاعدة.
في باكستان، يؤكد تقرير المجلة الامريكية (نيوز ويك) أنه وبحلول عام 2006، "كان مشرف قد بدأ يسأم. كان التركيز الأمريكي على أفغانستان يتلاشى، والحرب في المناطق القبلية مكلفة من حيث الضحايا والشعور العام، وبدأ الجهاديون ينتشرون في المدن، وقرر الرئيس الباكستاني تقليص خسائره. وفي سبتمبر 2006 وقعت حكومته المحلية اتفاق سلام مع المقاتلين القبليين".
حينها – يواصل التقرير - لم تتردد القاعدة في تثبيت وجودها، وراح الجهاديون يتبخترون بوقاحة في وزيرستان ويجرون "المجرمين" في الشوارع. وسرعان ما أظهرت صور الأقمار الاصطناعية الأمريكية أرتالاً من الجهاديين الأجانب الذين غلفوا أقدامهم بأكياس بلاستيكية للوقاية من الثلج، يعبرون الحدود الباكستانية في اتجاه أفغانستان. وقد أنشأ جزائري معروف ب "صانع القنابل"، وهو مقاتل قديم متمرس في العراق، مشغلاً لتعليم الجهاديين كيفية صنع متفجرات بدائية. حكم المقاتلون المحليون من خلال الاغتيال والترهيب. وقد وصف المسؤول العسكري الغربي المتمرس الذي قابلته نيوزويك كيف قتلوا تاجراً مسكيناً وعائلته بكاملها لمجرد أنه باع بطيخاً أحمر للشرطة المحلية. وتابع: "تخيلوا ماذا سيفعلون بالشخص الذي يشي بأسامة".
ويقول أنه وفي أواخر 2006 ومطلع 2007، "توجه صانعو سياسات أمريكيون قلقون، لاسيما نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع روبرت غيتس، إلى باكستان لإقناع مشرف بتجديد عملياته العسكرية على طول الحدود. قال تاونسند المسؤول عن مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض: "لا شك أن اتفاق السلام خيّب ظن باكستان وخيّب ظننا أيضا". كان الرئيس الباكستاني في وضع صعب يجازف بنظامه المتزعزع وغير الشعبي إذا قمع الجهاديين ويجازف به أيضا إذا لم يفعل".
لقد وصل الأمر أن عجز "مشرف" عن مواصلة دوره كرئيس لدولة إسلامية وكحليف لأمريكا في الوقت ذاته، الأمر الذي أجبره لاحقاً لتقديم استقالته. هل يمكن أن يصل الأمر في اليمن إلى هذا الحد؟ من اللازم النظر إليه على ذلك النحو. قد لا تتشابه الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية والديمقراطية بين البلدين، لكن الواجب يحتم التعامل مع الأمر بحذر شديد.
* ما يمكن أن يكون حلاً مناسباً
مؤخراً زار وزير الدفاع الأمريكي باكستان. وتناقلت الصحافة معلومات تفيد إبرام اتفاق لإمداد باكستان 12 طائرة أمريكية من دون طيار.
ربما أن مثل هذا الحل قد يكون مناسباً للطرفين. فبالنسبة لأمريكا اعتبرت أن ما يقوم به الجيش الباكستاني مؤخراً أمراً جيداً. وقال جيتس للصحفيين إنه معجب جداً بهجمات الجيش الباكستاني ضد المتشددين في منطقة الحدود مع أفغانستان.
إن الأمر قد يكون على هذا النحو: إذا ما ثبت لديها أن هناك توجهاً جاداً لدى الدولة الحليفة في محاربة القاعدة، فإن أمريكا يمكنها أن توافق على منح طائرات البريدايتور الخاصة. كحل مناسب لتجنب الاحتكاك الذي يمكن أن يحدث نتائج عكسية من استخدامها من قبل الولايات المتحدة.
الرئيس الباكستاني "زرداري" بدى أكثر قوة من سلفه، حينما قام بعمليات ملاحقة كبيرة ضد المتشددين الإسلاميين على الحدود الأفغانية. لكن مواصلة شن هجمات من طائرات أمريكية بدون طيار، في تلك المنطقة، أدى إلى تنامي مشاعر العداء للسياسية الأمريكية، وخصوصاً بعد مقتل المئات جراء تلك الهجمات كان معظمهم من المدنيين.
لذلك صرح "زرداري" إن هذه الطائرات "تقوض الإجماع الوطني فيما يخص الحرب على التشدد، داعياً إلى إيجاد آلية تسمح باستخدام الجيش الباكستاني لهذه الطائرات وليس استخدامها من قبل قوات أجنبية". حسب ما نشره مؤخراً موقع البي بي سي البريطاني.
وقال الرئيس الباكستان، الخميس، إن انتقاد هذه الضربات من قبل الباكستانيين ستخف إذا استخدم الجيش طائرات بدون طيار. وأضاف "إن استخدام قوات الأمن الباكستانية للتكنولوجيا المتطورة في حربها ضد طالبان لن تكون له تداعيات سلبية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.