لايزال الجدل يحتدم بين أنصار الدكتور مرسي وأنصار الفريق شفيق في الخارج والداخل وعلى صفحات التواصل الاجتماعي الالكترونية وفي الحوارات الخاصة والعامة ليس فيما أتت به نتائج الانتخابات وحسب بل أيضا في سبب التصويت لكليهما. كل طرف يلوم الآخر بل يعتقد أن الآخر لا يفهم وزر ما فعل وليس على درجة عالية من الوعي والثقافة ليأتي بهذا أو ذاك. أنصار شفيق يعتقدون أنه هو الأفضل لضمان حياة مدنية بعيدة عن التطرف الديني كما أن مصر في حاجة الى قيادة قوية أو كما قال شفيق في آخر مؤتمر صحافي له"رجولة في القيادة!" أما أنصار الاخوان فمنهم من انتخب مرسي لأنه ُيعتبر انتصارا للثورة وتجاوزا لفكر النظام البائد وطيا لصفحة الماضي وكسرا لاحتكار العسكر الحكم وهناك بالطبع من اعتبر انتخاب مرسي وفوزه انتصارا للاسلام! ما لفت انتباهي حقا هو العبارة التي استخدمها البعض في شرحه لموقفه: "سأنتخب "الشيطان" لو خُيرت بينه وبين "الاخوان" أو "شفيق"..." ما يعني سأنتخب الشيطان ولن أنتخب شفيق أو مرسي! فكم يا ترى عدد الذين صوتوا للشيطان (مرسي) ومنافسه الشيطان (شفيق)؟ بحسبة تقريبية من نتائج الجولة الأولى حصل أحمد شفيق على 5 ملايين و505 ألف صوت انتخابي ومحمد مرسي على 5 ملايين و764 ألف صوت وحسب النتيجة غير النهائية التقريبية المعلنة في جولة الاعادة حصل شفيق على أكثر من 11 مليونا و846 ألف صوت بينما حصل مرسي على 12 مليونا و743 ألف صوت ما يعني تقريبا أن هناك أكثر من 6 ملايين صوت شيطاني لشفيق ونحو 7 ملايين صوت شيطاني لمرسي! في غياب أكثر من 25 مليون صوت لم تغرهم "حواء" بالاقتراب من الصندوق! إن الملايين الستة التي راهنت على شفيق من تلك الأصوات الشيطانية كان أغلبها يرتعد خوفا من مجرد كلمة "اسلاميين" معتبرين الحكم الديني للدولة المدنية رجوعا الى الماضي وتخلفا عن ركب الحضارة أما العدد الاجمالي وهو يقترب من 12 مليون ناخب فهو عدد كبير يمثل في رأي البعض وجه الثورة المضادة، فهل هذا العدد من المصريين ضد ثورة يناير وضد سجن مبارك وأعوانه ومع استمرار حكم العسكر؟ هل نفهم من هذا العدد بأن نحو 12 مليون مصري كان منتفعا من النظام السابق بكل فساده ومن ثم يتمسك به؟ هل نفهم أن هناك 12 مليون بني آدم مصري على استعداد أن يتحالفوا مع الشيطان (شفيق) ضد ثورة شعب سقط خلالها ضحايا أبرياء حتى يسقطوا "الاسلاميين"؟ هل 12 مليون بني آدم مصري على استعداد أن يتحالفوا مع الشيطان متناسين كيف كانت تعيش الأسرة المصرية الفقيرة أيام شفيق ومبارك؟ هل يمكن لهذه الأصوات الشيطانية أن تنسى كل موبقات النظام الماضي خوفا من الاسلاميين؟ هل يمكن أن تنسى تلك الأصوات حجم الفساد وانهيار البينة التحتية والتعليم والصحة وتكدس الثروة في أيدي رجال أعمال مبارك وصعود "أبناء" مبارك و"زوجته" ليحكموا ويصولوا ويجولوا في كل أنحاء مصر؟ هل هناك 12 مليون مصري على استعداد ليعيدوا انتاج النظام السابق بكل تفاصيله وغطرسته وجهله خوفا من "الاسلاميين"؟ لكن ماذا عن ال 7 ملايين الذين صوتوا للشيطان (مرسي)؟ إن "الاخوان" شاركوا في الثورة. صحيح أخطأوا بالفعل والقول وأربكوا طبقات الشعب بتصرفاتهم "الصبيانية" أحيانا لكنهم من "لُحمة" الشعب. هذه الأصوات الشيطانية رأت في شفيق اهانة للثورة والثوار واعادة انتاج لنظام سابق فاسد بكل معنى الكلمة، كثيرون منهم يريدون فصل الدين عن الدولة، لكنهم من فرط رغبتهم في تجاوز الماضي وضيقهم من صورة "شفيق" التي لا تختلف كثيرا عن صورة "مبارك" حتى في التصريحات والحركات والغطرسة والتاريخ العسكري والمهني، صوتوا للشيطان (مرسي)، واحتراما أيضا لضحايا الثورة الأبرياء... لكن ماذا لو أفسد "الاخوان" وحنثوا بعهودهم كما فعلوا من قبل؟ الوضع المثالي لكثير من المصريين ألا يكون أي من الطرفين مرشحا من الأصل! لكن وجود مؤسسات الدولة القوية مثل الجيش والأجهزة الأمنية خارج دائرة "الاسلام هو الحل" تحمي الدولة من نفسها، كما لو ترك "الاخوان" يعملون في وضح النهار أفضل من أن يعملوا كخلايا نائمة؟ من الأفضل للجميع أن يمنحوهم فرصة فلو أحسنوا الخير لمصر ولو أفسدوا ثارت مصر بكل مؤسساتها ضدهم وليس فقط الثوار أصحاب الثورة والفضل في التغيير.