عدم التراجع عن الخطوات والمواقف السابقة بدا بمثابة عنوان لخطاب عبدالملك الحوثي، لكنه ليس عنوانا لموقف التحالف الذي يشكله مع صالح. قبل خطاب الحوثي، أعلن المؤتمر الشعبي العام موقفا إيجابيا للغاية يمكنه أن يشكل نقطة إنطلاق لحلحلة الوضع الراهن وتحويله من الاحتكام لفوهة المدفع الى الاستماع لفم السياسة والحوار. المؤتمر، في بيانه الصادر أمس، أعلن استعداده للتعامل الايجابي مع قرار مجلس الأمن كما رحب بدعوة أمين عام الأممالمتحدة بان كي مون لكافة الأطراف المتحاربة والقائلة بضرورة إيقاف العمليات الحربية فورا والعودة الى طاولة الحوار من أجل الخروج بحل سياسي. هذا موقف سياسي ناضج من المؤتمر، ويحتاج الى تلق سياسي ناضج من الطرف المقابل. ويفترض بخصوم صالح والحوثيين المحليين تحديدا التعامل مع هذا الموقف بايجابية ومحاولة التأثير إيجابا على القرار السعودي وحلفائها في عاصفة الحزم بدلا من تحريض الرياض على مواصلة تعنتها في رفض العودة إلى طاولة الحوار. بيان المؤتمر قد يقرأ باعتباره بيان اللحظات الأخيرة، لحظات ما قبل استسلام تحالف صالح والحوثي. لكن هذه ستكون قراءة عمياء عن وقائع الأرض وخرقاء في فهم هذه الوقائع. إذ أنه، وحتى لو سلمنا جدلا بأن الضربات الجوية قد ألحقت بقوات صالح والحوثي خسائر كبيرة وفادحة أرغمت الأول على إصدار بيان اليوم عبر واجهته السياسية، فإن الحقيقة أن هذه الخسائر مهما بلغت لم تصل بصالح والحوثي بعد الى الهزيمة أو حتى الى لحظات ما قبل الهزيمة. فالواقع على الأرض ما يزال في جانب تحالف صالح والحوثي اللذين لم تتمكن عاصفة الحزم حتى الآن من إخراج قواتهما من أي مدينة أو منطقة دخلتها في الجنوب أو الشمال. لم ينهزم صالح والحوثي بعد ولن يتسنى لأحد القول أنهما على وشك الهزيمة وهما ما يزالان صامدين في مواقعهما على البر. ما من حرب تغلق كل أبواب الحوار السياسي إلا الحروب العدمية والعبثية الهادفة الى تدمير البلدان، إن صح أن هناك حروبا تستحق وصفها بالعدمية والعبثية.