أثمرت العواصف السياسية والعسكرية حالة "تعليق" عام، فكل شيء عالق إلا "العاصفين". المواطنون عالقون في المطارات والأقطار الشقيقة والصديقة. ومواطنون غيرهم عالقون في قراهم اليمنية غير قادرين على العودة إلى عواصم كثير من المدن ليمارسوا أعمالهم بشكل طبيعي بسبب الأوضاع غير الطبيعية. وفي المدن الحركة اليومية الطبيعية معلقة بسبب شح الوقود والغاز. والقمامة عالقة في الطرقات الفرعية والشوارع الرئيسية تخلق آثاراً أخطر على المدى البعيد مما تخلقها مضادات الطائرات، وصواريخ العواصف. والمرضى والجرحى عالقون في المشافي للتشافي، والأطباء عالقون أمام الحالات المستعصية. والمحاكم مغلقة والقضايا مُعلّقة، والقضاة عالقون لا يحكمون ولا يبتون في أمرٍ من الأمور وشأنٍ من الشؤون المعلقة. ودوائر الأمن وأجهزة الإطفاء عالقة، والكهرباء مضروبة والمهندسون عالقون في محيط أبراج الكهرباء المجني عليها -والمغضوب عليها أبداً- يعجزون عن إنارة الحياة. والدراسة معلقة، والأطفال عالقون في رقاب آبائهم وأمهاتهم. وربات البيوت عالقات غير قادرات على تدبير أمور المنزل بشكل اعتيادي. وأرباب الأسر عالقون في دورهم ما لم يطرأ طارئ يستفز خروجهم لنجدة المنزل وتلبية الحاجيات الأساسية أو الوقوف على عتبات الصرافات الآلية التي قد تُعلّق هي الأخرى لسبب صناعي أو تقني أو بشري أو.. أو.. والتجار والاقتصاديون عالقون في متاجرهم ومكاتبهم يحسبون الكلفة الباهظة لأعمالهم وحساباتهم "المُعلّقة" هي الأُخرى. والصحفيون وصحفهم عالقون بسبب الظروف المعيشية والكهربائية والمادية العامة. والمحللون السياسيون عالقون في أبواب الفضائيات والصحف ليدلو بدلوهم عن علمٍ وعن توجيه، وعن جهلٍ وعن تطوع. ومواطنون عالقون في أسواق القات لأنهم متعلقون ب"علاقي" القات! والعناصر الفاعلة في المجتمع الإقليمي والدولي عالقون أيضاً على بوابة الخروج من المأزق اليمني. ورجال الميليشيات عالقون على بوابة مخازن السلاح لملء جعبهم ومواصلة الاقتتال السياسي. وكثيرٌ من السياسيين عالقون على أبواب التاريخ ونوافذه عساهم وسط هذا "التعليق" العام يُذكرون بخير. تخيلوا أنهم بعد كل ما فعلوا، ينتظرون دخول التاريخ ثم ذِكرهم بالخير! ومع أن كل الأوضاع في اليمن معلقة، حتى غدا اليمن البلد "المُعلّق"، تستمر الحياة. ومع شحن المشاعر بغضاً داخلياً وخارجياً، و"تعليق" الذكريات والمشاعر الطيبة. ومع تواصل العواصف وأنفاس اليمنيين "ما تعلقت الأعيادُ والجُمعُ"!