صدقوني لو قلت لكم بأن حمارنا – حمار الشعب – حمار طيب، صبور، قنوع، خدوم، محب، مسالم، ومتسامح، وهو ليس بحزبي ولا بسياسي، قلبه لا يعرف الحقد فضلا عن إنه لا يحلم بالسلطة ولا يطمع بالوصول إليها وإنما كان ولم يزل يحلم ويطمح في الوصول إلى حقه في الشعير وفي النهيق. بمعنى آخر، فإن حمار الشعب يريد فقط إن يُحسك وينهق كأي حمار عادي.. وكل من يضمن له الحسيك والنهيق فليركب على ظهره ما شاء له أن يركب. وصدقوني للمرة الثانية – لو قلت لكم سراً – وهو أن حمار الشعب لم يرفع شعار: الشعب يريد إسقاط النظام، وإنما هناك من استغل جوعه ومعاناته وركب فوق ظهره ورفع هذا الشعار عاليا. ذالك أن حمار الشعب لا يفهم لغة الشعارات.. إنه يفهم فقط لغة الشعير، وقد كان دائما وفي كل المنعطفات حيث وعند تشكيل الحكومات يرفع الشعير له مطلباً ويأمل في الحصول على قدر منه ليساعده على حمل راكبه ومواصلة المشوار. غير أن كل حكومات الحصان كانت تتجاهل مطالب حمار الشعب.. وكان ثمة حكومات تتأفّف وتتعإلى وترد على مطلبه هذا بالقول : - ألا يكفي هذا الحمار أنه ينهق بصوت عال ويزعجنا بنهيقه ! ألا يكفي أننا نتحمل سماع صوته الكريه ! لقد سمحنا له بحرية النهيق فماذا يريد أكثر من ذلك؟ وصدقوني لو قلت لكم سرا آخر وهو أن حمار الشعب كان على استعداد أن يتخلى عن حقه في النهيق ويلوذ بالصمت ويتوقف عن إزعاج حكومات الحصان فيما لو لبّت هذه الحكومات مطالبه ومكّنته من الشعير ومن الحسيك.. لكنها للأسف لم تفعل. ومن منكم يعود إلى كتابي : ( حكومة الحصان ووصايا الحمير) سوف يجد أن الوصية العاشرة من وصايا الحمير العشر تقول ما يلي: على الحصان أن يعرف بأن خطوته بألف خطوة من خطواتنا نحن معشر الحمير وأن كبوته بألف كبوة من كبوات الحمار..