متابعات أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا السبت أن 101 مركز اقتراع من إجمالي 1554 لم يفتح أبوابه بسبب أعمال تخريب، وخصوصًا في شمال البلاد. وقال رئيس المفوضية نوري العبار إن "94% من مراكز الاقتراع فتحت أبوابها"، موضحًا أن العملية الانتخابية بدأت في 1453 مركزًا من إجمالي 1554. وكانت مكاتب التصويت فتحت ابوابها في الساعة الثامنة (6,00 ت غ) صباح السبت في ليبيا، لانتخاب اول مجلس وطني بعد عهد القذافي، في اجواء فرحة على رغم وضع يشوبه التوتر واعمال العنف خصوصا في الشرق، ولم تفتح عدد من مكاتب التصويت ابوابها في شرق ليبيا بسبب عراقيل تسبب بها ناشطون من دعاة الفدرالية يطالبون بتوزيع افضل لمقاعد المجلس بين المناطق، كما قال مسؤولان. واضاف هذان المسؤولان ان مكاتب التصويت المعنية موجودة في اجدابيا التي تبعد 60 كلم جنوب غرب بنغازي، كبرى مدن الشرق، وفي مدينتي جالو واوجلة في جنوب شرق ليبيا. ناخبة ليبية تدلي بصوتها وبعد ثمانية اشهر على انتهاء النزاع المسلح الذي افضى الى سقوط ثم مقتل معمر القذافي الذي حكم البلاد بلا منازع اكثر من اربعة عقود، دعي حوالى 2,7 مليون ليبي من اصل ستة ملايين الى اختيار "مؤتمر وطني عام" يتألف من 200 عضو، حيث يأمل الاسلاميون في تحقيق الفوز نفسه الذي حققه جيرانهم التونسيون والمصريون. وفي طرابلس وبنغازي، كبرى مدن الشرق الليبي مهد ثورة 2011، شهدت مكاتب التصويت تقاطر الناخبين المتشوقين للمشاركة في اول انتخاب وطني منذ حوالى نصف قرن. وقالت فوزية عمران (40 عاما) إحدى النساء اللواتي ينتظرن امام مكتب التصويت في مدرسة علي عبدالله وريث في قلب العاصمة الليبية "فرحي لا يوصف. هذا يوم تاريخي". واضافت "لقد اخترت، وآمل في اني قمت بالاختيار الصحيح". وجاء بعض الناخبين حاملين اعلام الثورة السوداء والحمراء والخضراء، فيما كانت مكبرات الصوت في المساجد تبث "الله اكبر"، ويطلق العنان لابواق السيارات في الشوارع. وعمت اجواء الفرح بنغازي ايضا على رغم الدعوات الى المقاطعة وتخريب الانتخابات التي اطلقها انصار الفدرالية في الشرق الذين ينتقدون توزيع المقاعد في المجلس المقبل (100 مقعد للغرب و60 للشرق و40 للجنوب). عاملون يجهزون مراكز الاقتراع وقالت هويدا عبد الشيخ (47 عاما) التي كانت من اوائل اللواتي ادلين بأصواتهن "لدي شعور بأن حياتي ذهبت سدى حتى الان، لكن حياة اولادي ستكون افضل. فكل ما يحتاجون اليه، هو الحافز، واعتقد ان المسؤولين الجدد سيؤمنون هذا الحافز". واوضح الشرطي يوسف عامر علي في بنغازي انه ادلى بصوته "من اجل السلام والامن" آملا "في ان يحقق جميع الليبيين احلامهم في هذا البلد الجديد". وقال علي عبدالله درويش (80 عاما) الذي حضر على كرسي متحرك "اشعر اني مواطن حر، هذا يوجز كل شي". واشار الى انه لا يستطيع ان يتذكر المرة الاخيرة التي دعي فيها الى الادلاء بصوته. وستبقى مراكز التصويت مفتوحة حتى الساعة 20,00 (18,00 ت غ)، على ان تعلن النتائج الاولية "ابتداء من الاثنين او الثلاثاء"، كما تقول اللجنة الانتخابية. ومع تنافس 3702 مرشح واكثر من مئة حزب، تبدو التوقعات صعبة، لكن ثلاثة من الاحزاب تعتبر الاوفر حظا وهي اسلاميو حزب العدالة والبناء المنبثق من الاخوان المسلمين واسلاميو الوطن الذين يتزعمهم القائد العسكري السابق المثير للجدل في طرابلس عبد الحكيم بلحاج والليبراليون المنضوون في تحالف اطلقه رئيس الوزراء السابق للمجلس الوطني الانتقالي (الحاكم) محمود جبريل. عاملات يدققن أسماء الناخبين وحصلت توترات هذا الاسبوع في الشرق، وبلغت ذروتها الجمعة بمقتل موظف في اللجنة الانتخابية لدى اطلاق النار من سلاح خفيف على مروحية كانت تنقل لوازم انتخابية في منطقة الحواري جنوب بنغازي كبرى مدن الشرق التي تبعد الف كلم عن طرابلس. ولم يفتح عدد من مكاتب التصويت ابوابه السبت في شرق ليبيا بسبب عراقيل تسبب بها ناشطون من دعاة الفدرالية يطالبون بتوزيع افضل لمقاعد المجلس بين المناطق، كما قال مسؤولان. واضاف هذان المسؤولان ان مكاتب التصويت المعنية موجودة في اجدابيا التي تبعد 60 كلم جنوب غرب بنغازي، كبرى مدن الشرق، وفي مدينتي جالو واوجلة في جنوب شرق ليبيا. ومساء الخميس، طلب مؤيدون للفدرالية في الشرق من بضعة مرافىء نفطية مهمة في المنطقة وقف عملياتها حتى نهاية الانتخابات. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال احد قادة المحتجين ابراهيم الجزران، "اوقفنا السدرة والهروج والزويتينة والبريقة والحريقة للاحتجاج على توزيع المقاعد في المؤتمر" الذي سينتخب السبت. أنصار الفيدرالية دعو لمقاطعة الانتخابات واضاف "سنواصل تظاهراتنا حتى مساء السبت. واذا لم تعمد السلطات الى اعادة النظر في توزيع المقاعد، سنفكر في اجراءات اخرى". وعلى بعد الف كلم من طرابلس، كانت بنغازي طوال اشهر عاصمة التمرد الذي اندلع في شباط/فبراير 2011 وتحول نزاعا مسلحا ادى بفضل مساعدة عسكرية دولية الى سقوط طرابلس في آب/اغسطس ومقتل القذافي في تشرين الاول/اكتوبر. وحرصا منه على تهدئة غضبهم، عمد المجلس الوطني الانتقالي الى نزع واحدة من ابرز صلاحيات المؤتمر الوطني المقبل، وهي تعيين اعضاء اللجنة المسؤولة عن صياغة الدستور الجديد. واكد المجلس الوطني الانتقالي ان انتخابا جديدا سيجرى لتشكيل اللجنة، وان كلا من المناطق الثلاث سترسل اليها عشرين عضوا، معلنا عن تعديل في هذا الصدد للقانون الانتخابي. وستقتصر مهمة "المؤتمر الوطني العام" الذي سينتخب اعضاؤه السبت، على اختيار حكومة جديدة وادارة مرحلة انتقالية جديدة وخصوصا اعداد القانون الذي سيجرى بموجبه انتخاب اللجنة التأسيسية. "الحمد لله لأنه سمح لي برؤية هذا اليوم!" بهذه العبارة يختصر الثمانيني حسين عزيز شعوره اثر ادلائه بصوته في طرابلس في اول انتخابات ديموقراطية تشهدها ليبيا بعد 40 عامًا من الديكتاتورية، بينما تعلو خارج المركز صيحات التكبير وزغردات النساء. ويضيف الثمانيني من على كرسيه المتحرك "اشعر انني مواطن حر"، رافعًا بفخر سبابته في الهواء، وقد غطاها الحبر الانتخابي الازرق، دلالة على ادلائه بصوته في هذه الانتخابات الاولى منذ اسقاط نظام العقيد الراحل معمّر القذافي. وفي طرابلس تجري الانتخابات في اجواء احتفالية عارمة، فالسائقون يطلقون العنان لأبواق سياراتهم في حين تصدح مآذن المساجد بصيحات التكبير والحمدلة. وقبل نصف ساعة من فتح صناديق الاقتراع أبوابها كانت طوابير الناخبين قد امتدت لمسافات طويلة أمام مركز الاقتراع في مدرسة عبد الله وارث، حيث دعي الناخبون لاختيار أحد الاعضاء ال200 في الجمعية التأسيسية التي ستتولى إدارة المرحلة الانتقالية. وأمام المركز الانتخابي وقف الناخبون الرجال في طابور رافعين العلم الليبي بألوانه الخضراء والحمراء والسوداء، علم الاستقلال الذي اعيد اعتماده اثر ثورة 2011، في حين وقفت النسوة في طابور خاص بهن في ملعب المدرسة. وتقول فوزية عمران (40 عامًا) "فرحتي لا توصف، انا فخورة بانني اول من صوّت" في هذا المركز، مشددة على انها ادلت بصوتها للشخص المناسب، وتضيف "آمل انني احسنت الاختيار". وكلما خرجت ناخبة من مركز الاقتراع تنهال عليها التبريكات والتهاني، وتتوالى على الألسن كلمة "مبروك، مبروك!". ولم تتمكن احدى هؤلاء الناخبات من حبس دموعها، وتقول وقد فرت دمعة من احدى عينيها "اليوم عيد لجميع الشهداء"، في اشارة الى القتلى الذين سقطوا خلال الاشهر الثمانية من النزاع المسلح الذي خاضه الثوار ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي. اما ناديا العبد، وهي معلمة مدرسة، فتقول "آمل ان اكون قد احسنت اختيار (المرشح). نريد اشخاصًا اياديهم نظيفة". من جهته ينكب عبد الكريم حسن، العضو في جمعية ليبية لمراقبة الانتخابات، على تدوين ملاحظاته عن سير العملية الانتخابية على مفكرة صغيرة. ويقول "حتى الآن كل شيء يجري على ما يرام. لدينا فقط ملاحظات على مخالفات صغيرة لا تؤثر حتى الساعة على العملية الانتخابية، وتتعلق هذه الملاحظات خصوصًا بعدم توافر وسائل خاصة بالمعوقين في مراكز الاقتراع". من جهتهم تجمع مئات الليبيين في ساحة الشهداء في وسط طرابلس للاحتفال بإدلائهم باصواتهم في هذه الانتخابات الحرة الاولى في بلادهم منذ عقود. وفي هذه الساحة يمتزج هتاف "ليبيا، ليبيا" باصوات ابواق السيارات، بينما يرسم الشباب اشارة النصر باياديهم المرفوعة في الهواء وعليها آثار الحبر الانتخابي الازرق، تحت الاعلام الليبية المرفرفة فوقهم. حول هذه الجمهرة انتشر العشرات من رجال الامن، تمامًا كما هي الحال في العديد من احياء العاصمة. ونصبت قوات الامن نقاط تفتيش عند تقاطعات الطرق الرئيسة ومداخل العاصمة. وعلى اثير إذاعة "راديو زون"، أول إذاعة ليبية ناطقة بالانكليزية، لا يختلف الأمر كثيرًا، فالأجواء احتفالية بامتياز: أغان وأناشيد وطنية وثورية ومذيع يقول "الكل قال إن الليبيين لن يتمكنوا من فعلها. كلا، هذا ليس صحيحًا. اليوم نبرهن للعالم أجمع أن دماء الشهداء لن تذهب هدرًا".