جميعنا يدرك حجم المصاعب التي تواجهها بلادنا وخطورة الأزمات والعواصف والأنواء التي تتعرض لها.. وجميعنا يفهم أن النهوض بهذه الأعباء ليس سهلاً ولكنه يحتاج إلى وقت ومثابرة وعطاء وافر.. ثم يحتاج، وهذا هو الأمر المفصلي، إلى تأنِ وتدرج في انسجام وتناغم مع حركية الواقع ومتطلباته وليس بإحراق المراحل والقفز عليها.. أما من يشطح أو ينطح أو يزايد فهو ليس أكثر من هاوٍ للإثارة وغاوِ لممارسة لعبة “برع” الشماتة على الصحف، كما هو “البرع” في الشوارع والساحات العامة..! فرسان الجُمل الثورية، الذين لا هم لهم سوى ترقب وترصد أية كبوة لقطار التسوية السياسية والوفاق الوطني حتى ينهالوا جلداً ورجماً هنا وهناك.. فمن دائرة الشماتة والتشفي إلى إثارة الفوضى والزوابع والتحريض، كأنهم خارج الواقع والظروف والتحديات ومخاضات التغيير العاصفة في هذه البلاد..لا يقدمون آراء ولا حلولاً أو مخارج للإسهام في العبور بالوطن إلى ضفة الانفراج والاستقرار، بل هم يجيدون تفخيخ المسيرة، وتسميم المناخ الوطني ليس أكثر..! هؤلاء للأسف يقتنصون الفرص في الحالات المؤلمة والمؤسفة ليجدوا فيها مادة غنية تسبح فيها أقلامهم وألسنتهم على غير هدى, بينما المكافحون في ميدان المواجهة ومعهم عامة الناس يكابدون الاحتراق ومرارة الألم. لا نعترض على أي نقد موضوعي بناء، ولكن نستغرب من هذه الحملة الشعواء ضد كل ما هو معقول والمطالبة بما هو فوق المعقول دون الأخذ بالحسبان بأننا نخوض مواجهات في خضم ثورة التغيير من العيار الثقيل، ينبغي معها الإمساك بشوكة ميزان التوافق الوطني وجوهر التسوية من جهة والسير على درب الثورة من جهة ثانية. وهي مسؤولية وطنية تقع بالدرجة الأولى على الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي لا يجب أن نبالغ ونطلب منه اليوم ما هو مستحيل وكأنما جاء على وطن ودولة جاهزة من الألف إلى الياء..! لقد جاء الرئيس هادي إلى قمة قيادة الوطن على تراكمات مهولة ومخيفة من المشاكل والأزمات الدراماتيكية العاصفة..! لم يرث دولة ولا مؤسسات ولا أجهزة ولا اقتصاداً ولا أمناً ولا حتى إنسان معافى..لا شيء..لاشيء، غير الانهيارات والحروب والدماء في صعدة وفي المحافظات الجنوبية وفي تعز وحتى في قلب العاصمة صنعاء..! فقليل من الواقعية.. وليتوقف كل من يحاول تحطيم مجاديف المسيرة ونفث سموم الإحباط في نفوس الناس.. بمعاول الهدم..! لنلتقِ – إذن - تحت سقف واحد مع الرئيس عبدربه منصور هادي الذي هو في الأصل ثائر وتشرَّب بروحية الثورة، وبالتالي تستمر ثورة التغيير بقيادته لمواجهة هذه التحديات بشكل جماعي، بدلاً من أن يغني كلٌ على ليلاه “مع أو ضد” وتذهب جهودنا وتضحياتنا هباءً منثوراً..! [email protected]