مسلك جديد في الدبلوماسية، لكنه للأسف لن يرضى به أحد غير السفير الفرنسي في صنعاء الذي وقف مهرجاً في حفل عشاء يصف الرئيس السابق بالديكتاتور هاتفاً "الشعب يريد إسقاط النظام".. إفراط السفير بالشرب سلوك شخصي، غير أنه حين يؤدي إلى أن يتحول الدبلوماسي إلى مهرج في حفل عام فإن تلك إساءة لعظمة فرنسا، وما تمثله من قيم حضارية وعراقة في تاريخ الدبلوماسية والموروث الإنساني السياسي والثقافي والأخلاقي. سلوك السفير الفرنسي الذي بدا أشبه بلطخة على قوس النصر تجاوز الأعراف الدبلوماسية وتحول إلى مفتٍ في ما لا يعينه، يزيف الحقائق ويقلب المفاهيم تطوعاً منه في الإساءة للعلاقة التاريخية بين البلدين والتدخل في الشأن اليمني الداخلي. لا نعتقد أن السفير من الجهل بدرجة لا يعرف من خلالها أن الرئيس السابق هو من قاد التحول السياسي في اليمن من حكم الفرد إلى الحزب الواحد ثم إلى الديمقراطية التعددية، مختصراً اثني عشر عاماً مسيرة المائة والثمانين عاماً التي احتاجتها فرنسا لإنجاز هذا التحول. وحظيت اليمن في عهده بأول انتخابات نيابية ورئاسية وحكم محلي ودستور يحمي الحقوق والحريات أكثر مما تضمن الدستور الفرنسي في خمسينيات القرن الماضي وكان أكثر ديمقراطية من شارل ديغول وأكثر جماهيرية. والرئيس السابق هو أول رئيس يمني يتخلى عن السلطة ويقيم في منزله دون انقلاب أو نفي، ومنع قادته العسكريين من أي استخدام للقوة وهو يصارع الموت وقال وشظايا التفجير الإرهابي لمسجد الرئاسة مغروزة في رئتيه للشعب اليمني: "أنا بخير ما دمتم بخير".. إذا كان السفير الفرنسي جاهلاً فلماذا يفتي، وإذا كان عالماً فلماذا يكذب، وإذا كان حديثه لن يقدم في الواقع ولن يؤخر فلماذا يتحدث، وإذا كان سلوكه لا يليق بسفير وصورة سيئة للدبلوماسية الفرنسية فلماذا يبقى ممثلاً لفرنسا العظيمة في اليمن.