في كل العالم العربي والإسلامي يُستدلُّ على قدوم شهر رمضان بظهور الهلال. أما في اليمن فإن المواطن يَستدلُّ على قدومه عند رؤيته لهلال الغلاء وهو يرتفعُ ويسطعُ عالياً في السماء. ومع أن اليمني العادي بحكم تديُّنه يفرح كثيراً بقدوم رمضان إلا أن التجار اليمنيين يفرحون بقدومه أكثر من غيرهم وتراهم يستقبلونه استقبالاً حاراً وذلك برفع الأسعار ورفع درجة حرارتها. غير أن التجار لا يفعلون ذلك عن جشع أو عن طمع وإنما عن حب وتقدير . ومن وجهة نظرهم أن هذا الشهر الفضيل الذي فضَّله الله على كل الأشهر يجب تفضيله وتمييزه وعدم مساواته بغيره، وأن أية مساواة له بأي شهر من الأشهر هو انتقاصٌ من قدره. لذلك تراهم يستقبلونه بحفاوة وبحرارة وبأسعار غير الأسعار.. أسعار عالية تليق بجلاله وجماله وترقى إلى مستواه. يقول الله تعالى في محكم كتابه: ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) ويقول التاجر اليمني : شهر رمضان الذي رفعنا فيه الأسعار وحققنا فيه الأرباح وكدّسنا فيه الأموال . و الواضح أن المواطن اليمني مثله مثل التاجر في استقبال الشهر الفضيل، إنه يستقبله بجوعٍ ونهم فتجده يندفع بحماسة إلى السوق ويشتري ما يلزمه وما لا يلزم من المواد الغذائية ثم تجده يهجم وقت الإفطار على المائدة وكأنه يخوض معركة مقدّسة وكأن المطلوب منه أن يهزم رمضان بسلاح التُخمة ويُلحق به هزيمة منكرة.