محمد الحمادي : في ظل ارتفاع صوت المجتمع الدولي حالياً بشعار «لا صوت يعلو على صوت محاربة الإرهاب، خصوصاً إرهاب داعش»، أرى أن قضايا مهمة تنزوي ويخفت صوتها، وتتوارى بعيداً عن بؤرة الاهتمام، وأعني بالتحديد، قضيتي اليمن وليبيا على الرغم من أن اليمن وليبيا يجب أن يكونا في قلب الاهتمام الدولي بمحاربة الإرهاب من منطلق إرهاب مليشيات الحوثي والمخلوع في اليمن، وإرهاب الجماعات المتناحرة في ليبيا، فهما مسؤولان بشكل مباشر عما تعانيه الدولتان العربيتان من دمار وخراب وانهيار.
في اليمن، اختفى تماماً، أو كاد يختفي أي حديث عن المفاوضات السياسية التي تحدث عنها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وحدد لها مواعيد عدة، كان آخرها الخامس عشر من نوفمبر، لكن الموعد مرّ من دون أي إشارة إلى هذه المفاوضات أو تحديد موعد آخر لها، وكان هناك ما يشبه غض الطرف من جانب المجتمع الدولي عن أزمة اليمن من أجل التفرغ للإرهاب الذي ضرب فرنسا بكل قوة مؤخراً. وعلى الرغم من أن العمليات العسكرية للمقاومة والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، تسير نحو الانتصار الحاسم وتحرير كامل التراب اليمني من الحوثي وعفاش، فإن الحكومة الشرعية اليمنية أبدت مرونة شديدة وموافقة أكيدة على التفاوض، بشرط أن يقبل الحوثي والمخلوع قرار مجلس الأمن الدولي 2216 بلا شروط، وقد قيل إن الانقلابيين وافقوا على القرار، لكننا لم نر أي تحرك تجاه هذا الحل السياسي المفترض. والحق الذي لا شك فيه، أن العالم إذا أراد الانتصار على الإرهاب، فإن عليه أن يتخلى عن الانتقائية والمعايير المزدوجة في التعامل مع التنظيمات الإرهابية، بمعنى أننا ننتظر من المؤتمر المزمع عقده في الأردن بشأن تصنيف وتحديد المنظمات والجماعات الإرهابية، أن يضم مليشيات الحوثي والمخلوع إلى القائمة الإرهابية، وأن يضم إلى هذه القائمة أيضاً جماعات أخرى ما زالت خارج التصنيف الإرهابي، وعلى المشاركين في المؤتمر إذا كانوا شفافين وجادين أن لا يتجاهلوا القائمة الإماراتية التي صنفت الجماعات الإرهابية بكل دقة، حتى أن هناك تنظيمات لم يتضح أنها إرهابية إلا الآن، وبعد فترة طويلة من ضمها إلى القائمة الإماراتية. وإذا تعامل المؤتمر الخاص بتصنيف وتحديد الجماعات الإرهابية مع الأمر بشفافية ونزاهة ومعايير موحدة، وبنظرة عالمية أشمل من النظرة الضيقة الفئوية والطائفية والاستخباراتية، فإنه سيعلن صراحة أن العمليات العسكرية للمقاومة والتحالف العربي في اليمن هي جزء أصيل من الحرب العالمية على الإرهاب، كما سيرى أن عمليات الجيش الوطني الليبي هي أيضاً حرب على الإرهاب، وأن عمليات الجيش والقوات المصرية حرب على الإرهاب، وساعتها سيكون التحالف العربي في اليمن تحالفاً ضد الإرهاب، وفي هذه الحالة سنقول حقاً إن العالم متوحد في الحرب على الإرهاب، وإن اليمن وليبيا وتونس والعراق وسوريا ومصر وفرنسا وبلجيكا، وكل دول العالم، هي جبهات مختلفة ومتباعدة في حرب عالمية واحدة ضد الإرهاب.