أتذكر قبل خمسه وعشرون عاما وعمري حينها لم يتجاوز سن الخمسة عشرعاما وبلادنا تحتفل بيوبيلها الفضي ... في ذلك الزمن الجميل شارك الكثير من فئات المجتمع احتفالات اليمن بهذا اليوبيل والمناسبة الوطنية الكبيرة من خلال المهرجانات الشعبية والعروض العسكرية والشبابية والطلابية وكنت ضمن المئات من الطلاب الذين شاركوا في العرض الشبابي الذي حضرة كبار المسئولين في الدولة وعلى رأسهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح ... وبالمناسبة يمثل عقد الثمانينات من القرن الماضي من أخصب الفترات وأهمها انجازا واستقرارا وتنمية في عهد و فترة حكم الرئيس صالح . في ذلك اليوبيل لم تكن هناك قنوات تلفزيونية فضائية ولاحتى قنوات أرضية غير قناة صنعاء التي كانت تحتفل هي الأخرى على طريقتها الخاصة من خلال عرض البرامج الوثائقية والحوارية إلى بث الأغاني والأناشيد الوطنية الحماسية وفي مساء كل يوم تقوم بعرض مصور لتلك الاحتفالات الجماهيرية التي كانت تنظمها مكاتب وفروع وزارة الثقافة والإعلام في جميع المحافظات ... وأتذكر في تلك الأيام ذلك البث الطويل لتلك الاحتفالات وكنا كمشاهدين على اختلاف أعمارنا نسر عند مشاهدة الضيوف والسواح الأجانب وهم يشاركونا احتفالاتنا ويتفاعلون مع الرقصات والأناشيد الحماسية الوطنية ... ولكن لطول الحفل نصاب أحيانا بالملل خاصة ونحن في انتظار انتهاءه لعرض مسلسل السهرة لنذهب بعدها للنوم وفي الصباح الباكر يذهب كلا منا إلى وجهته .. العمل , المدرسة ... كانت حياة بسيطة ولكنها حياة هادئة خاصة مع شعور الجميع حينها بالأمن والأمان الذي افتقدناه للأسف الشديد في أيامنا الصعبه هذه . بلادنا تحتفل اليوم بيوبيلها الذهبي بعد متغيرات وأحداث أليمه ووضع داخلي صعب... الشيء الايجابي الوحيد الذي يختلف اختلافا كبيرا عن ذلك الماضي الجميل هو ان الوطن اليوم يحتفل بيوبيله الذهبي بعد أن استعاد وحدته المجيدة وهو المنجز الأكبر لليمن بعد ثورتي 26سبتمبر و14اكتوبر .. وما دون ذلك فنحن نحتفل اليوم للأسف الشديد في وضع عام ما كنا في ذلك الحين نتوقع أو نتخيل أن نصل إليه ... انقسامات متعددة ومتشعبة , نفوس ضيقة , خصومات حادة , صراع مستمر ومتجدد , وفقر منتشر وفي توسع خطير , وفساد وإفساد متواصل , وجرائم لم تشهد لها اليمن مثيل في بشاعتها وأهدافها ودوافعها كنتيجة طبيعية للانهيار المخيف للمبادئ والقيم والعادات والتقاليد ... نحن كشعب صبور لانريد من هذه الحياة الكثير نريد فقط الأمن والأمان والاستقرار السياسي الدائم وإنهاء الصراعات العبثية إلى الأبد .. نريد حياة كريمة فقط .. فهل هذا التمني والمطلب الشعبي البسيط شيء كبير وصعب على من بيدهم أمرنا بعد الله عز وجل ؟!!!