رغم مخاوفها التي تكشف عنها بين الفينة والأخرى إلا أنها مازالت تمضي في إنجاز إجراءاتها الإعدادية والتحضيرية، وتبذل قصارى جهودها الهادفة إلى الوصول إلى المؤتمر الوطني للحوار الشامل.. اللجنة الفنية للحوار الوطني تمضي وتستمر في إنجاز مهامها وهي تدرك حجم التحديات الموضوعة أمامها وتلك التي يتم استحداثها من قبل بعض المشائخ والقيادات الحزبية السياسية منها والإعلامية، والتي تستهدف وضع العراقيل الهادفة أساساً إلى نسف الحوار قبل أن يبدأ والإضرار بالتسوية السياسية وبكل ما تم إنجازه حتى الآن من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقراري مجلس الأمن الدولي اللذين أكدا على إنجاح التسوية وضرورة الخروج الآمن من الأزمة السياسية اليمنية. اللجنة الفنية للحوار ورغم دعواتها لقيادات الأحزاب السياسية والوسائل الإعلامية بالكف عن الخطاب العدائي والعمل على تهيئة الأجواء والظروف الملائمة أمام الحوار الوطني.. إضافة إلى تحذيراتها المستمرة من استمرار التراشق الإعلامي وما يشكله من ضرر بالغ على ما تقوم به من إجراءات إعدادية وتحضيرية للحوار الوطني، إلا أن كل ذلك لم يجد آذاناً صاغية، وإذا بالخطاب العدائي يزداد ليصل في النهاية إلى التحريض على العنف والدعوة الواضحة للحرب والاقتتال!.. ولا شك بأن ما جاء في الكلمة التي ألقاها الشيخ صادق الأحمر في لقاء قبلي عقد مؤخراً بصنعاء يصب في هذا المنحى العدائي والتحريضي الذي حذرت منه اللجنة الفنية للحوار الوطني مراراً وتكراراً. ما قاله الشيخ صادق الأحمر فيه دعوة صريحة وواضحة للالتفاف على الحوار الوطني والإضرار بالتسوية السياسية، عوضاً عن أن ما حملته من مفردات تحريضية ودعوات للحرب والاقتتال هدفها في الأساس تأجيج المناطقية المقرفة بين أبناء الوطن الواحد الكبير، وزيادة الأحقاد والكراهية ودفع أبناء المحافظات الجنوبية إلى رفض الحوار.. إضافة إلى أن ما قاله فيه تعالٍ على الآخرين.. ليس من حق الشيخ صادق الأحمر التحدث باسم اليمنيين، وقبل ذلك ليس من حقه التحدث باسم الدولة؛ كونه لا يمثل مصدر قرار داخلها، فمن أعطاه هذا الحق؟ ولماذا اختار هذا التوقيت بالذات لقول ما قاله، لاسيما بعد أن قطعت اللجنة الفنية للحوار مشواراً طويلاً في إطار أعمالها، وتسعى جاهدة لتقريب وجهات النظر وإقناع القوى المتشددة والمتطرفة المنضوية في الحراك لدخول الحوار ومناقشة مجمل الإشكالات القائمة برؤى وطنية موحدة وتحت راية الوحدة اليمنية. ربما ما قاله الشيخ صادق الأحمر وتهديده بإعلان الحرب على ما أسماه «الجنوبيين» إن لم يدخلوا الحوار الوطني ودون شروط مسبقة هي إشارة إلى النقاط التي كان قد تقدم بها الحزب الاشتراكي اليمني، وتم قبولها من قبل اللجنة الفنية للحوار وإدراجها ضمن برنامجها العملي. وهو ما يعني أن التهديد ليس موجهاً لطرف وإنما لكل الأطراف بما فيهم الحزب الاشتراكي اليمني الحليف الاستراتيجي في اللقاء المشترك. كما أن ما قيل عن تراجع حزب التجمع اليمني للإصلاح عن تلك النقاط التي كان قد قبل بها مبدئياً تكشف مصداقيته هذه التصريحات والدعوات الواضحة للعنف والاقتتال. ليس من مصلحة الشيخ صادق الأحمر وغيره من قيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح تبني مثل هذه الدعوات أو المواقف؛ كونها تضر بالتسوية السياسية وتنسف التقارب بين مختلف القوى التي يفترض أن تشارك في الحوار الوطني، كما أنها تعيد اليمن واليمنيين إلى ما قبل التسوية والمبادرة الخليجية. اليمنيون ليسوا بحاجة إلى الخطابات الاستفزازية أو التصريحات العنترية في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن، وإنما بحاجة إلى خطابات عقلانية تقرّب ولا تنفر، توحّد ولا تشتت، تجمع ولا تفرّق.. خطابات تنظر إلى مصلحة اليمن الواحد الكبير أولاً وأخيراً.. [email protected]