كشفت وثيقة قديمة نُشرت على «الإنترنت» أخيراً، عن أن مؤسس جماعة التمرد الحوثية في اليمن المدعو حسين بدر الدين الحوثي، تلقى دروساً عن الجهاد أثناء التحاقه المبكر بالمدارس الخاصة التي أسسها «الإخوان المسلمون» في اليمن أواخر السبعينيات. وكانت مدارس «الإخوان» في اليمن تحمل اسم «المعاهد العلمية»، والتي تم إغلاقها فيما بعد أوائل التسعينيات، بعد ضغوط اجتماعية لتوحيد التعليم في اليمن وإنهاء مدارس «الإخوان»، التي كانوا يستغلونها لتربية الشباب واستقطابهم وتلقينهم المبادئ السلفية والإخوانية المتطرفة. ولم تتصاعد الضغوط لإنهاء الازدواجية في نظام التعليم باليمن وإغلاق مدارس الإخوان المتأسلمين، إلا بعد قيام الوحدة بين الشمال والجنوب بداية التسعينيات، حيث مارس الحزب الاشتراكي ضغوطاً في البرلمان لإغلاق معاهد «الإخوان»، وقبل ذلك كان «الإخوان» يسرحون ويمرحون ويسيطرون على شبكة هائلة من المعاهد الدينية، ومنها معهد «صعدة» الذي التحق به مؤسس الحوثيين، وتلقى فيه أول التعاليم التي دفعته للتمرد وانتهاج العنف ضد السلطة والمجتمع ورفع شعارات طائفية أصبحت جماعته تعرف بها وتتخذ منها راية.
الوثيقة التي تفضح الجذور الإخوانية للحوثيين عبارة عن بطاقة تثبت التحاق مؤسس الجماعة بمعاهد «الإخوان»، وعلى البطاقة صورته الشخصية وتاريخ التحاقه بمعهد صعدة العلمي سنة 1978. ويتحمل المخلوع «صالح» المسؤولية كاملة تجاه بروز العديد من جماعات الإرهاب في اليمن، بما فيها جماعة الحوثيين التي تشير مصادر عديدة إلى أنها كانت تتلقى دعماً من المخلوع في بداية نشأتها. كما أن المعاهد الإخوانية كانت تحظى برعاية نظام «صالح» طوال فترة حكمه، وكان يحاول تقليد الرئيس المصري أنور السادات الذي استغل «الإخوان» لضرب التيارات الأخرى.
ومعلوم أن حسين بدر الدين الحوثي الذي قاد بداية التمرد على القوات الحكومية اليمنية وهاجم الأراضي السعودية، قُتل في الجولة الأولى من الحروب الست التي خاضتها جماعته ضد القوات الحكومية اليمنية والسعودية في 2004. وهو الشقيق الأكبر لزعيم التمرد الحالي عبدالملك الحوثي. ونستنتج من هذه الوثيقة الصلات العميقة والجذور المشتركة بين الحوثيين وجماعة «الإخوان» في اليمن، ومدى ارتباط التطرف بمنبع واحد.
لقد اعتمد تيار «الإخوان» في اليمن على المدارس الدينية التي كانوا يلقنون الطلاب الملتحقين بها تعاليمهم، وينشرون في أوساط طلابها ما يحرض على العنف والإرهاب. وكان لتلك المعاهد نصيب كبير في رفد أفغانستان بأعداد من المتطرفين الذين شكلوا بعد ذلك تنظيم «القاعدة»، بينما كان نصيب الخريج حسين الحوثي تأسيس جماعة الحوثيين الطائفية المتمردة.
وعندما نجحت الحكومة اليمنية في إغلاق المعاهد سارع «الإخوان» لإيجاد بديل تمثل في جامعة «الإيمان» التي أسسها وأدارها القيادي الإخواني عبدالمجيد الزنداني الشهير بصلاته العميقة بزعماء الجهاد الأفغاني، كما يعتبره البعض الأب الروحي لابن لادن زعيم «القاعدة». والآن ظهرت حقائق عن صلة المدارس الإخوانية في اليمن بنشأة مؤسس الحوثيين حسين الحوثي، الذي بعد أن تشبع بفكر «الإخوان» عن الجهاد انتقل في أوائل التسعينيات إلى طهران لمواصلة تعليمه في الحوزات الشيعية، كما انتقل معه بعض المقربين منهم للدراسة في إيران على أيدي الملالي. ولا يزال بعض أفراد الحركة الحوثية يمتلكون حتى الآن مساكن في إيران تأوي بعض أقاربهم، كما تم دفن بعض قتلاهم خلال حرب التمرد الأخيرة في إيران التي حاولت استقبال بعض جرحى الحوثيين، وفشلت في معالجتهم ولم تمنحهم سوى قبور لدفنهم!
وليس غريباً اكتشاف مثل هذه الصلات بين الحوثيين و«الإخوان»، خاصة إذا عرفنا أن جماعة «الإخوان» ذاتها مثلت المنبع الأول الذي استفاد منه الخميني في إيران، وتذكر المصادر أن قيادات شيعية إيرانية زارت مقر «الإخوان» في مصر قبل سيطرة الخميني على الحكم بعقود عدة.
وبالنسبة لمؤسس الحوثيين، فقد تعلم في مدارس «الإخوان» ثم غادر إلى إيران وعندما عاد إلى اليمن قام بإعلان تمرده على الحكومة والشعب إلى أن قُتل عام 2004.