تمكّن العلماء من قراءة عقل رجل اعتُقد أنه يفتقد أي وعي بعد حادث إصابة في رأسه، ما فتح الباب لأسئلة كثيرة حول ما يعنيه أن يكون الفرد متحسِّسًا للعالم الخارجي وكيف يمكن علاج أناس يعيشون حالته. مكَّنت أجهزة الفحص "سكانر" الإنسان الذي هو في حالة خمود عقلي كامل من التواصل مع العالم الخارجي. وجاء ذلك بعد تمكّن العلماء من قراءة عقل رجل اعتُقد أنه يفتقد أي وعي بعد حادث إصابة في رأسه، وهذا ما فتح الباب لأسئلة كثيرة حول ما يعنيه أن يكون الفرد متحسِّسًا للعالم الخارجي، وكيف يمكن علاج أناس يعيشون مثل حالته.
وضمن هذا السياق تمكن رجل عمره 29 سنة من التواصل مع الباحثين عن طريق التفكير فقط معهم من خلال إعطاء أجوبة "نعم" و"لا" للأسئلة. علمًا بأن اعتقادًا ظل سائدًا بموت دماغ هذا الشخص منذ خمس سنوات بعد حادث سيارة. فباستخدام جهاز "سكانر" متطوّر خاص بفحص الدماغ تمكن الباحثون من استبيان أنه كان يفكر وأن من الممكن التواصل معه، على الرغم من أنه كان من المستحيل برهنة وجود أي قدر من التواصل عند سريره. وتحقق هذا التواصل مع العالم الخارجي للمرة الأولى منذ العام 2003 بالنسبة إلى هذا الشخص.
وجاء هذا الاكتشاف على يد فريق بريطاني- بلجيكي يقوده أدريان أوين من "مجلس البحوث الطبية" وحدة "علوم الإدراك والدماغ" في جامعة كمبريدج. وتلقى هذا الفريق الكثير من الإطراء من العاملين في الوسط الطبي في العديد من دول العالم. فالبروفسور نيكولاس شيف في علم الأعصاب بكلية ويل كورنيل في نيويورك قال لمراسل صحيفة الاندبندنت اللندنية إن لهذا الابتكار "تطبيقات واسعة جدًا" بالنسبة إلى التدقيق في حالة أولئك الذين يعيشون في حالة تقع ما بين الوعي واللاوعي. وحالما "يتم شرح النتائج المحصّل عليها فسيكون لها تأثير عميق على كل مجالات الطب".
أما كريس فريث بروفسور علم النفس العصبي في جامعة كلية لندن، فقال إنه من الصعب تصور "أسوأ من تجربة أن يكون هناك عقل يشتغل لكنه محبوس داخل جسد أنت لا تمتلك أي سيطرة عليه. نحن الآن نمتلك قدرة متميزة ستمكننا في المستقبل لتقصي حالات المصابين الآخرين الذين يمتلكون الوعي ويمكن التواصل معهم".
ولم يكشف عن هوية الشخص موضع التجربة لكنه منذ إصابته بحادث سيارة العام 2003 . وبعد خروجه من حالة الإغماء في المستشفى فتح عينيه وتبع نظاما طبيعيا من حيث النوم والاستيقاظ لكنه لم يظهر أي وعي بما يحيطه ولم يرد على أي من المحفزات الحسية والبصرية والسمعية لذلك اعتبر بأنه في حالة "نباتية" أي أنه في حالة موت الدماغ. وهناك آلاف الحالات المماثلة في المملكة المتحدة مثل حال هذا المصاب.
وعلى الرغم من عدم رده للمنبهات، فإنّ الباحثين قرروا الاستمرار في تفحص ما إذا كان لديه أي درجة من الوعي عن طريق إعطائه تعليمات ومراقبة نشاط دماغه كجزء من دراسة أكبر شملت 55 مصابًا يعيشون وضعًا مماثلاً، ومن بينهم هناك 23 شخصًا اعتبروا في حالة "نباتية".
لكن باستخدام تقنيات جديدة تتضمن استخدام جهاز سكانر جديد اسمه جهاز "تصوير الصدى المغناطيسي" الذي طوره فريق البحث نفسه طلبوا من المصاب أن يتخيل لعبة "تنس" والمشي في بيت مألوف بالنسبة إليه. ثم خططوا نشاط دماغه ردًّا على الطلبين، وقارنوها مع أجوبة قدمها أشخاص عاديون بالطريقة نفسها فوجدوا أن النتائج تؤكد أنه نفذ ما طلبوه منه.
وقال الدكتور ستيفن لوريس أحد المشاركين في البحث من جامعة ليج البلجيكية: "حتى الآن هذه الفحوصات هي الطريقة الوحيدة المتوافرة حاليًّا للتواصل مع هذا المصاب وفي المستقبل نأمل أن نطور هذا التكنيك للسماح بمصابين آخرين كي يعبروا عن مشاعرهم وأفكارهم والتحكم بمحيطهم وتحسين نوعية حياتهم ".