لماذا ظهر مجلس الأمن الدولي عاجزاً عن تحريك ملف الأزمة القائمة في اليمن، ولم يفعّل آليات الضغط على الانقلابيين على الشرعية للعودة إلى المسار السياسي، من خلال تنفيذ القرارات التي أصدرها المجلس خلال السنوات السابقة، خاصة قراره 2216، الذي يدعو الانقلابيين إلى الانسحاب من العاصمة صنعاء وتسليم السلاح إلى الدولة؟ في الجلسة التي عقدها أول من أمس الجمعة، ظهر المجلس عاجزاً عن إرسال رسالة قوية إلى الانقلابيين، مضمونها أن السلام خيار المجتمع الدولي، وأن الصبر نفد حيال تمردهم على قراراته، حيث شجعهم هذا العجز على عدم التعاطي الإيجابي مع المبادرة التي قدمها مبعوث الأممالمتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد لحل الأزمة القائمة في البلاد وما أفرزته من مظاهر، منذ استيلائهم على السلطة عام 2014، والتي ظهرت جلياً في انتشار الأمراض، واتساع مساحة الجوع بين السكان، وتوقف موظفي الدولة عن تسلم رواتبهم منذ عام. في الإحاطة التي قدمها إلى الجلسة، حث إسماعيل ولد الشيخ أحمد الأطراف كافة على الموافقة على إجراءات تهدف إلى المحافظة على مؤسسات الدولة، وتدفق المساعدات الإنسانية، ودفع رواتب الموظفين، والحد من تهريب السلاح، وقدم مقترحات تهدف بشكل أساسي إلى ضمان استمرار عمل ميناء الحديدة دون انقطاع وبشكل آمن، كونه الشريان الأساسي للاقتصاد اليمني، على أن يسلم إلى لجنة وطنية مكونة من شخصيات عسكرية واقتصادية، تحظى بقبول واسع وتعمل تحت إشراف وإرشاد الأممالمتحدة، كما تشمل الخطة الحد من تهريب السلاح إلى المتمردين، وضمان التدفق السلس للمواد الإنسانية والبضائع التجارية، من خلال الميناء إلى كافة أرجاء البلاد، وتحويل إيرادات الميناء لدعم استئناف دفع الرواتب للموظفين المدنيين. التحركات التي قام بها المبعوث الأممي خلال الأسابيع الماضية لطرح رؤيته، حظيت بقبول الشرعية، التي أكدت تعاطيها الإيجابي مع أية مبادرة تنهي معاناة اليمنيين، إلا أن الانقلابيين، بجناحيهم الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح، يرفضون التعاطي مع هذه الأفكار، ويرغبون في استمرار الأوضاع على ما هي عليه، برغم التحذيرات الأممية من كارثة إنسانية يتعرض لها الشعب اليمني. ويرى ولد الشيخ أحمد أن التعاطي الإيجابي مع مبادرة تحييد ميناء الحديدة وتجنيبه الصراع المسلح، وفتح الطرقات من وإلى تعز المحاصرة، التي لاتزال تتعرض لقصف مستمر من قبل الانقلابيين، لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إليها، سيشكلان خطوة مهمة لبناء الثقة بين الأطراف، ومرحلة أولى نحو تجديد وقف الأعمال القتالية على المستوى الوطني، واستئناف المباحثات من أجل حل شامل وكامل. وفي حين أبدت الشرعية تجاوبها مع الأفكار المطروحة للحل من قبل الأممالمتحدة، أعلن الحوثيون والرئيس السابق علي صالح رفضهم لها، بل إنهم طالبوا بتغيير مبعوث الأممالمتحدة، في موقف يؤكد ما ذهب إليه الأخير في إحاطته المقدمة إلى مجلس الأمن، من أن الحرب أفرزت تجاراً وأمراء حروب، وانتهاءها يعني انتهاء مصالحهم وفقدان مقدرتهم في التحكم بمصير الشعب اليمني، الذي يعاني الويلات من جراء استمرار الحرب منذ عدة سنوات.