من روسيا إلى الإمارات وأخيراً تركيا، يستمر تخبط النظام القطري رغم اقتراب دخول الأزمة مع قطر شهرها الثالث، إذ يبدو أن الحكومة القطرية مستمرة في الالتفاف على الأسباب الحقيقية للأزمة والتمسك برواية اختراق وكالة الأبناء القطرية. وزعمت قطر اختراق وكالة أنبائها الرسمية (قنا) مراراً وتكراراً، لتتراجع عن تصريحات لأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تؤكد دعم قطر لسلوك إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة، ودعمها لميليشيا حزب الله في لبنان وعلاقتها الجيدة بكل من إسرائيل وحركة حماس، رغم أن التصريحات ليست مستغربة أو مفاجأة، إذا أن أفعال قطر على الأرض خير برهان على صدق تصريحات أميرها. وبعدما اتهمت قطر رسمياً، ودون أدلة أو براهين أو نتائج تحقيقات واضحة، الإمارات مراراً وتكراراً بالوقوف وراء الاختراق المزعوم لوكالة أنبائها في مايو (أيار) الماضي، أعلنت وبشكل مفاجئ أمس أن حليفتها تركيا قبضت على 5 أشخاص على صلة بالاختراق المفبرك. وبذلك تعيد الحكومة القطرية الخلاف مع الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب إلى نقطة "تصريحات تيمم"، التي لا تشكل أكثر من 1% من المشكلة والتي تكمن بسلوك قطر المسيء لجيرانها والمنطقة. وقال النائب العام القطري علي بن فطيس المري في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير العدل التركي عبد الحميد غل، في أنقرة أمس الجمعة إن "السلطات القطرية بدأت تحقيقاً داخلياً وخارجياً، بعد اختراق موقع الوكالة".
وأعلنت النيابة القطرية أن السلطات التركية بدأت تحقيقاتها مع المعتقلين الخمسة، وأن نتائجه ستكشف عند انتهائه. تخبط قطري ووفقاً لمراقبين، يظهر الإعلان الجديد التخبط القطري، إذ زعمت الداخلية القطرية منتصف الشهر الماضي، أن التحقيق بشأن "الاختراق" المزعوم، كشف أن عنوانين للإنترنت في الإمارات استخدما لتنفيذ العملية. وأضافت الوزارة آنذاك بأن الأدلة الفنية للجريمة أحيلت إلى النائب العام الذي بدأ إجراءات التقاضي لمعاقبة المخترقين، إلا أن الموضوع أغلق تماماً بعد بيان الوزارة هذا، ثم عادت قطر الآن إلى زعم اعتقال منفذي القرصنة في تركيا. والاتهامات للإمارات سبقت تصريح الداخلية أيضاً، وتحديداً بعدما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير عن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية قولهم إن الإمارات هي من نظمت ما تصفه بالاختراق. واتفق بيان لمكتب الاتصال الحكومي القطري مع تقرير الصحيفة غير المستند للأدلة، وقال إنه يؤكد ضلوع الإمارات بما سمّاه جريمة القرصنة، رغم نفي أبوظبي ضلوعها بأي عمليات من هذا النوع. والتقرير الذي نشرته واشنطن بوست استند على معلومات "غامضة" ومصادر مسؤولة "لم يتم الكشف عنها"، أعده 4 صحافيين مثيرين للجدل، نظراً لانتماءاتهم وتورطهم بقضايا تلفيق أخبار كاذبة ومعلومات مغلوطة. ويحرف التقرير الذي نفاه جملة وتفصيلاً وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش، والسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، النظر عن حقيقة تورط قطر بدعم وتمويل المنظمات الإرهابية في الدول العربية وتعاونها مع إيران، وإثارة النعرات في الخليج. وكانت قطر أعلنت مع بداية الأزمة أن فريقاً أمريكياً يشتبه بتورط قراصنة روس في عملية القرصنة، ثم عادت لتنفي الاتهام عن روسيا وتتهم على لسان نائبها العام علي بن فطيس المري "دول الحصار" بالمشاركة "الاختراق" المزعوم. ومع تواتر الاتهامات والتبريرات للالتفاف على العقوبات وعدم تنفيذي مطالب الجيران، يبدو السلطات القطرية لم تستوعب بعد أن الأزمة مع الدول الأربع ليست أزمة "تصريحات" بل سلوك وأفعال، ويبدو أنها ستستمر في الوقت الحالي بلعب دول "الضحية المخترقة" بدلاً من الوقوف أمام المرآة لمواجهة بشاعة ما اقترفته يداها من جرائم في الدول العربية.