* يحرص معظمنا على زيارة صالات المناسبات إمَّا للفرح أو المواساة.. هذا جيِّد.. وعلامة صحَّة إنسانية وأخلاقية.. فالحزين يحتاج لمن يواسيه.. وصاحب الفرح يحرص على التأمُّل في وجوه الحاضرين مرَّة في الصالة وأخرى باستعراض ما سجَّلته كاميرا الديجيتل. * وقبل وبعد حضور مناسبات «أدام اللَّه السرور والأفراح وسروركم دائم».. وأحزان «عظَّم اللَّه أجركم وغفر لفقيدكم» المتبوعة بالرد «عشَّر اللَّه خطاكم».. لا يجب أن ننسى هذه الشريحة الواسعة من الفقراء والمساكين. * وأصحاب الحاجة في العادة نوعان: نوع لا يغادرون بيوتهم تعفُّفاً وخجلاً.. ونوع يطاردون الناس إلحافاً فلا تشغل نفسك بمحاكمة نوايا أصحاب الحاجة لأننا في مفترق طرق اجتماعية معظمها يقود إلى الحاجة حتى أن مَنْ يعول أسرة من خمسة أشخاص ويعتمد على مرتَّبه -فقط- يحتاج لأن يمنح لقب المناضل بل والرمز.. فكيف بهذه القاعدة العريضة ممَّن يمكن تسميتهم بأصحاب الدخل المفقود. * ودائماً فإن «قول معروف خير من صدقة يتبعها أذى».. لكن بيننا مَنْ يجمع بين الشحّ وبين الأذى كالتاجر الذي يقبل بأن يصلب أصحاب الحاجة عند أبواب قصره أسبوعياً فلا يقدِّم اليسير جدّاً من الصدقة إلاَّ بعد أن تكون الشمس مزَّقت جلودهم. * ولهؤلاء وأولئك من الذين نشاركهم الحاجة المشتركة للتواصي بالحقّ والتواصي بالصبر: ما أحوج الجميع لتذكُّر أن يوماً لا تعطي فيه ليس يوماً من عمرك.. وأن لا تؤجِّل عطاء اليوم إلى الغد.. وليس الواحد منَّا إلاَّ أميناً على ما أعطاه اللَّه من الرزق. ولقد قرأت لحكيم ما معناه أن حصول أحدنا على الثراء ليس دليلاً على أن اللَّه يحبّه تماماً.. كما أن وقوع أحدنا في قبضة الفقر ليس مؤشِّراً على أن اللَّه تعالى لا يحبّه. * أصحاب الحاجة من الفقراء والذين فقدوا عائلهم في معركة عادلة أو حتى فاجرة يستحقُّون لفتات إنسانية من فاعلي خير يقدِّرون مشاعر الذين لا يطلبون من التعفُّف وبين الذين امتهنوا مدّ الأيدي إخوة وأبناء ضاقت بهم سبل الحياة تماماً.. فلا يجب أن نأخذ صاحب الفاقة والحاجة بِمَنْ صار التسوُّل عنده عادة. * أعطِ بما يتناسب مع قدرك وتطلُّعك إلى الثواب من اللَّه.. وقمَّة الكرم أن تقدِّم شيئاً ممَّا تحتاجه أنت.. لا تكن أسيراً لمقولة «يا مفرِّق المرق» ما دام المرق قابلاً لأن يوزَّع.. فما نقص مال من صدقة. * ودائماً.. السخاء يحتاج إلى تدريب.. وابتسامة في شفاه صاحب حاجة تبقى إشراقة في ضميرك.. ويكفي كل أصحاب اليد البيضاء تذكيرهم بأن التكافل الاجتماعي يرضي اللَّه.. ويطفئ نيران الكراهية والأحقاد.