كزائرٍ لسقطريلأول مرة، فإنك لن تستطيع فكاكاً من الإحساس بأن أول قدم هبطتها هي قدمكأنت. ستتخيل للحظة كما لو أنك (كولومبوس) وتقوم بمهمة اكتشاف لاينبغي لها أن تدوم أكثر من ثلاثة أيام، إلاإذا كانت مؤنتك من المأكل والمشرب جيدة. لاتبحث عن الفاكهة هناك، سعر الموزة الواحدة 70 ريالا أما سعر الخروف فيبدو مناسباً حتى لذوي الدخل المحدود4000ريال، وبالهناء ستذوق لحماً تغذى جيداً من أعلاف ثق تماماً أن (كباش) العالم تتحدث عنها كفارسأحلام. يعاني السكان المحليون في سقطرة من ارتفاع تكاليف تذاكر الطيران، سيما وأن الجو بوابة العبور الوحيدةإليها.. لا سفن لنقل الركاب والسلع، ولااختراع لدراجات نارية لها أجنحة، أو سيارات(أيرباص)تطير.كماأن الجزيرة لشهور-كل عام -تنقطع عن العالم بفعل الرياح.ووحدها الطائرات تستطيع حمل المؤنة والسفر. المفارقة أن"سُقطرى"عرفت منذ بداية الألفية الأولى للميلاد،بكونها أحد أهم مراكز تصدير السلع التي كانت تُستخدم لإحياء الطقوس والشعائر في ديانات الشرق القديم.ثم اعتبرت(منفى)في ديانة السنوات الأولى من حُكم الحزب الاشتراكي اليمني للجنوب، وأحيطت بكثير من الأساطير الشعبية كحالة ذُعر. حدثني (طارق)37سنة، يعيش في المكلا(تبعد 50دقيقة بالطائرة عن سقطرة) كيف أن الرعب ضرب قلبه حينما وجد اسمه-يوما-بين قائمة مجندين تم توزيعهم لأداء الخدمة العسكرية (بعد الثانوية) في الجزيرة: "كانوا يقولون إن فيها سحرة،واللي يروحها ما يعود!!"وأردف:"الأهالي خوفونا منها،لأنهاكانت منفى". كيف لأجمل بقاع الأرضأن تصير منفى؟ إنه مرض السياسة اللعين، ولوكانت هذه الجزيرة في مكان آخر من العالم لكانت الآن مزارا يجني للبلد ذهباً.