في الوقت الذي تتصاعد فيه موجة الانتقادات والمطالبات للإدارة الأميركية وللحكومة اليمنية بوقف الضربات التي تقوم بها طائرات أميركية من دون طيار لتعقب الإرهابيين ويذهب ضحيتها مدنيون أبرياء، ينظر محللون وباحثون يمنيون إلى أن تلك الغارات علاج مؤلم ولكن لا مفر منه لمكافحة ظاهرة الإرهاب التي يدفع اليمنيون جراء استمرارها فاتورة باهظة على الصعيد الاقتصادي والمعيشي. ويتفق جميع الأطراف والمراقبين على إدانة العمليات التي تخطئ أهدافها وتتسبب بسقوط مدنيين أبرياء بينهم أطفال ونساء وشيوخ بدلاً من ضحاياها المفترضين من عناصر وقيادات القاعدة. إلا أن بعض المحللين يعتبرون أن الأطراف السياسية تتعاطى مع هذا الملف من زاوية المنفعة السياسية ودرجة قربها أو خصومتها مع الجانب الأميركي الذي يعد أحد رعاة التسوية السياسية القائمة في اليمن. وفي هذا السياق قال المحلل السياسي كامل محمد ل"العربية.نت": "هناك من يزايد كثيراً في هذا الموضوع كما هو الحال بالنسبة لجماعة الحوثي المدعومة من إيران". ولأوضح أن الجماعة تتبنى "تصعيداً لافتاً على صعيد قضايا على شاكلة الضربات التي تقوم بها طائرات أميركية من دون طيار" من أجل "كسب تعاطف الشارع ودغدغة المشاعر الوطنية والقومية لدى الكثيرين، وكذلك لإحراج خصومه السياسيين المنخرطين في العملية السياسية والذين يصدرون مواقف قد تكون خجولة أو متحفظة في هذا الإطار". أما الباحث في الدراسات الاستراتيجية محمد ناجي فقال: "علينا أن نكون واقعيين وأن نعترف بأن الحكومة والسلطات اليمنية بكل إمكانياتها وأجهزتها الأمنية والعسكرية غير قادرة على التصدي للقاعدة ولخطر الجماعات الإرهابية بمفردها، وهذا ما أثبتته السنوات الماضية التي كلفتنا الكثير". وتابع قائلاً: "من هنا نحن بحاجة إلى مختلف وسائل الدعم والمساندة من أصدقائنا، ومن بين وسائل المواجهة مع تلك العناصر الإرهابية غارات الطائرات من دون طيار". إلا أنه طالب في نفس الوقت ب"تنسيق مع الجانب اليمني وتعاون معلوماتي واستخباراتي يثمر عن تفادي سقوط مدنيين أبرياء كما كان يحدث في الفترات السابقة". كما تحدث أيضاً ل"العربية.نت" سامي عبدالله، أحد مناصري قوى التغيير، قائلاً: "لماذا نضحك على بعض؟ الجميع في قرارة نفسه يدرك أن البلد بحاجة إلى مثل هذه الغارات للحرب على الإرهاب". وذكّر بأن "حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح حكم لسنوات طويلة كان يبرر حينها لتلك الضربات، واليوم بعد أن سقط نظام صالح تحول هذا الحزب إلى المزايدة والتحريض الإعلامي ضد حكومة الوفاق الوطني واتهامها بالعمالة والتفريط بالسيادة الوطنية". يُذكر أن أول غارة لطائرة أميركية من دون طيار نفذت في أكتوبر/تشرين الأول 2002 وسقط ضحيتها الرجل الثاني في تنظيم القاعدة آنذاك أبوعلي الحارثي. ووفقاً لإحصائيات مؤسسات غير حكومية فقد نفذت أكثر من 134 غارة خلال الفترة الممتدة من أكتوبر/تشرين الأول 2002 إلى مايو/أيار 2013 وراح ضحيتها أكثر من 520 شخصاً بينهم عشرات من عناصر وقيادات تنظيم القاعدة ومن أبرزهم أنور العولقي في مقابل نسبة كبيرة من المدنيين. ومن الغارات التي بقيت في ذاكرة اليمنيين تلك التي أوقعت في 17 ديسمبر/كانون الأول 2009 أكثر من 65 قتيلاً وعشرات الجرحى من أبناء منطقة المعجلة في محافظة أبينجنوب البلاد.