لفت وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه أرينز، في صحيفة "هآرتس"، إلى أن مقامرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا قد تنتهي بالكشف عن التفوق العسكري الإسرائيلي؛ إذ سيجد نفسه على الأرجح في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، وهي المرة الأولى منذ بداية التدخل الروسي في سوريا التي يشار فيها إلى هذا. بوتين وجنرالاته يشعرون بالقلق إزاء مدى قدرة تعامل سلاح الجو الإسرائيلي مع نظام صواريخ "اس 300" إذا تم نشره في سوريا، وبخاصة لأن هذا السيناريو من شأنه أن يشكل ضربة قاسية لتكنولوجيا الأسلحة الروسية ويشير أرينز إلى أن بوتين أثبت براعته وفطنته في تأسيس وجود روسي في سوريا. وبعد انتظار إفصاح الأمريكيين بوضوح عن غياب أي نوايا للتورط في القتال هناك، تدخل بوتين سريعاً لملء الفراغ وبشكل مكثف، وعمد إلى تأسيس القواعد البحرية والجوية الروسية وقدم دعماً عسكرياً للرئيس السوري بشار الأسد لكي ينقذه من الهزيمة، ومن ثم بات بوتين الداعم الأكبر والراعي للأسد الذي أصبح مديناً لبوتين ويعتمد عليه في توفير الدعم العسكري، بما في ذلك الطائرات الروسية والصواريخ.
المرتزقة .. حيلة بوتين ويوضح أرينز أن استخدام بوتين للمرتزقة الروس في عمليات القتال على الأرض يسمح لبوتين بالإدعاء بأنه لا قوات برية روسية متورطة في القتال وأن الوجود العسكري الروسي قاصر على القواعد البحرية والجوية الروسية. والواقع أن المرتزقة هم الحيلة التي يستخدمها بوتين فعلاً لتغطية التدخل الروسي في أوكرانيا. ويبدو أن تلك الحيلة تأتي بثمارها لأنها أصبحت جزءاً من النهج الروسي لنشر النفوذ خارج حدود روسيا، وفي المقابل أيضاً يبدو أن العالم قد اعتاد على ذلك. وفي ما يتعلق بالوضع الراهن في سوريا، فإن بوتين (سواء برغبته أو العكس) بات حليفاً للإيرانيين الذين يدعمون الأسد أيضاً من خلال حزب الله في لبنان والقوات الإيرانية البرية، وقد نجحت القوات المدعومة إيرانياً في ترسيخ وجودها بشكل جيد في سوريا. وبحسب كاتب المقال، فإن إسرائيل أوضحت لبوتين في أكثر من مناسبة معارضتها لتزويد حزب الله بالأسلحة عبر سوريا، كما أن إسرائيل مصرة على منع القوات الإيرانية من الاقتراب من حدودها. وبناء على ذلك تم اتخاذ العديد من التدابير بين روسيا وإسرائيل والتي من المفترض أن تضمن تجنب الصراع بين الطائرات الإسرائيلية والروسية، وحتى الآن يبدو الأمر ناجحاً. مقامرة بوتين ويحذر أرينز من تفكير بوتين في تزويد الأسد بصواريخ "اس 300 " التي ستجعله قادراً على الاشتباك مع الطائرات الإسرائيلية التي تشن هجمات على أهداف في سوريا، وقد يقود مثل هذا الأمر إلى تغيير جذري في الوضع بسوريا؛ إذ يزيد من احتمال اندلاع صراع مباشر بين روسيا وإسرائيل، ويشكل هذا الأمر "مقامرة" بالنسبة إلى بوتين من الصعب التنبؤ بنتائجها. ويقول أرينز: "لاشك في أن عدداً قليلاً من كبار السن في الكرملين لا يزالون يتذكرون التأثير الذي أحدثه استخدام الصواريخ السوفيتية في مصر عام 1970 خلال حرب الاستنزاف ثم في حرب أكتوبر؛ إذ نجحوا في تحييد سلاح الجو الإسرائيلي، وربما يأملون في أن يسفر تزويد سوريا بصواريخ اس 300 عن حدوث تأثير مماثل. ولكن من الأجدر أن يتذكروا أيضاً أن سلاح الجو الإسرائيلي قام في حرب لبنان الأولى (بعد تسع سنوات من حرب أكتوبر) بتدمير بطاريات الصواريخ السوفيتية المنتشرة في لبنان دون خسارة ولو حتى طائرة واحدة، وفي هذه المرة تمت مواجهة التكنولوجيا السوفيتية بالطريقة المناسبة، وكانت الضربة الإسرائيلية مسموعة في جميع أنحاء العالم". ضربة قاسية ويؤكد أرينز أن بوتين وجنرالاته يشعرون بالقلق إزاء مدى قدرة تعامل سلاح الجو الإسرائيلي مع نظام صواريخ "اس 300" إذا تم نشره في سوريا، وبخاصة لأن هذا السيناريو من شأنه أن يشكل ضربة قاسية لتكنولوجيا الأسلحة الروسية التي يأمل الروس في تسويقها إلى دول أخرى مثل إيران، كما يثير الأمر أيضاً تساؤلات حول استمرار التحالف الروسي الإيراني في سوريا. ويختتم المقال بأن بوتين، للمرة الأولى منذ بداية التدخل في سوريا، قد يجد نفسه في مواجهة مباشرة مع إسرائيل التي يحافظ على إقامة علاقات جيدة معها حتى الآن، ولكن يبدو أن الوقت قد حان لكي يقوم بالاختيار.