طالب المشاركون في ندوة "التعديلات الدستورية المقترحة في مشروع وثيقة الإنقاذ الوطني" التي اختتمت أعمالها أمس في صنعاء بإصلاح النظام الانتخابي القائم كطريق للتغيير السلمي. وطلبوا تعديل المادة 63 من الدستور لتصبح "يتألف مجلس النواب من 301 عضو وعضوة ينتخبون بطريق القائمة النسبية وتصبح الجمهورية اليمنية دائرة واحدة يكون عضو مجلس النواب فيها ممثلا للشعب اليمني بكامله ويراعي مصلحته وتعدل جميع المواد المتعلقة بنص هذه المادة وتعرض على الشعب للاستفتاء العام". وفي مداخلته أشار رئيس شعبة الانتخابات بالتجمع اليمني للإصلاح حبيب العريقي إلى أن النظام الحالي يتيح التلاعب بالدوائر ويسخّر مقدرات البلد من وسائل إعلام ومال وجيش لصالح الحزب الحاكم ولا يتيح الفرصة للأكفاء وحملة الشهادات العليا لدخول البرلمان. واتهم النظام الحاكم بالاستئثار بالسلطة والثروة عبر انتخابات ينظر إليها على أنها فرصة مبررة لتجديد مشروعيته واستمراره باستخدام الآليات القديمة القائمة على التزوير. ويرى العريقي أن تهرب السلطة من تنفيذ اتفاق فبراير/شباط 2009 الموقع بين الأحزاب الممثلة في البرلمان والمؤكد على اعتماد القائمة النسبية يؤكد نزعة الحزب الحاكم الكاملة ليبقى في السلطة ويكرس الحكم الفردي. انعدام العدالة وشكك الأمين العام للتنظيم الوحدوي الناصري سلطان العتواني في عدالة نظام الدائرة الفردية المعتمد وقال للجزيرة نت إن المساواة وتكافؤ الفرص تنعدم فيه بين المتنافسين المستقلين والأحزاب وتصعد بسببه عناصر غير مؤهلة تعتمد على الوجاهات والمال والنفوذ. واستعرضت نقاشات الندوة سردا تاريخيا للتعديلات الدستورية منذ قيام الوحدة، وأوضحت أن السلطة عقب حرب 1994 أقرت تعديلات لم تستجب لمطالب الناس الملحة، وإنما كانت تعبيرا عن حاجة سياسية إذ أقرت تعديل المادة 111 لتنص على عدم جواز تولي منصب رئيس الجمهورية دورتين مدة كل واحدة خمس سنوات. ويشير عضو اللجنة المركزية في الحزب الاشتراكي اليمني بشير عبد الله إلى أن التعديل ألغى القيادة الجماعية المنصوص عليها في المادة 82 واستبدل بها الفردية المنصوص عليها في المادة المعدلة 104 التي قضت بأنه يجوز للرئيس ومجلس الوزراء القيام بمهام السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب ومنحت الرئيس حق تعيين نائبه وفق المادة رقم 105. ويرى عبد الله أن التعديلات أفرزت تحولات سياسية عميقة أفضت إلى تفرد حزب المؤتمر الشعبي العام بالسلطة. ولم يمض وقت طويل –كما تقول الورقة- حتى شعر الحزب الحاكم بضرورة تأمين بقائه لفترة مقبلة فأجرى تعديلات في 2001 جعلت فترة الرئاسة ومجلس النواب سبع سنوات. مصلحة الوطن لكن الأكاديمي والكاتب الصحفي عبد الله المخلافي لا يرى المشكلة في التعديلات بل فيما تفضي إليه، وعاب على الأحزاب المشاركة في السلطة صياغة مواد دستورية تخدم مصالحها. وقال للجزيرة نت إن أحزاب "الإصلاح والاشتراكي والمؤتمر" عادت إلى المربع الأول ولم تحتسب المدد السابقة للاستفادة من الأشياء الجيدة في الدستور. واستشهد بالدستور الأميركي الذي لم يعدل منذ القرن ال18 إلا مرات قليلة وبالدستور الكويتي الذي شهد تعديل مادة واحدة، بينما التعديلات في اليمن -كما يقول- تتم من الصفر. الدولة المؤسسية من جانبه عبر الدكتور عبد الرشيد عبد الحافظ عن قناعته بأن أزمات اليمن سببها الانصياع للحكم العصبوي وغياب الدولة المؤسسية التي تعتمد في بنائها على مبادئ من أهمها ضمان حق كل مواطن في تحصيل المعلومات وتأسيس الأحزاب وامتلاك الوسائل الإعلامية المختلفة، فضلا عن وجوب التزام الأجهزة الإدارية بالشفافية في عملها وتمكين الأفراد والهيئات من الحصول على وثائقها ومعاقبة من يمتنع عن إتاحتها وضرورة التمييز بين ملكية الدولة وملكية الحزب الحاكم.