اثارت موافقة أو توقيع النائب المعارض المعروف سلطان السامعي على مصفوفة أو مشروع التعديلات الدستورية التي تقدم بها الحزب الحاكم جدلا واسعا وفتح باب التكهنات والتقديرات السوداء والبيضاء على حد سواء ,وكان اللغط والغلط في تقدير موقف هذا النائب المثير للجدل كبيرا وكثيرا ,واختلطت الامور في بورصة السياسة اليمنية الفقيرة التي طالما استعجلت إنزال الضربات والطعنات بالمختلف والمغاير ,وأخفقت في تقدير أي موقف ينزع الى منطق التسوية السياسية وحتى المساومة نظرا لاحتدام واحتداد مستوى الاستقطاب الثنائي وسيادة منطق الغلبة والإلغاء والإقصاء. متابعة محرر التجمع وفي خضم هذه الاجواء كان لابد من فسحة للأستراحة والتداول الهادئ في هذا المستجد ,وقد اتسع صدر صحيفة "المستقلة" ومنتداها وناشر ورئيس تحريرها النائب أحمد سيف حاشد – كالعاده لهذا الأقتراح وبادر من فور سماعه لمقترح استضافة النائب سلطان السامعي والتحاور معه بشأن موقفه من التعديلات الدستورية التي تقدم بها الحاكم استجابة لرغبة العديد من أعضاء واصدقاء منتدى المستقلة والزملاء الصحفيين والناشطين السياسيين عصر الخميس الماضي.
وأستجاب النائب السامعي للمقترح برحابة وتحدث عن خلفيات رأيه أو موقفه من واقع خبرته كعضو لمجلس النواب, وعضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني وعضو اللجنة العليا لمجلس التضامن الوطني , ورئيس اللجنة التحضيرية ل"الحركة الجماهيرية للعدالة والتغيير "وعضو اللجنة التحضيرية لحراك أبناء الهضبة الوسطى.
تجدر الأشارة إلى أن النائب السامعي كان قد دعا قبل أن يبادر الى إتخاذ هذا الموقف الأخير ,الحزب الحاكم للحوار مع بقية الاحزاب السياسية حول التعديلات التي يريد أجراءها على الدستور والحصول على التوافق بشأنها ,محذرا من أن عدم الاستجابة لمطالب المعارضة سيجر الوضع في البلاد للأنفجار.
وأكد لأكثر من جهة اعلامية وصحافية على ضرورة التوافق على التعديلات الدستورية من قبل جميع القوى السياسية بما فيها الحزب الحاكم وبالانطلاق من اتفاق فبراير 2009 الذي ينص على اصلاح النظام السياسي والانتخابي على أساس القائمة النسبية. وكرر السامعي في الآونة الأخيرة تحذير الحاكم والمعارضة على حد سواء من خطورة الأوضاع التي تمر بها البلاد , منوها الى أنها تستدعى التوافق ,مؤكدا على أن عدم الإستجابة لدعوة الحوار والتوافق يمكن أن يسفر عن إنفجار الأوضاع وخروجها عن السيطرة ,معتبرا ان التعديلات الدستور ية المقترحة مطلوبة في غالبها ,وينبغي التحاور عليها والتوافق بشأنها.
السامعي – المحنة متصلة بالرئيس فيما عبر النائب السامعي عن تقديره لمبادرة منتدى صحيفة المستقلة وملاحظات وأراء الاصدقاء الذين تساءلوا عن رأيه وموقفه ,فقد أشار الى أنه بالإضافة الى انطلاقه من اتفاق فبراير فإنه يرى بأن المحنة التي تمر بها البلاد متصلة بالرئيس مشيراً الى ضرورة تأمين شروط الاستقرار والإطمئنان النفسي لدى الرئيس ليشعر بالثقة ويمضي في اتجاه حسم موضوع المادة المتعلقة بتحديد أو تمديد فترة الرئاسة بخمس سنوات اعتبارا من 2013 ,مع الأخذ بمصفوفة الاصلاحات أو التعديلات الدستورية الأخرى التي ينبغي أن تطرح من قبل قوى المعارضة ,"المشترك" وقوى المجتمع المدني.
التعديلات .. فرصة تاريخية
وأشار الى أن موضوع التعديلات الدستورية يقدم فرصة تاريخية اذا ما ترافق مع اقرار مبدأ القائمة النسبية واستيعاب اشكالية الجنوب ,موكدا على ضرورة ان تتقدم المعارضة في اتجاه استيعاب قضية الجنوب وتثبيت حق شراكته في السلطة والثروة في اطار تعديلات دستورية قانونية ومرجعية غير قابلة للمساومة والالتباس.
وفيما أكد على ضرورة استيعاب القضية الجنوبية في اطار الاصلاح الدستوري والسياسي لتأمين شراكة الجنوب في السلطة والثروة فقد جدد التاكد على رسوخ قناعته بأن الاختلال الفظيع الذي يعاني منه الدستور يستوجب الاقرار باهمية وضرورة التعديلات الدستورية وليس ثمة مايمنع المعارضة من تقديم مداخلاتها الخاصة بالتعديلات الدستورية وبلورة مصفوفتها المتعلقة بذلك على النحو الذي يمكن للجميع من اجراء شراكة وطنية حقيقية.
وأوضح بأن الانطلاق من هذا الاساس وهذا الاطار سوف يفضي الى طاولة حوار تجمع كافة الاطراف وألاطياف وعلى المعارضة ؟أن تسارع لتقديم مصفوفتها لان الوضع القائم لا يحتمل التسويف والمماطلة وقد كان التوافق على التمديد لمجلس النواب سنتين أكثر من كافية لأستخلاص ذلك.
وحول ما يجري من لغط مشوب بالاحتجاج على موقفه الاخير ,اعاد النائب السامعي التذكير بأنه كان من أول المبادرين للنزول الى الشارع , مذكرا بأنه في الوقت الذي كان على رأس وفد جماهيري واسع توجه من تعز ليخترق الحصار المضروب على الضالع ,كانت بعض الأطراف الرئيسة في المعارضة تهتف وتحشد من أجل فك الحصارعن غزة. واستغرب النائب السامعي وقوف بعض المعارضين ضد الحركة الجماهيرية للعدالة والتغيير وتحفظها على الكثير من مبادراتها في استنهاض وتحريك الشارع.
المقالح:المعارضة محكومة بالتهيب
من جانبه قال القيادي الاشتراكي ورئيس موقع الاشتراكي نت الزميل محمد المقالح انه يقف مع الحق الاصيل للاستاذ سلطان السامعي في التعبير عن وجهة نظره او موقفه من التعديلات الدستورية,مؤكدا على أهمية توافر الضمانات المتعلقة بإقرار مبدأ القائمة النسبية.
وأوضح المقالح أنه ليس يكفي المعارضة "المشترك"أن ترفض التعديلات الدستورية وهي لا تملك القدرة على منع تمريرها ,مشيرا الى أن هناك أطراف في المعارضة ليست مع الحكم المحلي ولا مع القائمة النسبية ,ومنوها الى أن الطبقة السياسية في البلاد لا زالت محكومة بالتهيب وارتباك الادارة والانقسام الداخلي والانقسام بين القواعد والقيادات والانقسام في الموقف من الحزب الحاكم ورئاسته.
وأوضح أنه يؤيد وجهة نظر زميله النائب السامعي اذا كانت مقترنة بإرادته وتطلعه لأن تقدم المعارضة رؤيتها الخاصة بالتعديلات الدستورية البديلة.
ياسين ناشر :المهم هو كيف نحكم وليس من يحكمنا من جانبه تساءل الكاتب والحقوقي ياسين ناشر عن مساحة الفضاء الديمقراطي المتاح وعن ما اذا كانت لدى احزاب اللقاء المشترك رؤيه تتعارض مع الرؤيه المعلنه للتعديلات الدستورية ,ولاحظ ان الاعلان عن التعديلات الدستورية والسجال الدائر بشأنها لا يلغي واقع ان البلاد تعيش في حالة عدم أمان قانوني ,منوها أن التغييرات والتعديلات المتلاحقة على الدستور كانت ولا زالت تدل على احترام فكرة الدستور ,وحاولت ولا زالت أن تضفي شرعية على واقع قائم غير شرعي. وعبر عن أستغرابه من استنكار المعارضة للتعديلات الاخيرة وتغافلها لواقع أن هذه التعديلات جاءت في اطار تمرير أوضاع قائمة، ولحقيقة ان الدستور القائم حتى قبل الاعلان عن التعديلات الأخيرة يمنح في مادة هامة من مواده الحق لرئيس الجمهورية بأن يزكي أي حكومة يمكن أن يشكلها حزب الأغلبية البرلمانية موضحا أن الدستور – قبل أعلان التعديل الاخير ايضا –لا يتضمن اي مادة تمنح البرلمان حق مساءلة الرئيس ,ومؤكدا بأنه – أي الدستور – يجعل من رئيس الدولة هو الرئيس التنفيذي وهو الحاكم والحكم على كل السلطات خاصة وانه ينص في مادة أخرى من مواده على أن الرئيس يجسد كافة السلطات ويجسد أرادة الشعب.
وقال ناشر انه لا يرى في توقيع النائب السامعي على التعديلات الدستورية اي ضير، مؤكداً على اهمية ادارة النقاش حول سؤال: كيف نحكم وليس من يحكمنا؟!
وعبر الاستاذ ناشر عن استغرابة من المعارضة التي لا تكترث بتغييب دور وحق المرأة وانحصار تركيزها على العملية الانتخابية، مشيراً الى ان العملية الانتخابية القائمة اظهرت بانها ليست عملية سياسية ولا عملية وطنية بقدر ما هي عملية صراع.. في اطار نظام القائمة الفردية، وفي اطار نظام حكم بلا هوية فلا هو برلماني ولا رئاسي، وفي اطار دستور يقول بأن حزب الاغلبية هو الذي يشكل الحكومة بموافقة رئيس الجمهورية.
وقال ان الدستور القائم، وبقطع النظر عن ما اثير ويثار حول التعديلات الاخيرة المقترحة، لا يقوم على فكرة تداول السلطة فهو يقول ان رئيس الجمهورية هو الذي يشكل الوزارة.
ونوه الى ان المعارضة، في وضع كهذا تدير صراعاً سياسياً خارج نطارق الدستور، موضحاً ان مصيبة هذه المعارضة تكمن في واقع انها تدير صراعاتها مع النظام الحاكم بنفس ادواته.
واضاف ان الموقف القوي الذي يمكن ان تكتسبه المعارضة سوف يتجلى حين تنحاز قولاً وفعلاً لسيادة القانون، وتعترض بجدية ومسؤولية على اي شكل من اشكال التعدي على سيادة القانون حتى عندما يصدر ذلك التعدي من قبل السلطة اياها: السلطة الحاكم.
عبد الوهاب: الجزء الخاص بتأبيد الرئاسة هو الذي سيمرر:
اما الناشط المدني والكاتب عبدالله عبد الوهاب فقد قال ان الكلام عن تصفير العداد غير صحيح بالمرة، منوهاً الى ان التعديلات التي جرى الاعلان عنها او يراد التمهيد لتمريرها تفتقر الى الضمانات التي يمكن ان تسندها وتكفل تمريرها، وان كان الامر المؤكد الذي سوف يمرر هو ذلك المتصل بتمديد او تأبيد فترة الرئاسة لان الظرف الذي سوف يتابع او سيقوم على متابعة وتنفيذ هذا الجزء من التعديلات هو الاكثر مثابرة وجدية من غيره والاكثر حرصاً على تمرير هذا (الانجاز) التمديد او التأبيد.
وعلى صعيد متصل قال الزميل نجيب الحاج انه لا جدوى من نظام سياسي لا يكفل تداول السلطة.
اللامي: يجب التعامل مع موقف السامعي كوجهة نظر
من جانبه انحى الزميل قاسم اللامي باللائمة على موقف المعارضة "المشترك" مشيراً الى انه تحول من مشروع قيادي كان يجدر به قيادة الجماهير الى مقيد للجماهير، ومنوهاً الى ان الانتخابات لن تسفر عن اية تعديلات، لن تسفر عن اي جديد، خاصة ان المشترك لم يضمن، بل لم يمارس اي ضغط على الحاكم من اجل تنفيذ توصيات الاتحاد الاوروبي.
وفيما خص الموقف من النائب السامعي، قال انه كان الاجدر بالعديد من الاطراف التي سارعت الى الاحتجاج عليه ان تتعاطي معه كوجهة نظر. الخيواني: صلاحيات الرئيس في الدستور صلاحيات ملك
اما الناشط السياسي والكاتب عبد الكريم الخيواني فقد قال ان الدستور قد صودر باكمله ولا توجد لدينا شرعية دستورية، مذكراً بان المرة الاخيرة التي تحدث فيها الرئيس عن الشرعية الدستورية كانت في عام 2003 موضحاً ان الشرعية الدستورية لم تمارس في بلادنا قط. واضاف ان الدستور ليس هو الحاكم في علاقتنا مع الحاكم، وصلاحيات الرئيس في الدستور صلاحيات ملك، مشيراً الى ان الدستور لا يحتوي على اي مواد تكفل تداول السلطة. ولاحظ الخيواني انه كان في الاونة الاخيرة يقوم باعداد دراسة عن التعذيب واكتشف خلال ذلك اننا شعب مؤقت، يقبع في حالة انتظار لشعب سوف يحل في محله، موضحاً ان المعارضة لا تستوعب ولا تقبل ان تلتقي معنا كناشطين على طاولة حوار.
وقال: "مافيش اقبح من سلطتنا الا معارضتنا" واوضح ان المعارضة لا تتجسد ولا تتأكد على صعيد الموقف من حقوق الانسان ولا في البرامج المتمايزة ولا في الموقف الحداثي الصريح.
وختم: " انا لست مع الاخ النائب سلطان السامعي بان الرئيس غير مستقر نفسياً".
السامعي لا بديل له عن التمديد
عقب السامعي على الخيواني بالتعبير عن اعتقاده بان الرئيس يحتاج لنوع من الاستقرار النفسي وعن قناعته الشخصية بانه لا بديل عن خيار التمديد، مشيراً الى انه يتصور بان المعارضة "المشترك" سوف يوقعون في نهاية المطاف. وتساءل: ماذا سنفعل في عام 2013؟ واضاف: كان هاجسي هو ان يقبل الحاكم بمبدأ التعديلات الدستورية، ولا زلت اصر على ضرورة امتلاك الطرف الاخر لمصفوفة اخرى بالتعديلات الدستورية.
حاشد وتحدث ناشر ورئيس تحرير المستقلة النائب احمد سيف حاشد عن علاقته الوثيقة بالنائب الشيخ سلطان السامعي، مشيراً الى معاناته الطويلة من الاخوة في "المشترك" والمحبطات الكثيرة التي تعرض لها في تعز، منوهاً الى ان قيادة احزاب المشترك هي التي كانت لا تستجيب لمطالبه، وقد تسبب تخاذلها في الكثير من المواقف بإحداث احباط وخيبة امل لدى الكثيرين وفي مقدمتهم الاخ سلطان السامعي وخير مثال على ذلك الموقف من قضية الجعاشن.
وقال حاشد ان سلطان هو قيمة اجتماعية، شعبية، وطنية ورمزية، مشيراً الى ان موقفه الاخير قد اثار قدراً من التشوش ويحتاج الى توضيح لأن المواقف تبني في العادة على تراكم. وذلك ما يصح على حالة الاخ سلطان الذي خاض معركة طويلة وكان على صلة وثيقة بنبض الشارع وبسطاء الناس من صاحب البوفية وغيره الى اعلى مستوى.
واضاف النائب حاشد ان تشوش موقف النائب سلطان يمكن ان يحدث بلبلة لدى محبية خاصة في تعز حيث يرى فيه ابناء هذه المحافظة قائداً ويعقدون عليه امالاً عريضة ويعولون عليه في كل شيء.
واوضح انه من المهم جداً ان يبادر النائب سلطان لتوضيح موقفه، خاصة ان الدستور في تراجع مستمر وهو تراجع يؤسس لملكية .وفيما خص الموقف من القائمة النسبية قال ان هناك ما هو اخطر، فالقائمة النسبية ليست هي كل شيء فالمشكلة تكمن في انعدام الضمانات والانحسار الدائم في الدستور لصالح تمركز الشخص.
وتساءل: لماذا لا تتضمن مواد الدستور تحديدات صريحة لصلاحيات الرئيس، ولا يتضمن مادة صريحة تمنح البرلمان حق مساءلته.
وختم ان هذا الدستور يفرز لنا ملكاً بلا مُلك ولا مملكة.
الصريمي..كان السامعي صريحاً في التعبير عن موقفه
من جانبه تحدث الكاتب والاديب وعضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الدكتور سلطان الصريمي عن مناقب النائب سلطان السامعي، وعبر عن تقديره لرأية ، مشيراً الى حق كل شخص في التعبير عن تقديراته، والتعبير عن وجهة نظره، منوهاً الى ان النائب السامعي كان قد عبر تقديراته المتعلقة بالموقف من التعديلات الدستورية في اخر اجتماعات المكتب السياسي، ولافتاً الى ان وضع النائب السامعي الخاص قد افضى به الى هذا الموقف، وانه في ظل الخلل العام الذي يعاني منه "المشترك" وكل الاحزاب ويعاني منه كل حزب، وفي ظل التعقيدات الشديدة التي تكتنف الاوضاع الراهنة في البلاد، ينبغي ان تستوعب كافة وجهات النظر والمواقف المتباينة ضمن هذا الافق.
وخلصت المناقشة المفتوحة في منتدى المستقلة مع النائب سلطان السامعي الى توصية تقترح عليه توضيح موقفه وبالاحرى تعميمه على اوسع نطاق من خلال بيان موجز قصير، يقول بمفردات واضحة ما استعرضه وافاض فيه النائب القدير سلطان السامعي اثناء مداولات الخميس في "المستقلة". نقلا عن صحيفة التجمع