المؤكد أن الوثيقة التي زعموا أنها حل للقضية الجنوبية صارت وثيقة تفخيخ اليمن، شماله وجنوبه.. · وليس في الذي سبق خبط عشواء أو إلقاء للأحكام على عواهنها.. فمن يقرأ الوثيقة ويستمع إلى تحليل مضامينها سيعرف لماذا انتزع المبعوث السامي الأممي توقيعات الأحصنة الخشبية وكباري التوقيع، ثم غادر اليمن بسرعة حتى يتحرر من نظرات الدهشة وتقطيبات الجبين. · وقبل أي إصغاء للأسطوانة المشروخة التي تشير إلى أن دولة الأقاليم وردت في مجمل الرؤى المقدمة من المعترضين على الوثيقة، أقول إن هناك فرقاً كبيراً بين تصورات الدولة الموحدة من أقاليم وبين ما حملته الوثيقة من قنابل موقوتة، جاءت في عبارات تكفي لملء ملابس الشعب اليمني بالعقارب. · تركيز على مرجعية القرارات الأممية وممانعة مثيرة للريبة في إعطاء المبادرة الخليجية مكاناً داخل الوثيقة إلا بعد طلوع الروح، وفقاً لتصريحات السياسي المحترم أحمد الكحلاني، ومفردات تترك الباب موارباً أمام الكثير من تشاعيب محافظات تستهلك كل هذه الأنواع من القات. · يكفي قراءة البند الثاني من وثيقة بنعمر التي تقول "الشعب في اليمن حر في تقرير مكانته السياسية، وحر في السعي السلمي إلى تحقيق نموه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي عبر مؤسسات الحكم على كل مستوى، ووفق ما ينص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللذان وقعتهما اليمن". · التأمل في هذه الصياغة التي تتحدث عن دويلات الأقاليم يصيب كل وحدوي بخيبة أمل تصل حد التسليم بحضور نظرية المؤامرة وكلام يبرر كل هذا اللغط والرفض الباحث عن الخيط الفاصل بين فجر الرعاية وليل الوصاية. · من يقرأ وثيقة حل القضية الجنوبية يراها إرباكاً للقضية اليمنية وتهيئته للانقضاض على الوحدة، لأنها تصنع صداماً بين السكان وبين الجغرافيا، وقسمت الأحزاب ما بين هارب إلى الأمام وهارب إلى الخلف، ومراوح مكانه وباحث عن مكاسب خارج المصلحة العليا لليمن. علاوة على تكريسها لعدم المساواة والتمييز في الحقوق السياسية بين اليمنيين، وهو ما يفسر قول المعترضين داخل لجنة 8+8 لم نقرأ الوثيقة ولم نتفق عليها. · كان على الذين صاغوا الوثيقة أن يخجلوا وهم يظهرون كما لو أن من أسس لثقافة الكراهية للشمال يؤسس لكراهية تجاه الجنوب بهذا التمييز المستفز، فضلاً عن فتحه الباب أمام قوانين محلية إقليمية على حساب الحقوق المتساوية لأبناء الوطن اليمني الواحد. · هل يمكن التصديق بأن ثورة التغيير جاءت في اليمن من أجل الانحراف بالوحدة اليمنية إلى كانتونات الأقاليم كإنجاز؟ وهل من المقبول التسليم بأن وثيقة لجنة مصغرة أقوى من فريق القضية الجنوبية وأمضى من مؤتمر الحوار؟ · يبقى الأمل في أن يكون صوت الرئيس هادي هو الصوت القوي الذي يجهر بالقول: لقد اختارني الشعب اليمني لأبقى موحداً وليس ممزقاً.