السيد فضل الله يشيد بمواقف الشعب اليمني ومقاومته تجاه الشعب الفلسطيني    لماذا نقيم مراكز تقديم الخدمة للمواطنين ؟    المحامي جسار مكاوي يوجه رسالة لأهالي عدن حول خدمة الطاقة المؤقتة    وكيل وزارة الخارجية ورئيسة بعثة الصليب الأحمر يطّلعان على الأضرار في مطار صنعاء    الجيش الروسي يعلن السيطرة على ثلاث بلدات في دونيتسك    قطاع 5 جنة شبوة وسيطرة تعز والاخوان على نفط الجنوب ( تقرير+ وثائق)    وزير الأوقاف: تفويج حجاج اليمن سيبدأ الثلاثاء القادم    تصل إلى 100 دولار .. لجنة حكومية تفرض رسوم امتحانات على طلاب الثانوية اليمنيين في مصر    في شوارع الحزن… بين أنين الباعة وصمت الجياع    لأول مرة .. بتكوين يقفز ويتجاوز 100 ألف دولار.    حتى أنت يا بروتوس..!!    توقعات بهطول أمطار وموجة غبار    تشيلسي إلى نهائى دورى المؤتمر الأوروبي    ارتفاع أسعار الذهب قبيل محادثات تجارية مرتقبة بين واشنطن وبكين    الأهلي يفوز على المصري برباعية    الشلهوب يقود الهلال إلى الفوز من المباراة الأولى    الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الجوع في غزة بشكل متسارع    ناطق الحكومة يوضح جانبا من إنجازات وجهود الحكومة في التصدي للعدوان الأمريكي    مانشستر يونايتد يضرب موعداً مع توتنهام في نهائي الدوري الأوروبي    واقعة خطيرة.. هجوم مسلح على لاعبي فلامنغو    ليفربول يقدم عرض للتعاقد مع نجم مانشستر سيتي بروين    الأسباب الرئيسية لتكون حصى المرارة    الغيثي: أميركا غير مقتنعة بأن حكومة الشرعية في عدن بديل للحوثيين    العليمي اشترى القائم بأعمال الشركة اليمنية للإستثمار (وثائق)    وطن في صلعة    الطائرات اليمنية التي دمرتها إسرائيل بمطار صنعاء لم يكن مؤمنا عليها    لماذا يحكمنا هؤلاء؟    الجولاني يعرض النفط والتواصل مع إسرائيل مقابل رفع العقوبات    باشراحيل: على مواطني عدن والمحافظات الخروج للشوارع وإسماع صوتهم للعالم    دبلوماسي امريكي: لن ننتظر إذن تل أبيب لمنع اطلاق النار على سفننا    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    تحديد موعد أولى جلسات محاكمة الصحفي محمد المياحي    تغاريد حرة .. صرنا غنيمة حرب    البرلماني بشر: اتفاق مسقط لم ينتصر لغزة ولم يجنب اليمن الدمار    إعلام عبري: ترامب قد يعلن حلا شاملا وطويل الامد يتضمن وقف حرب غزة ومنح قيادة حماس ضمانات    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    تعيين نواب لخمسة وزراء في حكومة ابن بريك    صنعاء.. عيون انطفأت بعد طول الانتظار وقلوب انكسرت خلف القضبان    السامعي يتفقد اعمال إعادة تأهيل مطار صنعاء الدولي    وسط فوضى أمنية.. مقتل وإصابة 140 شخصا في إب خلال 4 أشهر    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأقاليم الستة هل تنقذ اليمن من الانهيار؟

قبل انطلاق مؤتمر الحوار الوطني الشامل، أصر بعض أعضاء اللجنة الفنية، التي أعدت له، على البدء باتخاذ إجراءات بناء الثقة في الجنوب وتطبيع الأوضاع في صعدة، باعتبار ذلك مدخلا للتسوية التاريخية التي من أجلها ظهرت فكرة الموفينبيك وأنه منطلق بناء الدولة الحديثة، أو كما يحلو للبعض تسميتها اليمن الجديد، رغم أنه كان الشعار نفسه الذي رفعه الرئيس السابق ومستشاروه في انتخابات 2006 ولم يتحقق منه الكثير، بل كان محفزا لخروج الشباب إلى الساحات مطالبين برحيله، وانتقل المستشارون إلى المعسكر المضاد.
انتهى المؤتمر بتأييد أغلب المشاركين الوثيقة النهائية وعبروا عن سعادتهم بها، وتم التصويت بالوقوف مبالغة في إظهار الولاء والطاعة، وانتقل التركيز بعدها إلى لجنة تقسيم الأقاليم، التي كان متوقعا أن يصبح قرارها إسقاطا عمليا لما جاء في الوثيقة فيما يتعلق بالجنوب، لأن الحوثيين لا يعنيهم ما تفتق به ذهن بعض أعضاء اللجنة وتفكير المبعوث الأممي جمال بنعمر، فهم يفرضون خطوطهم كما يرغبون، رغم ارتفاع صراخهم اعتراضا على النتائج التي خرجت بها اللجنة، وهو تكرار لأسلوبهم في التعبير عن الموافقة على نتائج الفرق المختلفة، بينما هم يواصلون تثبيت مواقعهم وتحالفاتهم على أبواب العاصمة... ومن الغريب أن بنعمر لم يجرؤ على الحديث عن المعارك الحربية شبه اليومية التي تدور في أطراف العاصمة ولم يشر في أي من تصريحاته الكثيرة إلى المتحاربين ولم يعتبر ذلك عرقلة لتنفيذ المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن، وفي المقابل واصل الإصرار على التعبير عن خصومته الشخصية مع عدد من الساسة المنتمين إلى «المؤتمر الشعبي العام» وإلحاحه الغريب على فرض عقوبات على عدد من قياداته.

التقسيم الذي توصلت إليه اللجنة، بعد أقل من أسبوعين على تشكيلها، أثار ارتباكا داخل الطرفين الممثلين للجنوب: «الحزب الاشتراكي» و«الحراك الجنوبي».. ورغم أن ممثل «الحزب الاشتراكي» في اللجنة وقع على الوثيقة، التي سرعان ما أعلن حزبه رفض نتائجها، مما دفع من وقّع إلى الخروج بتفسير غير مقنع، إذ قال إنه سجل تحفظه وأبدى سعادته بتفهم الأطراف الأخرى لتحفظه - فإنه أضاف أن الحزب لن ينسحب من التعامل مع الاتفاق وسيسعى إلى تنفيذه. وهو نموذج لما وصل إليه العمل الحزبي الذي يتصرف فيه القادة بصورة منفردة، مورطين أحزابهم في مواقف لا تتفق مع رغبات أعضائه ولا مع سياساته المعلنة. الطرف الثاني (الحراك الجنوبي) جرت عليه عمليات استنساخ متتابعة واستبدال لممثليه بما يوائم كل مرحلة، ولكن المحك هو كيفية إقناع الجنوبيين على الأرض بالتقسيم الذي أعاد خريطة الجنوب إلى الحالة التي تركها البريطانيون عند رحيلهم في نوفمبر (تشرين الثاني) 1967.

إن الأقاليم، بتشكيلها المعلن، غير قابلة للحياة؛ فواحد بلا مقومات سكانية (مأرب - الجوف - البيضاء)، وآخر بلا موارد اقتصادية (صعدة - عمران - صنعاء - ذمار)، وثالث به ما يقارب من ثلث سكان اليمن (تعز - إب)، ورابع عنده كل الثروة المعلنة (حضرموتشبوة - المهرة)، والخامس (ليس به سوى ميناء).. فهل يعقل أن دراسات قد جرت لتحديدها، وأين اقتصادات الأقاليم ومقومات بقائها؟

إنشاء الأقاليم مشروع قديم، سبق الاتفاق عليه في مذكرة العهد والاتفاق التي مزقتها حرب صيف 94. وبدلا من البدء بتخفيف آثارها النفسية والمادية المدمرة، مارس «المركز المقدس» في صنعاء وحلفاؤه الجنوبيون الجدد (حينها) تصفية حسابات قديمة وعمدوا إلى تهميش المهزومين، وليس مقبولا فرض مخرجات نعلم أنها لا تحظى بموافقة الأغلبية في الجنوب وليس ذلك سرا، ولكن أساليب الماضي في القسر واستمرار الممسكين بالمال والقوة بصنعاء في ممارسة أبويتهم على الجميع، ومواصلة سياسات الحلول القسرية كيفما رأتها.

إنني على قناعة تامة بأن المسألة ليست بالعيش في أوهام الانتصار ولا بالإكثار من التصريحات المعسولة، فقد جرب الرئيس السابق هذه الوسائل لسنوات طويلة وخبرها كل من كان بجواره خلال سنوات حكمه، ولكن النهاية الحتمية ماثلة أمامنا، والعرب يعلمون أن «الذكي من اعتبر بغيره».. صحيح أنه من الصعب، بل قد يكون مستحيلا، الوصول إلى إجماع في أي قضية كانت، لكن التوافق في القضايا المصيرية يجب أن يخضع إلى عوامل موضوعية وينطلق من قاعدة الحد الأدنى، وفي رأيي أن أيا من ذلك لم يتحقق، لأن الذين اقترحوا والذين وافقوا (بالتصفيق هذه المرة) والذين وقعوا لا يمثلون إلا جزءا صغيرا من أصحاب الشأن، وعملوا بعقلية الموظف الحكومي الذي يخشى أن يفقد وظيفته، بل إن الحوثيين، وهم القوة الأكثر تنظيما وتأثيرا، رفضوا التوقيع، وممثلو الحراك الحقيقيون غائبون، وممثل «الاشتراكي» وقع بيد مرتعشة، وهناك من تصور نفسه قائدا لحزبٍ مجموع أعضائه لا يمنحه مقعدا في أي برلمان قادم... لقد تواصلت مع أحد المتحمسين لوثيقة الأقاليم وقال لي بالحرف: «لقد تم توزيع استمارات على الحاضرين لإبداء رغباتهم، وبعدها تم التصويت برفع الأيدي».

لا أتصور أن تقسيما للوطن بالاستمارات ورفع الأيدي هو الوسيلة التي ستحقق الانتصار للشعب اليمني في الجنوب وفي الشمال. وأعيد، إن تقسيم الجنوب خطأ لن يساعد على الهدوء النفسي والاستقرار النفسي، ناهيك بالكلفة المالية الباهظة لإنشاء أقاليم في مناطق جغرافية ليست بها مقومات النماء الاقتصادي ولا الإداري، وكان من المفيد لو أن لجنة الأقاليم شرحت للناس لماذا وكيف تم الأمر بهذه السرعة المذهلة فبدا كتقسيم تركة رجل أراد أصدقاؤه الاستيلاء على ماله قبل أن ينتبه أصحاب الحق الشرعيون، وسيكون مفيدا أيضا الإعلان عن المعايير التي بني عليه القرار، فقد يسمح هذا بالتخفيف من معارضة الكثيرين من الشركاء في الوطن.

مع مرور الوقت، ستفقد صنعاء كل ما تبقى لها من قدرة على التحكم خارج حدودها الجغرافية، وسيتيح ذلك الفرصة لحملة السلاح لتثبيت أوضاعهم، وعلى رأس هؤلاء التنظيمات الإرهابية التي استغلت سنوات الاضطراب الماضية للتمدد في كثير من المناطق اليمنية، وسيكون تقسيم الجنوب أمرا فيه خطورة على استقرار المنطقة وسيتزايد بتلاشي دور المركز المقدس، كما أن الخطوط التي تسرعت اللجنة بإقرارها في الشمال ستعمق الفرز المذهبي وستساهم في تسليم الأمر إلى من يمتلكون القوة وتمرسوا في استخدامها لفرض حلولهم، وحينها لن تجدي قرارات دولية تلاحق العاجزين وتخشى الاقتراب من القادرين على إدارة ظهورهم لها.

يقول كثيرون إنني غير متفائل، وهذا صحيح، ولكن الأمر ليس حالة تمنٍ تتحسن الأمور فيها بالمزاج وعدم الرغبة في مواجهة الحقائق على الأرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.