منذ اندلاع الانتفاضات الشعبية في بعض الأقطار العربية والإعلام يروّج لصفات مثل ناشط, وقيادي في الثورة الشبابية في سياق معزول عن التعرف إلى هذه الصفات والتعريف بها على وجه العموم. فمثلاً قد يكون مفهوماً وصف فرد ما بأنه ناشط في مجال معين , كحقوق الإنسان والحريات والحفاظ على البيئة, لكن مفهوم قيادي في الثورة الشبابية يثير اللبس عندما لا نعرف الموقع القيادي الذي شغله الموصوف في ثورة لم يكن لها هيكل تنظيمي معروف , كما لم يعرف عن شخص أو هيئة أية صفة تحقق بها له قيادة الثورة, لأن التجمهر الشعبي الواسع تم بدون تنظيم وانتشر في أكثر من ساحة وميدان . صحيح إن شباباً برزوا في تلك الساحات والميادين كقيادات ميدانية , لكن الصحيح أيضا هو أن هذه القيادات برزت من داخل الحشد الجماهيري وضمن أطر تشكلت بعد التجمهر , أي أنها لم تكن في موقع القيادة الحركية للتجمهر وإن كانت جزءاً منه, والأصح هنا أن يقال: إن فلاناً من الناس كان من عناصر الثورة الشبابية , أو من قيادات إحدى الأطر التي تكونت في الساحات وساهمت في إدارة الفعل اليومي للحشود الجماهيرية. في ذات السياق يمكن لأحد الشباب أن يكون قائداً للانتفاض الشعبي في إحدى الساحات, لكنه لم يكن ضمن هذا الانتفاض في ساحة أخرى, وعليه ينبغي الوقوف عند التوصيف والتعريف حتى لا تضيع أهمية مصادره في زحام التهافت على صفة قيادي في الثورة الشبابية بدلاً من صفة عضو في هيئات تنظيم الاعتصام الجماهيري بإحدى الساحات التي احتشدت فيها الجماهير بمدينة معينة. إن النشاط السياسي لا يكون نشاطاً فردياً أبداً ولهذا فهو نشاط جمعي, أي منظّم في أطر معينة, منها الأحزاب, أو التنظيمات السياسية, والناشط السياسي منتمٍ بالضرورة إلى أحد هذه الأطر , وبالتالي فصفة أي فرد يمارس العمل السياسي تكون بذكر عضويته في حزب أو تنظيم أو جماعة وتحديد موقعه في الهيكل التنظيمي, إذ لا يوجد نشاط سياسي في الفراغ ولا معنى لصفة ناشط سياسي مجرد من إطار أو تنظيم, وحتى النشطاء في مجال حقوق الإنسان والحريات والحفاظ على البيئة وقضية المرأة, لا يكتمل معنى وصفه بناشط في هذا المجال ما لم يكن يمارس هذا النشاط من خلال إطار منظمة من منظمات المجتمع المدني وهيئاته المختلفة.