هنا تنصب وسائل الإعلام العالمية عدساتها ومراسليها وتضخ للعالم «الآخر» مايدفع عنه شبح السأم.. تصوروا كم ستكون الكرة الأرضية ماسخة ومملة بدون هذا الشرق الأوسط الصغير والكبير.. بدون الانفجارات والرؤوس والأطراف المبتورة والسيارات المفخخة والانقلابات والكوارث الطبيعية.. بدون الفقر والمجاعة والأوبئة والاستبداد والقمع وأسعار النفط وأشرطة الشيخين اسامة و الظواهري !! - إنه لامعنى لمايحدث خارج هذه البقعة من العالم، إلا من حيث مردوده عليها.. لنا وفي سبيلنا يعقد الكونجرس ومجلس اللوردات والعموم والأمن، جلساته ويطوي الساسة مطارات العالم وتنشط اجهزة المخابرات الكبرى وتدوخ الأقمار الاصطناعية دوراناً حول الغلاف الجوي ! - وبنا يفتتح المشاهد الأوروبي والأمريكي صباحاته، ويفتحان شهيتيهما للحياة بمرأى جثث قتلانا من مختلف الفئات العمرية.. إننا الممثلون بلا أجر في مسلسل بلانهاية، ونحن «الفيديو كليب» المفتوح على احتمالات إثارة بلا حدود، ونحن أخبار العالم وبهارات موائده ! وهل كان «جورج بوش» سيبدو سوى مهرّج لا أكثر، في نظر العالم، لولا مجازره في افغانستان والعراق ؟! إن أكثر «السيناريوهات » جنوناً، لن يجد على الخارطة كلها، مسرحاً مفتوحاً كالشرق الأوسط، ليمارس نفسه عليه، وليبدو أكثر حكمة وعقلانية ومغزى بليغاً.. إن أرتال الجثث وأهرام الجماجم هنا، تصبح جسوراً للديمقراطية ومصاعد للسلام، والذين يشككون في صدقية ذلك، يوصمون بالارهاب والتخلف والراديكالية. ويحصي المواطن الغربي دخله السنوي، على مقياس مانضخه من الدم والنفط.. كلما نزفنا أكثر، كلما اطمأن هو ، على مستقبل نظام الرعاية الصحية واستحقاقات نهاية الخدمة وضمانات مابعد التقاعد وامتيازات المحاربين الجدد والقدامى. - ومايلوح في الغرب على أنه انقسامات وصراعات بين مؤيد ورافض لمايدور في الشرق، ليس بطبيعة الحال سوى خلاف بين اطراف متفقة على القتل، مختلفة في أنصبتها من لحم القتيل ودمه.. - ان الحد الأدنى من العدل يقضي بأن تقاسمنا «هوليوود» حصتها من مبيعات شباك التذاكر !