أوضح الدكتور أحمد محمد الاصبحي في محاضرته الموسومة ب " احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية المغزى والاهمية والابعاد والدلالات" التي ألقاها بمركز منارات ان هذا العام يشكل تأسيساً لبرامج وخطط لمشروع عربي ثقافي وسياسي واجتماعي واقتصادي خاص بالقدس يواجه المشروع الصهيوني الذي استهدف هذه المدينة العربية منذ عام 1827م، مطالبا أنْ تكون القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية. ومتحدثا عن جغرافية الوطن الفلسطيني وحركة الوحي، وسير الرسالات, ونضال الرسل في سبيل الحق التي تفاعلت على أرض فلسطينوالقدس، ومنحتها بعدها الروحي ومخزونها الديني والقومي. وتطرق إلى معارك خاضها بنوها ضد المحتلين والغزاة والطامعين ، مثل بنتيجته رصيدا من المقاومة والصمود لا يتزعزع ،وتحدد وعي قطاع واسع من أمتنا بأن أهمية القدس في ما تحتله من قداسة وفيما تملكه من مقدسات، وفي كونها أرضاً عربية منذ عصور التاريخ القديم. واعتبر أن هذا الإحساس العاطفي والشعور الروحي والمعنوي رغم أهميته يظل ناقصا في حال غياب مشروع عربي إسلامي فالقدس كانت وما زالت القضية التي لا يختلف عليها اثنان. وأشار إلى ان عدم الاختلاف وحده لا يكفي لتوحيد الأمة للالتفاف حول القدسوفلسطين، بل ان قيام مشروع عربي إسلامي هو ما ينبغي تبنيه، والعمل في إطاره ليكون المشروع الذي تواجه به الأمة المشروع الصهيوني ،وبه يتحقق مغزى ودلالة أن تكون القدس عاصمة الثقافة العربية. وقال " لقد قامت أحزاب عربية على أساس تحرير فلسطينوالقدس الشريف, وقامت ثورات عربية من أجل القضية الفلسطينية، والكل أعطى هذه القضية الأولوية النضالية، وارتفعت الشعارات المتبنية للقضية الفلسطينية،وانعقدت المؤتمرات و الندوات وضمخت الكتب والدراسات والبحوث بمداد القضية، وزاد الحديث فيها، واختلفت النخب الفكرية أو اقتربت من بعضها على أساس القضية، لكن الخط البياني للقضية ما زال يعاني المشروع الصهيوني التهويدي الذي انفرد في الساحة لا يقف في وجهة سوى ذلك الصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني الأعزل إلاّ سلاح إيمانه بالله وتشبثه بأرضه وحقوقه". وأضاف أن القدس في الوعي القومي الإسلامي العام يجب أن تتجاوز حدودها الجغرافية لتمتد وتشمل مركزاً حيوياً ومركزياً في مشاريع نهضة الأمة وتصديها للمشروع الصهيوني ، لذلك يجب أن تتسع دائرة الوعي العربي الإسلامي بالقدس، وتنتقل به ليغدو مشروعا عمليا مواجها للمشروع الصهيوني، لا يصد عن تنفيذه انشغال بهموم قطرية سببها إشكالات اختلقها تردي وعي النخب السياسية والفكرية التي لم ترق إلى مستوى الاصطفافات الوطنية المنصرفة إلى البناء والتحديث لتغتال قدراتها الخلاقة في المماحكات والمكايدات الداخلية وإلغاء بعضها لبعض ومحاولة ادعاء كل منها امتلاك الحقيقة دون غيرها. وطالب ان يكون مشروعا يجعل القدسوفلسطين مركز الاهتمام الكوني المستوعب والمنصف لأهل الحق المشروع، وهو حق أزلي لا يمكن أن تلغي مشروعيته أطماع الاستعمار الاستيطاني في غفلة من الزمن. مبينا أن قوة التأثير على المجتمع الدولي تبدأ أولاً بما يتحقق من اصطفاف فكري وسياسي بين الأطياف الفكرية والسياسية على الساحة العربية ليحظى مشروعنا العربي باحترام الآخرين . و أكد إن صراع أمتنا مع المحتلين الصهاينة هو صراع على امتلاك التاريخ والجغرافيا فنحن نشهد يوميا حملة تهويد للتاريخ والجغرافيا في القدس خاصة وفلسطين عامة. وطالب بنشر ثقافة القدس بين شعوبنا وأجيالنا، وأن تترجم تلك الثقافة و الوعي بها إلى استراتيجيات عمل تكون حاضرة في جميع الميادين السياسية والثقافية والتاريخية والحضارية والإعلامية وهذا العمل لا يقتصر على المؤسسات الرسمية والحكومية بل يجب على جميع المؤسسات والمنظمات الشعبية والجماهيرية والشخصيات العلمية والثقافية والفكرية وكذلك القوى السياسية بجميع أطيافها وألوانها عليهم جميعا أن يدركوا عبء المسئولية الملقاة على عاتقهم اليوم. وشدد على أن الأمة بحاجة لخلق رأي عام دولي ضاغط لإسقاط المشروع الصهيوني الاحتلالي الاستيطاني الغاصب، لنجعل من العام الذي اتخذت فيه القدس عاصمة للثقافة العربية نقطة انطلاق لنشر ثقافة عروبة القدس، وصون هويتها العربية وكبح جماح المشروع الصهيوني ونوه الى ضرورة تعميم تدريس القضية الفلسطينية في الجامعات العربية وفي التعليم العام في عموم الوطن العربي وتصدير الثقافة العربية للقدس وفلسطين إلى المجتمعات الغربية باللغات الانجليزية والفرنسية والأسبانية والإيطالية والألمانية ، ونشر الكتب والمجلات وإقامة المعارض وتحريك الفرق الفنية والأدبية والثقافية وعقد الندوات والمؤتمرات وغيرها من التظاهرات الثقافية.