لأكثر من عامين واليمن تعيش حالة فوضوية خالد الهروجي غير مستقرة، عكست نفسها على الناس في هيئة مخاوف يصعب عليهم السيطرة عليها أو الحد من تأثيراتها التي تكهرب أيضاً السكينة الاجتماعية العامة، لدرجة أصبحت معها حياة الناس في يمن الإيمان والحكمة مزيجاً من القلق والخوف وشيء من رجاء . وهي في الحقيقة مشاعر غير مفتعلة ولا مبالغ فيها، لأن الأزمات التي تتقاذف اليمن وتنال منه شيئاً فشياً، تجعل اليمنيين يضعون أيديهم على قلوبهم ليلاً ونهاراً، خوفاً على البلاد من التمزق الشامل والانهيار الكامل، بعد أن تكالبت عليه الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية التي أفقدته توازنه، وعندما تصل مشاعر الخوف على الوطن إلى هذه الدرجة تصبح الحياة جحيماً لا يطاق. وبرغم الأوضاع الملتهبة والتي بالتأكيد ستحرق الجميع حكاماً ومحكومين، إلا أن رجال السلطة والمعارضة يواصلون صراعهم ومناوراتهم السياسية بدم بارد وعلى حساب الوطن الذي يستنزفون خيراته والشعب الذي يحتمون خلفه، وفي ذات الوقت تجدهم يتشدقون بالوطنية، وبعضهم يتباكى بسذاجة مفرطة على سوء الأحوال وكثرة الأهوال وظلمة المآل، والآخر يفاخر بغباء ليس له حدود بما نحن عليه من النعيم والعيش الكريم. اليوم بات من الواضح أن حكام الأمس واليوم يعملون فقط من أجل البقاء في السلطة، ورجال المعارضة وأحزابها يسعون ويجتهدون لإزاحة الحكام الحاليين، واعتلاء عرش السلطة أو على أقل تقدير الفوز بموطئ قدم فيها ولو بالشراكة، بغض النظر عن شكل الوطن الذي سيحكمونه والشعب الذي سيديرون شئونه، المهم الوصول للحكم حتى وإن تحول الوطن إلى مقبرة مكتظة بالموتى والمجانين.
ولأن السيطرة على السلطة غاية أقطاب العمل السياسي في الحكم والمعارضة، فلم يكترثوا لحال الشعب الذي يلعبون بأعصابه على مدى عام ونيف وهم يطلقون الدعوات والمبادرات لحوار يقول جميعهم أنه المخرج الوحيد المتاح لإنقاذ البلاد ومعالجة أزماتها الطاحنة، ومع ذلك لم يبدأ الحوار بعد ولم يلتق سياسيو اليمن لبحث الحلول والمعالجات التي يتحدثون عنها.
عام وأربعة شهور انقضت منذ اتفاق فبراير وحتى اليوم، وهم يجرعون الشعب خطباً مملة وشعارات لا تقل سخافة عنهم، فتباً لها من سلطة عاجزة، وسحقاً لمعارضة تقدم نفسها بديلاً، ولكن بصورة مشوهة وأكثر سوءاً وعجزاً من السلطة الحالية.