تروي اوبرا ريغوليتو التي كتبها فيردي في منتصف القرن التاسع عشر وعُرضت لأول مرة في عام 1851، واحدة من أروع قصص العاطفة المشبوبة والحب والغواية، فيها تتصاعد لعنة العشق وقوة الحبكة الى نهاية كاسحة. ولكن تحفة فيردي المأساوية التي تدور احداثها في مدينة مانتوا على خلفية صراعات بين دوقاتها في عصر النهضة، ظلت تقليديا تُقدم على خشبة المسرح قبل ان يطلع تلفزيون "بي بي سي" بفكرة نقل المُشاهد الى قلب الاوبرا وساحة احداثها. وستبث الاوبرا على امتداد يومين في ايلول/سبتمبر المقبل بعنوان "ريغوليتو في مانتوا" من مناطق حول المدينة الايطالية التي تشكل مسرحها المتخيَّل في الأصل، وسيقوم المغني العالمي بلاسيدو دومينغو بدور البطولة. تدور احداث الاوبرا حول كفاح مهرج البلاط ريغوليتو لحماية ابنته غيلدا من دوق مانتوا الشبق رغم اللعنة التي انزلها به الكونت مونتيروني، والد بنت أُنجبت بعد واحدة من غزوات الدوق الكثيرة. وتعهد المنتجون بأن تكون الاوبرا هذه المرة أقرب الى الفيلم الروائي منها الى العمل المسرحي المعهود. ونقلت صحيفة الغارديان عن جان يونغهازبند محررة الموسيقى والفعاليات الفنية في ال"بي بي سي"، ان أداء الاوبرا سيوحي وكأن اماكن المدينة هي المسرح بحيث يتنقل الممثلون بين الغرف كما في الفيلم الروائي. وستكون هذه مهمة شاقة لأن الكاميرات السينمائية تتحرك سريعا على سكة تلاحق الممثلين في تنقلهم بين الغرف وفي الخارج، وهي عملية معقدة وستكون مشاهدة الاوبرا في هذا الانتاج معايشة استثنائية للجمهور. وصفت يونغهازبند الانتاج الجديد بأنه عمل ضخم وفريد تماما لا سيما باستخدام الأماكن الحقيقية التي تدور احداث الاوبرا فيها مثل قاعة الدوقية في مانتوا، وسيكون صوت الاوركسترا حيا لكنه ينساب من موقع آخر وبالتالي فان الجمع بين هذه العناصر وضمان عملها بنجاح سيكون "بالغ التعقيد". من افراد الطاقم الذي سيعملون في هذا الانتاج الضخم السينمائي الايطالي فيتوريو ستورارو الذي فاز بجائزة الاوسكار لعمله في افلام بينها "القيامة الآن" و"الامبراطور الأخير". قد يكون الانتاج الجديد لاوبرا ريغوليتو شديد التاثر بتقنيات السينما ولكن محبي هذا الفن لن يعترضوا طالما ان مغني الاوبرا الشهير بلاسيدو دومينغو سيقوم بدور البطولة. وقال دومينغو انه شديد التأثر باختياره لهذا الدور "ولست واثقا من ان الدموع التي ستتجمع في حنجرتي لن تغلبني". ولاحظ دومينغو ان اوبرا ريغوليتو هي اول اوبرا سمعها وشخصية بورسا هي اول دور غناه. واكد دومينغو انه يشعر بالامتياز لتمكنه من القيام بدور ريغوليتو في هذا الفيلم الحي وفي المكان الذي اختاره فيردي وجاهد من اجل تحقيقه في مواجهة رقباء الامبراطورية النمساوية. عُرضت اوبرا ريغوليتو لأول مرة في البندقية قبل 160 عاما. ولكن موضوعة فيردي كانت مثيرة للجدل لأنه استوحى في عمله الموسيقي مسرحية فيكتور هوغو "الملك يلهو" التي مُنعت في فرنسا وشمال ايطاليا الواقع وقتذاك تحت سيطرة الامبراطورية النمساوية، لتصويره الملك فاجرا في فترة كانت اوروبا تشهد عودة الأنظمة الملكية الى السلطة. سيبث تلفزيون "بي بي سي" اوبرا ريغوليتو على امتداد امسيتين في 4 و5 ايلول/سبتمبر.