المصدر أونلاين – الخليج الإماراتية منذ أربعة أيام خلت، لم يكن لأحد أن يتخيل أن شباباً في عمر الزهور كانوا يتواجدون في ساحة التغيير في العاصمة صنعاء، يحلمون بغد أجمل وأفضل بعد سنوات عجاف، يمكن أن يزفوا أمس جماعات جماعات إلى القبور. العشرات من الشباب في عمر الزهور، كانوا قبل أيام قليلة يلتحفون الأرض وينامون في الخيام بانتظار شيء أجمل وقرار أكثر حكمة لنقل اليمن إلى وضع أفضل مما يعيشه اليوم، لم يكونوا يتصورون أن آلة القتل الجهنمية يمكن أن تقتلهم بمثل هذه البشاعة. لم يكن الشباب الذين سقطوا وهم يتظاهرون بصدور عارية، إلا من إيمان بقضيتهم وبحلم بيمن أجمل، يعتقدون أن أصوات الرصاص وقاذفات الصورايخ والمدفعية أقوى من أحلامهم، لقد كانوا ينشدون مستقبلاً أفضل، عوضاً عن الموت الذي كانوا يكرهونه. يوم أمس خرج الآلاف من الشباب في ساحة التغيير، ممن لا يزالون على قيد الحياة يودعون أصدقاء وأحبة وأشقاء كانوا معهم إلى ما قبل أيام قليلة يتقاسمون الخبز والأحلام والذكريات الجميلة في ساحة التغيير في العاصمة، ولم يكن يدور في خلدهم أن الموت كان أسرع من الجميع. لقد بكى الكثيرون وهم يودعون أحبتهم إلى القبور، بعد أن ظلوا معهم لأشهر يحلمون بدولة مدنية عادلة، دولة يستظل تحتها الجميع، دولة لا يستخدم فيها الجندي آلة القتل التي ينفق عليها المواطنون من قوت يومهم، ولم يوجهها الجندي إلى وجهتها الصحيحة. «إلى القبور أيها الأحبة، فنحن لاحقون»، هكذا كانت أصوات المشيعين تصدح في مسيرة التشييع، لا يعلم هؤلاء الذين يتقدون بالحماس والرغبة في التغيير أن بعضاً منهم يمكن أن يلتحق بأخيه وصديقه من دون سابق معرفة إلى قبر لم يكن يعرف أنه قادم إليه. لقد تعب الحفارون، وهم يجهزون قبور الراحلين، اختلطت دموعهم بتراب القبور التي ظلوا يجهزونها منذ يومين لتحتضن أحبة فارقوهم إلى الأبد، وهم يرددون: «أيها الراقدون تحت التراب إننا إليكم قادمون، فلا أحد يدري متى يكون القدوم».