تباينت المواقف الدولية والعربية الخميس من مطالبة المحتجين الليبيين بفرض حظر جوي في البلاد، بين تأييد فرنسي وبريطاني وتريث أميركي وتحفظ ألماني، وتلويح به من قبل الجامعة العربية، يأتي ذلك وسط تهديد العقيد معمر القذافي بالتصعيد ضد المحتجين. فقد قالت فرنسا وبريطانيا إنهما ستدعمان أي قرار بفرض حظر جوي في ليبيا إذا استمرت هجمات قوات العقيد القذافي ضد المحتجين. وقال وزير خارجية فرنسا ألان جوبيه في مؤتمر صحفي مع نظيره البريطاني وليام هيغ إن الطرفين يعملان على "اقتراحات جريئة وطموحة" لتقديمها للاتحاد الأوروبي في الاجتماع الخاص بالشأن الليبي الأسبوع المقبل. وأشار مدير مكتب الجزيرة في باريس زياد طروش إلى أن التوجه الراهن في الدولتين هو التحدث بلغة واضحة وصريحة في هذا الشأن. حذر أميركي أما واشنطن فبدت حذرة في هذا الشأن، وأكدت على وجود مخاطر دبلوماسية وعسكرية، لكنها حركت سفنا حربية إلى البحر المتوسط. وقد وصف وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس عملية الحظر بأنها معقدة، وقال إن الأمر يتطلب تنفيذ ضربة عسكرية ضد دفاعات ليبيا الأرضية لإنجاح الحظر. من جانبه وافق مجلس الشيوخ الأميركي على قرار غير ملزم يدعو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى دراسة فرض منطقة لحظر الطيران فوق ليبيا لحماية المدنيين. من جهتها استبعدت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إقامة منطقة حظر طيران فوق الأجواء الليبية في الوقت المنظور، وأعربت عن خشيتها من أن "تتحول ليبيا إلى ما سمته صومالا كبيرا". تحفظ ألماني بدوره استبعد وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله بحث فرض منطقة حظر طيران في الأجواء الليبية دون إشراك الأممالمتحدة في المباحثات. وقال إن هذه الخطوة تنطوي على ما وصفها بتحديات خطيرة عند الممارسة، ونبّه إلى احتمال حدوث "نتائج عكسية" في العالم في حال اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية في ليبيا. من جانبه أعلن حلف شمال الأطلسي (ناتو) الخميس أنه "ليس لديه نية" للتدخل في ليبيا بدون دعم الأممالمتحدة، ولكنه أشار إلى أن الحلف يعد الخطط اللازمة تحسبا لتلقي دعوة من الهيئة الدولية للتدخل. وتمتنع الأممالمتحدة حتى الآن عن الدعوة إلى التدخل العسكري، مثل فرض منطقة حظر جوي في ليبيا. وقال الأمين العام للحلف أندرس فوغ راسموسن "أود أن أوكد أن الناتو ليس لديه أي نية للتدخل، ولكن بوصفه حلفا دفاعيا ومنظمة أمنية فإننا نعد خططا محكمة تحسبا لكل الاحتمالات". تلويح عربي أما الدول العربية فقد رفضت كل أشكال التدخل الأجنبي، ولوحت في المقابل بفرض حظر جوي على ليبيا بمشاركة الاتحاد الأفريقي إذا ما استمرت الاضطرابات الراهنة. ونص قرار اعتمده وزراء الخارجية في اجتماعهم بالقاهرة الأربعاء على أن "الدول العربية لن تقف مكتوفة الايدي بما في ذلك فرض الحظر الجوي على ليبيا بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي". ولفت إبراهيم دباشي نائب سفير ليبيا لدى الأممالمتحدة -وهو من أوائل الدبلوماسيين الذين انشقوا عن القذافي- إلى أن المنظمة الدولية قد تدعم قرارا بفرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا إذا طلب المجلس الوطني الليبي الانتقالي ذلك رسميا. يذكر أن أصوات المحتجين الليبيين التي تنادي بحظر جوي في البلاد تعالت في الآونة الأخيرة بهدف الحد من تدفق المرتزقة الذين يأتون من الخارج جوا، ومنع الهجمات الجوية التي تنفذها قوات العقيد القذافي. وكان القذافي قال في كلمته الأربعاء بمناسبة الذكرى ال34 لإقامة الجماهيرية في ليبيا "لا أحد يسمح أن تكون في بلاده مجموعات مسلحة ترهب السكان، هذا لا يمكن أن يستمر ولا بد من القضاء عليه"