اقترحت فرنسا تشكيل لجنة تضم وزراء خارجية الدول المشاركة في التحالف الدولي للإشراف على العمليات ضد نظام العقيد الليبي معمر القذافي، وسط خلافات على دور حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في حين قال البيت الأبيض إن واشنطن وأنقرة اتفقتا على أن تطبيق الحظر الجوي "سيحتاج جهدا دوليا واسعا"، وأبدت روسيا قلقا من الاستعمال "العشوائي" للقوة. وقال وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه مخاطبا البرلمان إن الهيئة المقترحة ستضم وزراء خارجية الدول التي تساهم في التدخل العسكري، وأيضا الجامعة العربية، وهو مقترح قبلت به بريطانيا، حسب قوله. وأضاف أن المقترح يقضي باجتماع أعضاء الهيئة خلال الأيام القادمة، على أن تواصل لقاءاتها دوريا بما يحقق وجود إشراف سياسي على العمليات. خلافات تحتدم واحتدمت خلافات أعضاء التحالف على من يدير العمليات وعلى دور الناتو الذي تنتمي إليه أهم الدول التي تنفذ حظر الطيران وهي فرنساوبريطانياوالولاياتالمتحدة. فقد قالت واشنطن إنها تريد دورا مركزيا للحلف، لكن جوبيه كان صريحا في رفض المقترح، ف"بالنسبة لنا هذه بالأساس عملية أرادتها الأممالمتحدة". وأضاف "إنها بهذا الشكل ليست عملية للناتو، حتى ولو كان يفترض فيها أن تكون قادرة على الاستفادة من قدراته العسكرية في التخطيط والتدخل". وجدد القول إن الذي سيوقف العمليات هو التزامٌ تام من نظام القذافي بوقف إطلاق النار، فيما أكد رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون أن التدخل البري مستبعد تماما. واستأنف سفراءُ الناتو لقاء ببروكسل اليوم الثلاثاء لبحث الأزمة الليبية، وسط خلاف على دور الحلف. ووُصِف لقاء للسفراء ب"الصعب للغاية"، لكنه أقر مع ذلك مشاركة الحلف بقوة بحرية في تطبيق حظر توريد السلاح إلى ليبيا. من يقود؟ والخلاف هو على من تؤول إليه قيادة العمليات عندما تنسحب واشنطن منها خلال أيام كما أعلنت، بسبب مخاوفها من الانجرار إلى مستنقع عسكري جديد في بلد إسلامي. وحذرت فرنسا –البادئة في تنفيذ الهجوم- من إعطاء الناتو دورا سياسيا في قيادة العمليات في بلد عربي، ودعت تركيا إلى الحد من أي دور له في الهجوم. وقال مسؤول في الناتو إن باريس دعت في لقاء للحلف إلى إبقاء قيادة العمليات في يدها ويد لندنوواشنطن الأعضاء في الناتو، على أن يوفر الحلف الدعم العملياتي، بينما دعا آخرون إلى أن تكون للحلف القيادة كلها أو لا يكون له أي دور. وبررت فرنسا موقفها بوجود صورة سلبية للناتو في العالم العربي بسبب حرب أفغانستان، وباعتقاد يسود في المنطقة بأن الولاياتالمتحدة تسيطر عليه. جهد واسع ومن على طائرة رئاسية تقل الرئيس الأميركي في جولة بأميركا اللاتينية، تحدث مسؤول في البيت الأبيض عن اتصال هاتفي أجراه الرئيس باراك أوباما مع كل من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني الذي أعلنت بلاده أنها ستشارك في "وقف حمام الدم". وحسب هذا المسؤول، فإن أوباما وأردوغان جددا دعمهما لتطبيق كامل لقرار مجلس الأمن "لحماية الشعب الليبي"، واتفقا على أن ذلك "سيحتاج جهدا دوليا واسعا يشمل الدول العربية". وكانت تركيا وصفت الضربات بأنها غير مجدية، وحذرت من أنها تجاوزت تفويض قرار مجلس الأمن، وهو موقف قريب من موقف أعلنته الجزائر. وقال أردوغان إن بلاده لن توجه بنادقها إطلاقا إلى الشعب الليبي، وستبلغ حلفاءها في الناتو بذلك. وقال مسؤول في البيت الأبيض إن أردوغان يعرف قدرات القيادة والحكم التي يملكها الناتو في العمليات، لكنه رفض مناقشة ما قد تستطيع تركيا فعله في ليبيا. ووصف مسؤولون إيطاليون القيادة الثلاثية بالفوضوية، فيما حذر وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني من أن بلاده ستسحب رخصة استعمال قواعدها إن لم تقر هيئة تنسيق يشرف عليها الناتو. وفي تونس أيد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون استمرار العمليات إلى أن يوقف نظام القذافي عملياته العسكرية ضد المدنيين. الجزائروروسيا وفي موسكو أبلغ الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف وزير الدفاع الأميركي الزائر روبرت غيتس قلق بلاده من الاستعمال "العشوائي" للقوة التي فوضها مجلس الأمن، ومخاوفه من وجود ضحايا مدنيين في ليبيا. كما حذر وزير خارجيته سيرغي لافروف من أن الضربات قد تؤجج "الإرهاب الدولي"، ودعا إلى احترام القانون الدولي. وكان لافروف يتحدث في الجزائر بعد مؤتمر صحفي مع نظيره الجزائري مراد مدلسي الذي وصف –في أول موقف رسمي جزائري- الضربات بغير المتناسبة. وقال مدلسي إن الضربات "مبالغ فيها" مقارنة بتفويض القرار 1973، وإنها فاقمت الأزمة، ودعا إلى "الوقف الفوري" لها "حتى نحافظ على حياة إخواننا الليبيين"، بحيث يفسح ذلك المجال لهم "لإيجاد حل سلمي ودائم للأزمة، مع احترام وحدتهم والحفاظ على سيادتهم ووحدتهم الترابية".