بقلم / د/ عبد الصمد امين عبد الواسع الحقيقة ان للشعوب قوة لا تقهر وللقائد ارادة تصنع التحول بهكذا تعلمنا من حقائق التاريخ ووقائع الجغرافيا والوهم ان للعصابات مهما كانت بشاعة جرائمها قوة...
والمتتبع للأوضاع والمستجدات بخاصة بعد 11نوفمبر2011 الى 21 فبراير 2012 وحتى الان يمكنه ان يستشف كيف خطط رجال العصابات للمسار السلمي ليكون مربكاً على اكثر من صعيد داخلي وإقليمي بل ودولي كما ان الشعب كان مرتبكاً نتيجة لتدفع الاطراف المتسابقة للحفاظ على ما احتلت من سلطات العامة ونهب المال العام_في ثلث قرن على الاقل_ودفع الأحدث نحو المزيد من التعقيد والتأزم وتنكيد حياة الناس _بما يمتلكون من مراكز مالية وتجارية مؤثرو_ل الهائهم بشعارات ديماغوجية وانتهازية ايضا لشدة التباين والاختلاف على المصالح من جهة وعلى ضرورة تميع الموقف الشعبي القوي والمتجذر في ارادة خلاقة منذ ألاف القرون حتى يسهل توجيه مسارات الصراع ليتسق مع خلفيات اربك المشهد للانحياز ضد الوطن وتغيب الارادة الشعبية لتغليب خيار الحرب:اولا: ارباك المشهد الوطني:
كان التركيز في ذلك على ترك الكثير من القضايا التي تمس حياة الناس وهمومهم اليومية ومستويات معيشتهم كقضايا الافقار والتجهيل والبطالة والعمل والإنتاج والأمن (الشخصي والغذائي والصحي) والعدالة والمرافق العامة والخدمات عرضة للتدني والتدهور عما كانت عليه من السوء وذهب يتسابقون على تفيد المواقع الادارية المتقدمة فتقا سمو الحكومة مناصفة بين عصابة الفيد (المالي) وعصابات الكيد (السياسي) ليأتي الرئيس المنتخب في 12 فبراير على تشكيل نخبوي تتلاعب فيه نخب ولاءها للوظيفة العامة تحكمه مقدار الغنيمة المرتقبة من الاتجار (بالوطن: السيادة&الانسان ونهب المال العام) بل والقابلية للاحتراب وارتكاب أفضع الجرائم في حق الوطن والشعب حال تأخر موعد الغنيمة او التبس امرها فهذه النخب غير متجانسة في حقيقة الامر لكنها:
1- تتحالف: تجدها متحالفة مع بعضها في تالف اهم صفاته الاحتكار لقطاعات اقتصادية بالكامل واحتكار التوكيلات الاجنبية (النفط والغاز وكل مشتقات التعدين بما فيه المعادن النفيسة) وتهريب السلع المغشوشة (ابتداء من صفقات الاسلحة المشبوهة الى صفقات القمح الفاسدة) بما في ذلك السموم والأدوية المحرم تسويقها والمقلدة فضلا عن التهرب الضريبي فلا تتعداء نسب الضرائب التي يدفعونها من الاستحقاقات الضريبية ما يذهب للمتحصلين العاملين في ضرائب كبار المكلفين.....
2- تتخاصم: عند تعزيز مراكز الفيد فلا تسمح عصابة لأخرى القفز فوق الفواصل او تجاوز المربعات التي تحكمها انصبة المحاصة والغنيمة وعند تعزيز الانتماءات لغير الوطن او الولاء للخارج هنا يتناحرون في درجة الاستعداد لتنفيذ الاجندة الخارجية كوكلاء للخارج ليس في تسويق المنتجات المسمومة بل والأفكار والإيقاع بسيادة الوطن وتاريخه وكرامة ابنائه فالوطن لا مجال له عندهم إلا باعتباره نهبا وغنيمة وهم يفتقرون للحد الادنى من الثقافة الحية كما هو حال مثقفي شعوب الارض ولا يتمسكون بأدنى القيم السياسية أو الانسانية لأنها تتعارض مع منطقهم في الربح السريع والخاطف....
3- تتلاعب: بالقوة الاقتصادية الطفيلية التي ارتكز تكديس الثروة لهذه النخب الاقتصادية على افقار المجتمع وتجهيله والاتجار بالسيادة والتغلغل في شرائحه المختلفة لتمزيق النسيج الاجتماعي تحت وهم العمل ضد بعضهم او خصوماتهم ب إلتحاف قناع الوطنية او الدين او الليبرالية او القومية او الاشتراكية وهي قوى تقليدية (قبلية ومذهبية وقطاع طرق) ولكنهم يرتدون اقنعة سياسية عندما يتعلق الامر باستغفال المجتمع وقهر الفقراء معيشيا واقتصاديا وهم الغالبية العظمى من الشعب المقصى سياسيا ايضا.
ثانيا- الانحياز ضد الوطن والشعب:
أثار سلوك نخب الفيد (المالي) والكيد (السياسي) في ثلث قرن على الاقل الكثير من الاستغراب واللبس وعلامات الاستفهام؟؟ فلم تكن أي منهما منحازة للوطن والكل يدرك ذلك (السيادة وكرامة الانسان)!!! ولا اعتقد ان الذاكرة قد خانت الشعب (في فقيه شيخ الرئيس وسيدهم) فلقد تلاعبوا بكل أساليب استغفال البسطاء بل والنخب التابعة (المتغير التابع من لاقطي البواري) من خلال الايهام ب والتصريحات لمتشددة ضد بعض في دواوين التجهيل والبر دقة_او بالأحرى حيث يتم احراق معنويات انصاف المثقفين وأشباه الوطنين_فالبعض يصرح انه مع تلك الافكار او الايدولوجيا او العقيدة والأخر يدعي حيادية الموقف والانحياز مع هذا الطرف أو ذاك...مما جعل القراءة لانحيازهم الحقيقي لغير انانيتهم عصية عن الفهم لبعض المثقفين وبخاصة من لاقطي البواري في دواوين المتمشيخون. حسب اعتقادي؟ او حتى قراءات مواقف المرجعيات الرسمية سو في قم او نجد او القسطنطنية ولندن وموسكو وواشنطن وغير ذلك وبوابات السفارات الاجنبية تكتنف غموض ذلك؟ حيث لم نلاحظ لتلك النخب موقفا متجانسا او موحدا او منحازا لغير جشعها والشقاوة.
ثالثا- قوة الإرادة والرقابة الشعبية "انموذج1":
كان لابد من ايراد انموذج للإرادة القوية والشعب الرقيب فالدولة المدنية الحديثة والعصرية كانت مطلب شعبي وليس مطلب نحب الكيد والفيد فهي لم تدع حضور الدولة يمتد حتى في المدينة الرئيسة للمدنية تعز عدا من الضباب الى الحوبان خلال ثلث قرن على الاقل فكيف من صعده الى المهرة؟؟ فبعد11فبراير 2011 برزت الهجمة الشرسة ضد مدنية هذه المدينة ومعها مدن اخرى كعدن وزنجبار والحديدة...فكانت تصرفات البعض اكثر همجيه وعدوانيه ضد الناس ولم يسلم حتى الباعة المتجولون وفرز النقل الخفيف ناهيك عن العبث وتبديد الموارد العامة واستلاب اراضي وعقارات الدولة والحدائق والمتنفسات العامة وردهات الشوارع وحتى لم تسلم احواش المساجد من الاستحواذ والاتجار بها وما أسهل المبررات لناهب؟ ناهيك عن تحصين المجرمين لخلق مزيد من حالات الافقار والتجويع بغية استعباد المجتمع بالعوز والفاقة وتخريب الامن الداخلي لممارسة العبث بالحياة العامة؟!!
رابعا- تبديد خيار الحرب:
ادرك الرئيس المنتخب_للشعب وليس لحزب او عصابة_في 12 فبراير2012 ان من 93-95% من اوراق اللعب في اليمن موزعة بين وكلاء الخارج في الداخل _نخب الفيد والكيد_والخارج نفسه المتمثل في المحيط الاقليمي والدولي فوجد نفسه اي الرئيس مضطرا لفسح مجال اوسع للحركة وسط هذه القيود المكبلة للدولة والمجتمع...محاولا فتح ابواب الرئاسة للمثقفين الصادقين والقيادات الشبابية التي توسم فيها الولاء للوطن والشعب_وليس الحزب والمذهب والمتمشيخ_مستلهما طريق الحوار كروح لنفخ الحياة في واقع سياسي مأزوم بالمكر والخديعة وقابلية نخبه لسلوك كل سبل المجرمين لإبقاء الدولة شكل دون مضمون والمجتمع منهوب ومسلوب الثروة والسلطة والتفت تلك النخب حول بعضها للمكر بالحوار الوطني... وتجاوز الحوار كل منعطفات الخطر والعراقيل التي نصبت في طريقه لنصل للمخرجات التي لم يروق لتلك النخب تنفيذها مهما بالغت في ادعاء ترحيبها بالتنفيذ وفتح الرئيس قلبه لنخب الفيد والكيد ممثلة في من يدعون زورا وبهتانا ب (علماء التجهيل وقيادات ادارية غبية ومقاتلين اكثر حمقا ومؤسسات اسرية طفيلية ومكاتب بعقول عقيمة تولد الكراهية والبغضاء) وكل ذلك على امل منه تنفيذ لمخرجات الحوار والانتقال لمرحلة متقدمة من التحول الديمقراطي برغم كل محاولات الكيد (السياسي) والابتزاز او الفيد (المالي) في حين اختارت تلك النخب طرق التصعيد ضد الرئيس والشعب والوطن مدعية انها تصعد ضد بعضها..
الاستنتاج:
كل ما سبق خلق وعي عام رقابي بعكس ما كان يتصور زعماء العصابات انهم بخلط الاوراق سيمارسون تزيف الوعي بطريقة ممنهجة ومختلفة عن المعتاد او المستور وما تم اماطة اللثام عنها بعد ثورة 11 فبراير؟ فكان لذلك مفاعلات ايجابية قائمة ومحتملة نحو الاتي:
1- لاستمرار في تبديد خيار الحرب:
للحفاظ على وحدة الوطن واتخذ سبل تقوية الدولة والمجتمع كأهم الرهانات على المستقبل في العبور بالتغير نحو الهدف المنشود لابد من تبديد كل خيارات الحرب التي يروج لها الفرقاء المتفقون اصلا على اقتسام الوطن ونهب ثروته وذلك بتجنب خيار الحرب ورفض الدخول المباشر في الاعمال القتالية لان جرائم الحروب برغم عدم انسانيتها فان ضحاياها الى جانب الابرياء هم اخواننا ايضا حيث مازال الوضع في البلاد والحمد لله بعيدا عن تشكيلات النصرة واستقدام الاجانب لذبح اليمنين....
2- الانتصار لخيار السلم:
رفضا للدخول في لعبة الحروب العبثية التي تدق طبولها نخب الفيد والكيد فقد تعززت القناعة لدى الشعب الذي اصبح رقيبا وليس مستغفلا كما مازالت تعتقد تلك النخب او منقسم حولها فلا مجال للمساومة بسيادة الوطن وكرامة الانسان او تقديم تنازلات اضافية كتلك التي رعتها تلك النخب وباركتها وارتزقت بها في عقود مختلفة فقد اهلت الثورة في استمرارية نضوجها في الزمن منذ 1948 الى اليوم شعبنا العظيم (دعوني احلم) ان يكون طرفا اساسيا في لعبة تقرير مصيره باستعادة جمهوريته المخطوفة وثروته المنهوبة وإدارته المحتله وحريته حيث لا يراد له ان يكون؟!!!
الخلاصة:
هذا الإرباك للمشهد داخليا وخارجيا والارتباك لدى عامة الشعب عدا تلك النخب التي تعرف جيدا مسافة يدها في الوصول للغنيمة والفيد ونهب أي نقطة فيما تبقى من وطن يعود في الاساس لتباين الخلفيات التي تم على أساسها صعود هذه النخب واحتلالها لسلطة الشعب ونهب ثروته ثلث قرن!!!