يبدو أن الخليجيين مقتنعون حتى الآن بجدوى ربط عملاتهم المحلية بالدولار رغم ما تشهده الورقة الخضراء من تقلبات كبيرة أمام العملات الرئيسية الأخرى بأسواق الصرف العالمية، في أعقاب تخفيض التصنيف الائتماني للديون السيادية الأميركية من جهة وتفاقم أزمة الديون الأوروبية من جهة ثانية.
يأتي هذا في وقت يرجح أن يناقش محافظو البنوك المركزية الخليجية خلال اجتماعهم بالعاصمة القطريةالدوحة غدا الأربعاء تداعيات أزمة الديون الأميركية والأوروبية على الوضع الاقتصادي والمالي الخليجي.
وفي هذا الصدد أعرب المسؤول الأول عن ملف الوحدة النقدية بالأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي الدكتور ناصر القعود عن قناعته بأن الدول الخليجية لن تفك الارتباط بالدولار، كما استبعد أن تكون هناك مراجعة لهذه السياسة النقدية على المدى المنظور.
وأضاف في تصريح للجزيرة نت أنه ليست هناك إرهاصات تشي بإمكانية التخلي عن سياسة الربط بالدولار، مشيرا إلى أن الدولار لا يزال قويا، كما أن الاقتصاد الأميركي قوي أيضا رغم الظروف الصعبة التي يمر بها.
عملة رئيسية واعتبر القعود أنه ما دام النفط -السلعة الرئيسية لدول الخليج- مقوما بالدولار، فإن من الصواب إبقاء العملات الخليجية مربوطة بالعملة الأميركية، مستبعدا في الآن ذاته أن يفتح مجلس إدارة المجلس النقدي، الذي سيلتئم أعضاؤه بالدوحة، هذا الملف من جديد.
من جهته قال الخبير المصرفي والمدير العام لشركة "المستثمرون المؤتلفون" بمركز قطر للمال قاسم محمد قاسم "من وجهة نظري لا تزال هناك جدوى اقتصادية من ربط الخليجيين عملاتهم بالدولار، والحديث عن تخليهم عن هذه السياسة سابق لأوانه".
وقال للجزيرة نت إن الخليجيين لا يزالون يثقون في الدولار بوصفه عملة رئيسية أمام اليورو أو باقي العملات الأخرى، لأسباب متعددة لعل أبرزها مكانته بوصفه عملة تقوّم بها صادرات النفط والغاز في الأسواق العالمية، وعملة لاحتياطاتها واستثماراتها الخارجية.
وفي هذا السياق قدر قاسم حجم الاستمارات الخليجية المقومة بالعملة الأميركية بنحو تريليوني دولار، نظير بعض مئات من المليارات من اليورو.
اختلالات ولفت الخبير المصرفي إلى أن الاختلالات الهيكلية التي يتخبط فيها النظام النقدي الأوروبي في ظل أزمة الديون السيادية، فضلا عن عدم اتفاق الدول على حلول عاجلة لأزمة الديون بمنطقة اليورو، كلها عوامل دعمت الدولار وأبقت عليه ملاذا آمنا للاستثمار.
وأشار قاسم إلى أن الدولار ظل دائما يتأرجح وفق دورة كاملة من الصعود والنزول، إذ كلما ضعف اليورو قوي الدولار، والعكس صحيح.
وعن إمكانية اللجوء إلى خيار سلة عملات مع بدأ العمل بالعملة الخليجية الموحدة لاحقا، أكد الخبير المصرفي أنه نظريا ظلت عملات دول الخليج مرتبطة بسلة عملات لفترة معتبرة من الزمن، غير أن هيمنة الورقة الخضراء على هذه السلة، رفعها إلى الواجهة وجعل منها علمة ربط دائمة.
تجدر الإشارة إلى أن ستاندرد آند بورز خفضت الشهر الماضي التصنيف الائتماني الطويل الأمد لديون الولاياتالمتحدة درجة واحدة إلى "+ أي أي" الشهر الماضي، مما أثر على قيمة الدولار في الأسواق، قبل أن يستعيد عافيته من جديد في أعقاب أنباء عن إمكانية إعلان إفلاس اليونان.