فاقمت الأعباء التي يتلقاها اليمنيين من جراء انقطاع الخدمات الضرورية من كهرباء ومياه ومشتقات نفطية، من صعوبة في الحياة لتسند في يومياتهم قساوة يصعب تجاوزها مع استمرار الوضع على ما هو في الوقت الراهن. وأفضى قطع الخدمات إلى تصاعد درجات غضب اليمنيين، لتزيد من نقمتهم على النظام الذي يشهد أكبر انتفاضة شعبية ضده دخلت شهرها التاسع منذ اندلاعها في منتصف كانون الثاني/ يناير.
ومع ما يحل بهم، من تردي الخدمات علاوة على انقطاعها تماماً، يتفشى جو من الضجر والغضب يواكب الحركة الاحتجاجية، ويفيض من زخمها.
وعبر عدد من المواطنين عن سخطهم البالغ من إطالة أمد انقطاع خدمة الكهرباء الذي يصل إلى أكثر ما يقارب23 ساعة في اليوم الواحد في مناطق كالعاصمة صنعاء ومحافظات يمنية عدة، فضلاً عن انقطاع خدمات ضرورية كالمياه وانعدام المشتقات النفطية.
مؤكدين أن استمرار ذلك يزيدهم غضباً ويرفع من شعور المقت باتجاه ذو الشأن في توفير الخدمات.
وقالت حنان. أ، وهي ربة منزل، ل«المصدر أونلاين» بأن انقطاع الخدمات عطل الحياة داخل بيتها، وحولها إلى جحيم، ولا تستطيع أن تقوم بما يمكن أن يسترد حياتها الطبيعية. وأضافت «أصبحت أكثر إيماناً بضرورة نجاح الثورة، لأنها ستستعيد لنا حقوقنا التي استلبها هذا النظام».
وتعزو الجهات الحكومية في انقطاع الكهرباء إلى تكرار هجمات القبائل على محطات التغذية الكهربائية، بيد أن الصورة مغايرة تماماً مع الكثير من المواطنين في تسبب الانقطاع.
وكانت وزارة الكهرباء قد حذرت من توقف خدماتها بسبب الأوضاع التي تجري في البلاد، وتعرّض محطات الكهرباء وخطوط الإمداد لخسائر فادحة جراء اعتداءات من قبل عناصر وصفتهم ب«الخارجين عن القانون».
وطالبت الوزارة في تقرير أعده وزير الكهرباء في حكومة تصريف الأعمال عوض السقطري الحكومة بتوفير دعم مالي عاجل يحول دون عجز مؤسسة الكهرباء عن الوفاء بالتزاماتها للغير ودفع رواتب موظفيها، محذراً من توقف بقية محطات الكهرباء العاملة في البلاد.
وبلغت الخسائر التي تكبدها البلاد بحسب التقرير 34 مليار ريال (170 مليون دولار أمريكي) منها 15 مليار ريال جراء تخريب خط صنعاء – مأرب ومناطق المواجهات العسكرية بصنعاء، إضافة إلى 19 مليار ريال عجزت المؤسسة عن تسديدها لمستثمري شراء الطاقة، وشركة النفط وقيمة قطع غيار إلى جانب نهب 16 سيارة ومعدات.
يشار إلى أن حجم الطاقة التشغيلية للكهرباء في اليمن لا يزيد عن 1290 «ميجا وات» في حين قدّرت الاحتياجات الفعلية بأكثر من 5 آلاف «ميجا وات» بحسب ما تعلنه الوزارة.
ويردف المواطنون إلى أن الجهات الحكومية تقترف ذلك لتوسيع دائرة العقاب على الجميع ودون استثناء، عقب خروجهم للمطالبة بإسقاط النظام وهو ما تقوم به الأخيرة على سبيل الانتقام حسب قولهم. وقال ماهر سليمان ل«المصدر أونلاين» بأن انقطاعها سبب له ولأسرته التعب والإرهاق، وهو ما دعاه ووجهه يفيض غضباً بالصراخ للقول: فليرحل عنا هذا النظام.
وأضاف والشرر يتطاير من محياه على هذا النظام أن يرحل لأنه لم يستطع توفير الخدمات البسيطة، فضلاً عن الأعباء التي نجنيها من انقطاع الكهرباء، أما بالنسبة للمياه فمنطقتنا الروضة وتقع هي في شمال العاصمة تعتمد في توفير هذه الخدمة بواسطة ال«وايتات»، لكن مع شحة توفر المشتقات النفطية، رفع من قيمة المياه، وهو ما زاد الطين بلة.
وأشار ماهر إلى أن تلك الممارسات في قطع الخدمات هي محاولة للنظام لإلهاء الناس، ونسب أسباب انقطاعها إلى الشباب المعتصمين، وهو ما لم نستطيع تصديقه. وقال بأن كل ما يمكن أن يقدم عليه النظام لا ينفع لأنه قد انتهى أمره وشرعيته مع الجرائم التي تتوالى بحق اليمنيين وأن محاولات التبرير لا تفيد بحسب تعبيره.
لكن المواطن يحيى محمد قال بأن أسباب المشكلة يتحملها الجميع، ويجب على كافة الأطراف التوصل إلى حل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وأضاف: اليمن في أعناق الجميع.
أما محمد الأصبحي (25) عاماً فقد وصف تواصل انقطاع خدمات الكهرباء والماء والمشتقات النفطية بالحرب النفسية، محذراً من نفد صبر اليمنيين.
وتعاني المشافي مشكلة في توفير الكهرباء للوازم الطبية التي تحتاج للطاقة الكهربائية لتشغيلها ما يضاعف من خطورتها على المرضى الموجودين في تلك المشافي.
فضلاً عن المصانع التي أغلقت أبوابها بسبب عدم توفر خدمة الكهرباء والأمن وكل ما يلزم هذه المصانع لإمكانية العمل ومواصلة الإنتاج.
ويقاسون بجانب ذلك قطع مستمر للمشتقات النفطية والمياه، وأمن رخو ينبري في قصف النظام اليومي لقرى أرحب وتعز وفي العاصمة صنعاء كساحة التغيير ومنطقة الحصبة.
وتدور معارك ضارية شبه يومية بين القوات الموالية للنظام وأنصار الشيخ الأحمر في مناطق الحصبة ، وتدوي الانفجارات العنيفة في ليالي العاصمة المظلمة جراء استخدام الأسلحة الثقيلة في المواجهات.
وعلى ذات السياق، تواصل القوات الموالية للنظام مهاجمة ساحة التغيير بصنعاء وإحداث اشتباكات مع القوات الحامية للساحة من قوات الفرقة الأولى مدرع، سقط خلال هذه الاشتباكات مئات القتلى والجرحى.
ويضطر اليمنيون إلى البحث عن المياه في مساقي المساجد، وعن البنزين من الأسواق السوداء الذي يتضاعف سعرها أضعافاً عن السعر الذي حددته الحكومة، وإلى الاستعانة بالمحركات الصغيرة لتوليد ولو جزء يسيراً من الكهرباء.
فيما يشتكي ملاك المحلات التجارية من أن انقطاع الكهرباء يسبب تلفاً للمواد الغذائية التي تحتاج للتبريد في الثلاجات، لتكبدهم خسائر كبيرة.
وقال وليد الوحيش ل«المصدر أونلاين» بأن انقطاع الكهرباء أدى إلى تلف مواد غذائية تحتاج للتبريد مثل الزبادي والحليب الطازج والآيس كريم وغيرها.