أوصت الورشة النقاشية حول الدور الفاعل للمرأة في مكافحة الفساد التي عقدها المرصد اليمني لحقوق الإنيسان (YOHR) اليوم بضرورة موائمة التشريعات المحلية مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها اليمن. وطالبت الورشة بإعادة النظر في المنظومة التشريعية الخاصة بمكافحة الفساد إبتداءً بالدستور، ومروراً بقانون مكافحة الفساد والمناقصات والذمة المالية وانتهاءً بالقوانين الأخرى الخاصة بالجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وقانون السلطة القضائية وقانون العقوبات، بما يسد كل المنافذ على الفساد ويساهم في تعزيز مبدأ الشفافية وإشاعة ثقافة النزاهة في المجتمع. وفي الورشة التي نظمها المرصد اليمني لحقوق الإنسان ضمن مشروع مسودة قانون حماية المبلغين في قضايا الفساد الذي ينفذه المرصد بالتعاون مع مشروع استجابة (RGP) والوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) أكد الدكتور يحيى صالح محسن على أن التعويل الآن يقوم على المواقف الدولية الضاغطة من أجل إنجاح أدوار مكافحة الفساد، وإنجاز بنية تشريعية ملائمة في هذا الشأن. وقال يحيى صالح في افتتاحه للورشة إن من المتوقع والمأمول خروج الورشة بجهود فاعلة في مكافحة الفساد، والخروج بتوصيات تعزز دور المرأة من حيث الممارسة العملية، أو بإعطائها دور فاعل وحقيقي داخل الهيئات المعنية بمكافحة الفساد، مشيراً إلى عدد من الدراسات التي أكَّدت أن المرأة أقل فساداً من الرجل. وشاركت في الورشة أكثر من 90 امرأة يمنية من الناشطات الحقوقيات والسياسيات، والموظفات الإداريات في القطاع العام، وربات البيوت. وفي ورقتها حول المرأة ومكافحة الفساد عزت الباحثة سميرة الفهيدي ضعف دور المرأة في مكافحة الفساد إلى تدني أوضاع المرأة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، ومحدودية مشاركتها في صنع القرار ما جعل أدائها العام في هذا الشأن ضعيفاً، ولا يمكن القياس عليه. إلا أنها أشارت إلى ما قدمته المرأة اليمنية خلال الثورة التي مرت بها اليمن في الفترة القريبة الماضية، والتي برزت فيها المشاركة الواسعة للنساء في الثورة الشبابية الشعبية السلمية، والاحتجاجات والمسيرات السلمية والتوعية والإعلام وتقديم الخدمات الطبية. وقالت الفهيدي: "امتدت مشاركة المرأة لتدخل إطار الثورات المؤسسية والمطالبة في إقامة دولة مدنية قائمة على الحقوق والحريات ومبدأ العدالة والمساواة والديمقراطية والنزاهة"، موصية في ختام ورقتها ببناء قدرات النساء في الوظيفة العامة والمجتمع المدني وفي وسائل الإعلام، وإشراكهن في عمليات التوعية، وتشجيعهن النساء على التبليغ بقضايا الفساد وإيجاد آليات حماية لهن. وأوصى الصحفي رشاد الشرعبي في ورقته حول ضورة مكافحة الفساد ووضع حد له كوعاء للحاكم باتباع إجراءات شفافة في عملية التقدم لطلب عضوية الهيئة العليا لمكافحة الفساد لدى مجلس الشورى، وإعادة النظر في المنظومة التشريعية الخاصة بمكافحة الفساد ابتداء، وتحديد معايير دقيقة للمتقدمين لعضوية الهيئة العليا تمنع وصول إلى قيادتها أشخاص ممن عرفوا بقضايا فساد مالي أو إداري او سياسي ليكونوا قدوة حسنة بصورة جدية، وإلزام مختلف القطاعات التي يحددها القانون بتقديم مرشحين يمثلونها الى مجلس الشورى من الجنسين ووضع حصة للمرأة (كوتا) كتمييز إيجابي مؤقت ليتاح لهن حضور أكبر في قيادة الهيئة. وانتقد الشرعبي استغلال النظام المرأة اليمنية واستخدامها كديكور وأصباغ لتحسين صورته الديكتاتورية خاصة أمام الخارج، حيث "ظل يدعي باستمرار أنه يتيح لها الفرص المتساوية مع الرجل في مختلف شئون الحياة ولممارسة حقوقها الإنسانية والدستورية كاملة" كما قال. وأضاف: "وكما كانت الهيئة العليا لمكافحة الفساد مجرد ديكور كبقية المؤسسات, فإن المرأة داخل الهيئة أو خارجها كانت مجرد ديكور مضاعف في وهم مكافحة الفساد, وحينما تمتلك المؤسسات قرارها؛ يكون جوهرها كظاهرها ولا تفرغ من محتواها الحقيقي. وأكّدت نائبة رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد التنمية أنه لا يمكن أن يقوم المجتمع بمكافحة الفساد بدون النساء، لأن المجتمع مكون في نصفه منهن، وقالت: "هذا النصف المعطل من المجتمع ينبغي أن يتم استغلاله في مكافحة الفساد من خلال التنمية، والتنمية أساساً هي مكافحة للفساد". وأشارت إلى أن هذا الموضوع مثار نقاش عالمي وليس في اليمن فحسب، مطالبة بتولي المرأة أدواراً مهمة وعديدة في اليمن، ومن خلال هذه الأدوار يمكن مكافحة الفساد، كما يمكن من خلالها بناء جيل يزدري الفاسدين، ولا يتعامل معهم كأذكياء وأصحاب مواهب أو قدوة. وخرجت الورشة بتشكيل فريق نسوي لمكافحة الفساد سيعمل خلال الفترة القادمة على إيجاد وتحقيق دور فاعل للنساء في مكافحة الفساد، وفتح باب العضوية في الفريق لكل الراغبات في الانضمام إليه.