استأنفت جمهورية إيران الاسلامية، منذ يوم أمس الجمعة، حملة اعلامية جديدة "منظمة" موجهة ضد اليمن تأييدا لما يقوم به الحوثيون أو من يسمون أنفسهم "أنصار الله"، من حصار للعاصمة صنعاء بغية اسقاطها. وبدأت ايران حملتها الجديدة بتصريح لأمين عام حزب الحق، عبر "وكالة أنباء فارس" والتي تعتبر الناطقة باسم الحكومة، والذي وصف ما يقوم به الحوثيون في صنعاء "امتداد للثورة الايرانية" التي قام بها الخميني.
واعتبر حسن زيد في تصريحه، وقوف دول الخليج العربي مع اليمن والتي أسماها في تصريح للوكالة الايرانية ب"دول الخليج الفارسي" خشية مما وصفه ب"المد الثوري الإسلامي إليها". واليوم السبت، نشرت نفس الوكالة "فارس" تحليلا بقلم "رضا دهقاني" بعنوان "موجة جديدة للصحوة الإسلامية في المنطقة.. اليمن هي المحطة الأولى"، أكد فيها العلاقة الراسخة بين افكار الحوثيين ومن تطلق عليه إيران "قائد الثورة الاسلامية" علي خامنئي.
وقال دهقاني في تحليله المنشور على موقع الوكالة (رابط التحليل) ان ما أسماها "ثورة الشعب اليمني الثانية" "تنطبق مع ما صرح به قائد الثورة الاسلامية علي الخامنئي حول الصحوة الاسلامية" حينما قال "بكل تاكيد فان هذه الصحوة ليست مرحلة عابرة ومؤقتة...انها حركة شعبية تسير قدماً نحو الامام ولا معنى للتراجع فيها... ومهما حدث فانها تنصب في مصالح الشعوب وتهدد مصالح القوى الجائرة وبالطبع على الشعوب ان تلتزم جانب الحيطة والحذر لاجتناب مكائد الاعداء".
وتقود ايران أيضا حملة تأييد ونشر لافكار الحوثي، عبر وكالات انباء توصف بانها مستقلة وباسماء مختلفة "تسنيم"، "ايسنا"، وكذلك مواقع محسوبة على الحرس الثوري الايراني كموقع "عماريون"، وعبر قناة "العالم" ايضا.
وكشف دهقاني ان دعم ايران للحوثيين ليس وليد اللحظة وإنما من فترات سابقة مشيرا إلى أن الوصفة التي أسماها "الصحوة الإسلامية" والتي قال ان الحوثيين أولى المحطات في منطقة شبه الجزيرة العربية، "ليست تياراً مؤقتاً كما يتصور البعض فهي حركة مثمرة تتكامل مع مرور الزمان".
واشار دهقاني في تحليله إلى أن "الملفت للنظر في اليمن هو التاكيد على احياء القضية الفلسطينية اضافة الى المطالبة باسقاط الحكومة"، مجدد الرابط مع ما أكد عليه الخامنئي حينما قال "ان اسرائيل هي العدو الاصلي للمسلمين وهو الخطر الاكبر الذي يهدد العالم الاسلامي برمته... الدماء التي تسيل في غزة هي انذار للشعوب الاسلامية لتغيير مواقفه والحركة في الطريق الصحيح".
وكانت إيران تلجأ دائما إلى استخدام وسائل اعلام محسوبة عليها في المنطقة لإظهار تأييدها لاعمال الحوثيين، إلا أن هذه المرة الأمر اصبح مختلفا فصارت الوكالات المحسوبة على النظام في ايران والناطقة باسم حكومتها كوكالة "فارس" هي من تقود تسويق الحوثيين عالميا وإظهاره في موقع "المظلوم" والمؤيد لمطالب الشعب وهي خطوات وصفها مراقبون "مطلب حق يراد به باطل".
وقبل أيام أكد الرئيس عبدر به منصور هادي، على أن "إيران تتدخل في شؤون اليمن بشكل كبير جداً، وتسعى لمقايضة صنعاء بدمشق"، وسط تصعيد جماعة الحوثي احتجاجاتها ضد الحكومة، ونصبها مخيمات لمسلّحيها، على مداخل صنعاء.
هادي، الذي كان يتحدث لقيادات "هيئة الاصطفاف الشعبي"، ونقل حديثه أحد الحاضرين، أشار أيضاً إلى وجود "مستشارين إيرانيين لعبد الملك الحوثي وأربع قنوات تلفزيونية بدعم من إيران، موجهة ضد اليمن".
كما تحدث عن "1600 طالب من أتباع الحوثي يدرسون في إيران". وأشار هادي إلى أن "ضابطين في الحرس الثوري حاولا إنشاء مصنع صواريخ في اليمن". ولا تعتبر هذه الاتهامات الأولى من نوعها، فقد اتهم هادي إيران أكثر من مرّة بالتدخل في الشأن اليمني، لكن تصريحاته هذه المرّة كانت أكثر حدة، إذ اتهم طهران بالسعي للسيطرة على صنعاء بواسطة الحوثيين، وما أثار استغراب المراقبين، أنه لم يتخذ خطوات تقتضيها نوعية الاتهامات.
وكشف الكاتب والمفكر اللبناني رضوان السيد، في مقال، نشره أمس في صحيفة "الشرق الاوسط" الصاردة في لندن تحت عنوان "العرب في مواجهة الميليشيات الداعشية والإيرانية" "عن نوايا الحوثيين او من يسمون أنفسهم "أنصار الله"، من إقامتهم مخيمات مليئة بالمسلحين على مداخل العاصمة صنعاء، مؤكدا أنهم يريدون "احتلال" صنعاء" كما احتل "حزب الله" اللبناني بيروت عام 2008.
وقال "قبل عامين أخبرني يمني كان يتردد بين صنعاءوبيروتوالعراق أنّ جنرال إيراني يدعى "سليماني" ورئيس وزراء العراق السابق نوري والمالكي كلَّفا طارق نجم الذي كان مدير مكتب المالكي الإشراف على شؤون الحوثيين"، موضحا أنه "في سياق "التبرك" المستمر ب"حزب الله" يريد الحوثيون الآن احتلال صنعاء كما احتل "حزب الله" بيروت عام 2008!".
وبين رضوان السيد في مقاله أن إيران رأت في تجربة الولاياتالمتحدة مع ميليشيات "المجاهدين" في الثمانينات، أثناء صراعها مع الاتحد السوفييتي في أفغانستان، أمرا يستحقُّ التقليد، وأعطت الأمر بالطبع عنوانين مختلفين: المقاومة والتحرير، والانتقام من العرب للثأر للحرب العراقية - الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي.
وقال "تقليد إيران لأميركا تمثّل في إنشاء ميليشيات أو استخدام ميليشيات من شبان البلاد العربية: من تجربة "حزب الله" بلبنان إلى تجربة الحوثيين باليمن، إلى تجربة الميليشيات بالعراق، وإلى استخدام ميليشيات أو أنظمة سياسية"، موضحا أن "إنشاء تلك المليشيات "دائما للتعطيل أو التخريب أو صنع مناطق النفوذ أو التجاذُب الظاهر مع الولاياتالمتحدة.
وأكد أن الملشيات التي أنشأتها إيران هي "في كل الأحوال لشرذمة الدول، وقسمة المجتمعات "وها هي حالات العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين شاهدة على ذلك"، حسب رضوان السيد. .