ذكرت صحيفة لندنية نقلا عن مصادر وصفتها بالمطّلعة إن القيادات الحوثية عملت ما في وسعها لإغراء أحزاب اللقاء المشترك مقابل القبول بصيغة سياسية وفاقية تسمح للحوثيين بالخروج من عنق الزجاجة التي وضعوا فيها أنفسهم بعد قرارهم بإمهال الفرقاء السياسيين ثلاثة أيام قبل إعلان قرارات "ثورية". وانتهت مهلة الأيام الثلاثة مساء أمس دون أن يتوصل الفرقاء إلى صيغة ترضي الجميع، وهو ما يعبّد الطريق أمام الإجراءات الاستثنائية التي لوح باتخاذها الحوثيون، لكن المصادر السابقة كشفت أن قيادة الجماعة تحاول الفكاك من ورطة استلام السلطة التي أوقعت فيها نفسها. وبحسب ما ذكرته صحيفة "العرب" اللندنية، فقد بدأ الحماس الذي ولدته الانتصارات العسكرية ينطفئ في صدور الحوثيين، فالنصر العسكري سهل، لكن الاستمرار بالسيطرة أمر صعب في ظل تعدد الخصوم وتشابك المصالح بين الأحزاب والقبائل والقاعدة. وكان آخر الخسارات هو افتراق المصالح مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي استفاد الحوثيون من شبكة علاقاته ونفوذه خاصة في المؤسسة العسكرية والأمنية، وهو نفسه قد يكون الخصم القادم. لكن التخوف الحوثي الأكبر هو من العجز عن قيادة البلاد بعد استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة خالد بحاح، والإحراج لا يقف عند غياب الكوادر والخبرات وانعدام البرامج، وإنما يمتد إلى العلاقات الخارجية التي هي شريان مفصلي لأي سلطة ذلك أن اليمن يعيش على القروض والدعم الخارجي. وفشلت الضغوط التي مارسها الحوثيون على الأحزاب للقبول بحل وفاقي ولو كان فضفاضا، وتسرب أن جماعة الحوثي طالبت بإدماج 20 ألفا من مقاتليها في الجيش وأجهزة الأمن كدفعة أولى، مقابل القبول بترتيبات أمنية جديدة في العاصمة ومحيطها. لكن الضغوط الحوثية على الأحزاب قوبلت بضغوط أخرى، فقد شهدت أحزاب اللقاء المشترك حالة انقسام نتيجة انسحاب الحزب الوحدوي الناصري، وتصاعد موجة الاحتجاجات داخل حزب التجمع اليمني للإصلاح (إخوان) والحزب الاشتراكي. وقام شباب غاضبون من الحزبين صباح أمس بإغلاق المقرات الرئيسة للحزبين في العاصمة صنعاء للتعبير عن رفضهم لما أسموه منح الشرعية للانقلاب من خلال التفاوض مع منفذيه، في إشارة إلى رضوخ قادة الحزبين لإملاءات الحوثيين في الحوار الذي يرعاه المبعوث الدولي لليمن جمال بنعمر. وكانت مصادر إعلامية قد تحدثت عن اتفاق لتسليم مقرات الإصلاح التي سيطر عليها الحوثيون منذ دخول صنعاء إضافة إلى إطلاق بعض شباب الحزب المعتقلين في السجون الحوثية، غير أن هذا الإعلان أجج حالة الرفض لدى قواعد الحزب لأي تقارب مع الحوثيين أو منحهم طوق نجاة بشرعنة احتلالهم لمؤسسات الدولة. وعلى الرغم من تبعات أي قرار حوثي منفرد إلا أن مصادر مطلعة، أكدت أن الحوثيين في حال فشلوا في تمرير اتفاق يلبي شروطهم سيعمدون إلى المضي قدما في مغامرتهم من خلال صبغها بطابع ثوري. ويجد الحوثيون أنفسهم بين فكي الكماشة التي صنعوها حيث سيضعف تراجعهم عن المهلة دون اللجوء إلى الخيارات الثورية موقفهم، كما أن إقدامهم على تشكيل مجلس رئاسي وهيئة انتقالية تقوم بدور الحكومة سيكون بمثابة انتحار سياسي. وتكمن ورطة الحوثيين بحسب ما اوردته الصحيفة عن مراقبين في حال انقضاضهم على السلطة بشكل علني وفي منأى عن القوى السياسية والشرعية الدستورية في التداعيات الداخلية والإقليمية التي قد تتسبب في انهيار كلي للوضع الأمني والسياسي والاقتصادي الهش في البلاد. وستجد القبائل والجماعات التي تواجه الحوثيين في المحافظات غطاء مناسبا لخوض الحرب مع الحوثيين كما ستتسع رقعة التأييد الشعبي للقاعدة والحراك الجنوبي. ويتوقع أن تجتمع كل القوى السياسية في المشهد اليمني بما فيها حزب الرئيس صالح في جبهة واحدة لمواجهة الحوثيين وتنبئ أي مغامرة حوثية بانهيار كامل للاقتصاد اليمني نتيجة العزلة الإقليمية وقطع المساعدات الدولية، وهو الأمر الذي هدد به سفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية، إضافة إلى حتمية توقف تدفق ضخ النفط من محافظاتمأرب وحضرموت وشبوة التي لا يتمتع الحوثيون بأي نفوذ يذكر فيها.