( من لم ينفعه ظنه لم ينفعه عقله ومن لم ينفعه عقله لم تنفعه عيناه" الامام علي بن ابي طالب ) .. كنت في زيارة لعدن هذا الاسبوع وقد خرجت بتاكيد لانطباع سابق بان هناك عملا منهجيا لما يمكن تسميته بأبينة الجنوب. فالتعيينات للابينيين في كل مفاصل الادارة الحكومية للجنوب، عسكرية ومدنية، تترى بوتائر عالية. وغالب ظني أن "الزمرة" الابينية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي تخطط للهيمنة على الجنوب تمهيدا واستباقا لفصله عن الشمال. ولن تتمكن من تحقيق ذلك الا اذا سمحت او بالاحرى دفعت الى اشعال الحرب في الشمال بين الاصلاح وعلي محسن من جهة وبين جماعة الحوثي التي قد يساندها المخلوع علي صالح بغرض اضعاف الطرفين، بحيث تتمكن الزمرة في ظل لهيب الحرب المستعرة في الشمال من المضي قدما في فصل الجنوب واستعادة الدولة الجنوبية ، ليس للجنوبيين، ولكن للزمرة الابينية التي خسرتها نتيجة لفعلتها الشنيعة في يناير 1986 . الزمرة والطغمة كنايتان اطلقتا عقب مجازر 13 يناير 1986 على الخصمين، مجموعة علي ناصر محمد ومجموعة علي سالم البيض على التوالي. كان الجرح والهوة بين الفريقين من الحدة والعمق الى درجة ان علي سالم البيض ومجموعته الحاكمة لم يخطر لها اصلاح ذات البين عشية الحدث الكبير،الوحدة مع الشمال، بل انه قد تواتر القول بان البيض طلب ابعاد علي ناصر محمد عن صنعاء كشرط لاتمام الوحدة . وقد لعبت الزمرة فيمابعد دورا ضخما في اجتياح الجنوب عام 1994 بقيادة عبدربه منصور هادي الابيني الذي حرض منذ ايام مجلس الامن على تسمية علي سالم البيض الحضرمي كشخصية معرقلة للحوار الوطني اليمني الذي انعقد منذ ثلاثة ايام . على خلفية تلقيه دعما ماليا من ايرا ن لهذا الغرض، على الرغم من كل اهازيج التسامح والتصالح الجنوبية، وعلى الرغم من معرفتي يقينا بصلة علي ناصر محمد بايران وانه يقبض منها ايضا، ولكن لا يتحدث احد عن ذلك، لانه قائد الزمرة التي ينتمي اليها الرئيس عبدربه منصور هادي . لقد كتبت منذ شهرين مقالة في نفس الاتجاه بعنوان "خطوات ناجعة لاستعادة دولة الجنوب" قلت فيها : "اناقش هنا فكرة تسندها اجراءات تتم على الارض قد تشكل في مجملها استراتيجية ذكية وحصيفة من شانها استعادة الدولة للجنوبيين دون خسائر بشرية كبيرة ومعاناة فادحة، فهي ليست مجرد تكهنات واحتمالات، ولكنها يمكن ان تكون غير مقصودة من بشر، وانها كما تقول العرب امر يراد من الله، فهو اذا اراد شيئا هيأ أسبابه، وقد تكون عملا مقصودا يؤدي الى هدف في ذهن فاعليه أي مؤامرة .