كان بإمكان الاخوان المسلمين في مصر أن يخدعوا الشعب المصري لفترة أطول قبل أن يتمكن الشعب من كشف حقيقتهم،بأنهم جماعة استخدمت نفس ادوات الانظمة العربية للوصول الى الحكم بواسطة تقديم التنازلات للقوة التي تحكم العالم،لولا أن الوضع الذي تعيشه منطقتنا وبالأخص الأزمة السورية جعلت من الصعب على الاخوان مواصلة ترديد الشعارات العاطفية لكسب الشعب بمعنى : 1- يمكن لمرسي ان يخترق العادة المعروفة للقادة العرب ويكسب تعاطف الناس عندما ينزل لصلاة الفجر ويصلي مع عموم الشعب،لكنه مضطر لأن يخسر ما كسبه عندما يرسل رسالة للرئيس الصهيوني ويخاطبه فيها "بصديقي الحميم" . 2- يمكن للرئيس المصري أن يلقي خطابا رنانا امام الشعب يدعي فيه ان القضية الفلسطينية هي محور اهتمامه، لكنه في الوقت نفسه مضطر لأن يتصرف بنفس طريقة سلفه أثناء حرب غزة الأخيرة بايفاد رئيس مخابراته للتهدئة وان يلعب دور الوسيط بين اسرائيل وحماس . 3- يمكن للرئيس المصري ان يكسب قلوب الفلسطينين باظهار علاقة حميمة مع قيادات حماس التي تظهر رضاها عنه وسخطها من نظام مبارك، لكنه يخسر ايضا ماكسبه عندما يعرف الفلسطينيون أن نظام "مرسي" الذي لم يمض عليه وقت طويل في الحكم قد احبط اكثر من عشر محاولات لتهريب الاسلحة للمقاومة وأنه غمر الانفاق بمياه المجاري، وكذلك في ذات اللحظة تخسر حركة حماس التي لاتبد اي معارضة للمعاملة المصرية للمقاومة التي لم تختلف عن نظام مبارك . 4- يستطيع الرئيس المصري أن يبدوا مختلفا عن القادة العرب المعروفين ، و ذلك بتقمصه بعضا من التواضع والظهور بمظهر انه ابن الثورة وان يعترف بفضلها عليه وعلى جماعته،لكنه يخسر تلك الصورة عندما يقتل نظامه العديد من الشباب المصري الذي خرج للتظاهر ضد حكم الاخوان، خصوصا اذا ادركت عائلات الضحايا أن ابناءها الذين خرجوا ضد مبارك عادوا سالمين الى بيوتهم وفقدوا ارواحهم في عهد الثورة . 5- الوقت الصعب الذي تعيشه المنطقة جعل من الصعب ايضا على الاخوان الاستمرار في تقمص دور الجماعة التي تحمل الخير لمصر فعلا وتحمل مشروعا حقيقيا للنهضة،ففي الوقت الذي يتفق المصريون بمافيهم الاخوان على أن أثيوبيا تهدد أمن مصر القومي عن طريق حرمان المصريين من مياة نهر النيل الذي يعد عصب الحياة واساس وجودها في مصر . لذلك بإمكان الرئيس المصري ان يظهر بمظهر صارم ليقول أن كل الاحتمالات مفتوحة للتعامل مع اثيوبيا،ويطالب خصومة بالتهدئة السياسية والاصطفاف من اجل مصر في مواجهتها مع اثيوبيا، ثم نكتشف ان التهدئة تنتهي بمرسي اذ يجمع انصاره في ملعب رياضي يعلن فيه عدم التدخل والتدخل في نفس الوقت في شؤون سوريا، ويعلن فيه نهاية الأمر قطعه للعلاقة مع سوريا والذي لامس أذن القائم بالأعمال السفير السوري ومالامس أذن السفير الاسرائيلي في القاهرة . 6- دعونا ندرس القرار المصري او الاخواني بقطع العلاقة مع سوريا ومن المتضرر منه ؟ منذ بداية الازمة السورية نعرف أن تحركات اركان النظام السوري تقتصر على حلفاء سوريا وتكاد تكون معدومة مع الذين يؤيدون المعارضة السورية ، فمن المتضرر من قطع العلاقة مع سوريا ؟ أليس المتضرر هو الشعب السوري والشعب المصري خصوصا الشريحة التي تربطها مصالح تجارية واجتماعية وعلمية من الطرفين على حد سواء . 7- اخيرا لو كان هناك سبب لقطع العلاقة مع سوريا فإن هناك ألف سبب لقطعها مع الكيان الصهيوني ،تلك العلاقة التي باع فيها واشترى الاخوان ابان حكم السادات ومبارك لدرجة تجعل من يصدقهم يعتقد أن مرسي كان سيقطع علاقة مصر باسرائيل قبل أن يؤدي اليمين الدستورية كرئيس لمصر . ويحضرني الان قول احد الناشطين على الفيسبوك أنه حين توقفت اذاعة القاهرة عن البث قبل 40 عاما افتتحت اذاعة دمشق في اليوم التالي بثها بهذه الجملة " هنا القاهر " ،وبعد أربعين عاما جاء مرسي ليقول من قلب القاهرة " هنا تل أبيب " .