موجة من البرد القارس تضرب الوطن العربي خلال هذه الفترة حيث غطت الثلوج المتساقطة مناطق عدة في مصر وعدد من بلاد الشام ومناطق أخرى لتفاقم من معاناة اللاجئين السوريين وقد أودت بحياة البعض منهم بالذات من الأطفال والشيوخ في المخيمات الغير مهيأة لمثل هذه الأجواء التي لم تعرفها عدد من البلاد العربية منذ سنوات طوال . ليس أبرد من هذه الموجة الثلجية إلا برودة الموقف العربي الرسمي تجاه ما يجري في سوريا وبرودة النخوة العربية والرحمة الإنسانية في قلوب بعض العرب والمسلمين الذين انقسموا حول ما يجري هناك مابين مؤيد ومعارض و ممول وبعضهم اكتفى بدور المتفرج . لم تكن موجة البرد والثلج العربية بأقوى ولا أطول من تلك التي تنتاب أوربا وأمريكا من فترة لأخرى لكنها دون أدنى شك هي الأقسى فالبترول العربي المتدفق على العجم قد أستبدل بردهم بدفء ينعمون به بينما كان الهدف من تدفق عائداته على سوريا هو إحراقها وقتل أهلها وتهجير من سلم منهم بدعم هذا الطرف أو ذاك من أطراف الصراع . خياما غير مؤهلة لاستقبال بشر في أجواء باردة ومساكن على الحدود مشيدة بقطع من الصفيح هو كل ما جادت به نفس العربي لابن عروبته التي كانت بلاده تستقبل كل الفارين من بلدانهم بعد كل محاولة انقلاب وفيها يتعلم أبناء العرب كيف يعمروا أوطانهم يدخلوها دون تأشيرة ويقيمون فيها من غير كفيل ينهب منهم قيمة عرقهم وثمرة غربتهم ليضاعف من معاناتهم . آلاف الأسر السورية غادرت موطنها أذل رجالها ومات أطفالها وانتهكت حرمات الكثير من حرائرها وهن يصرخن بأعلى صوتهن على أخ العرب لكن -لا حياة لمن تنادي- لان المعتصم قد مات ولم يعد هناك إلا ( أصحاب الزعامة الجلالة والمعالي والسمو )وهم مشغولون بتطبيق شريعة الإسلام التي يصدر بعضهم الموت لإخوانه من المسلمين باسمها . وصل أخوة العروبة إلى اليمن ليفترشوا الأرض ويتسولوا لقمة العيش من المارة طالبين العون من شعب يبحث لنفسه عمن يعينه . اختلف البعض على أصول المتسولين منهم من يقول بأنهم فلسطينيون وبعضهم يقول سوريون وآخرون يقولون بأنهم غجر وبغض النظر عمن يكونوا فهم جميعا بشر وقد أتونا فارين من جحيم الحرب و لم يأتوا في نزهة, غادروا وطنهم تاركين خلفهم بيوتهم وأعمالهم وربما بعض أحبائهم . كانت الطقوس السياسية العربية تقتضي في مثل الموقف السوري بعض عبارات الشجب والتنديد وأحيانا تتطور إلى لقاءآت مستمرة تحت سقف الجامعة العربية تنتهي بتبرع المتبرعين ,حتى مثل تلك المراسيم الشكلية فقد استصعبها العرب هذه المرة حيث وقد أصبح الصراع بين مصالح دول كبرى يدار على أرض دولة عربية صغيرة وأصبحت الحرب في سوريا تدار بالوكالة وبالنيابة . هو المواطن العربي السوري من لم يجد من يتوكل له في المطالبة بحقه في حياة آمنه كريمة ولا من ينوب عنه في تحمل تبعات الحرب من قتل وتشريد ودمار للممتلكات