تنتظر اليمن وشعبها الذي أنهكته الأحداث والمطالبات المتتالية مستقبلا تتباين وجهاته من فصيل إلى آخر في الجنوب والشمال خاصة بعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني الذي وصفته السلطة والقائمين عليه بالناجح، وللغوص في تلك المخرجات وما ينتظر اليمن شماله وجنوبه من مستقبل ربما يختلف كليا عن ماضية التقينا الدكتور متعب بازياد عضو مؤتمر الحوار الوطني بفريق بناء الدولة، وسألناه بكل وضوح عن مخرجات الحوار الوطني. ولد الدكتور متعب بازياد عام 1972م بمنطقة رخية محافظة حضرموت ودرس فيها الابتدائية بعدها أكمل تعليمه الثانوي بثانوية القطن.. حصل على ليسانس شريعة وقانون من جامعة صنعاء كما حصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه في القانون من جامعة النيلين بالخرطوم. عمل الدكتور بازياد مديرا للشئون القضائية بمحكمة استئناف حضرموت وهو محكم دولي بمركز حمو رابي للتحكيم بالأردن إلى جانب تأليفه عدد من المؤلفات والدراسات المطبوعة وقد أجرينا معه الحوار التالي: - حاوره / عبد الله مسيعد بعد الانتهاء من مؤتمر الحوار تم الاتفاق على أن تكون اليمن دولة اتحادية مكونة من عدد من الأقاليم والولايات، حدثّنا عن هذا التقسيم ؟ الدكتور بازياد :- التوزيع الاداري الجديد لليمن سيغير شكل الدولة من دولة بسيطة الى دولة اتحادية (مركبة) تتكون من عدد من الوحدات الادارية تم الاتفاق على تسميتها أقاليم وهذا توزيع إداري , ليس تجزئة أو تقسيم لليمن كما يفهمها البعض ويروج لها البعض الاخر أنها انفصالاً وقد تم مؤخراً حسم عدد الأقاليم على أن تكون ستة أقاليم أربعه في الشمال واثنين في الجنوب، بحيث أن كل اقليم سوف يتمتع بخصوصية خاصة ثقافية وتاريخية واجتماعية وحتى في قضايا التنمية ورسم ملامح الاقليم بما يلائم خصوصية كل اقليم في إطار دولة اليمن الاتحادي.لذا انا افضل اسم الاتحاد وليس الوحدة ..لان الدولة القادمة هي دولة الشراكة بين الاقاليم في ادارة الدولة ليس هناك تابع او متبوع. لقد أتت فكرة الأقاليم بعد أن وضعت مشاريع كثيرة على طاولة الحوار حتى ان بعض القوى السياسية وضعت فكرة الانفصال على اساس دولتين جنوب وشمال وهذه الروئ كانت رؤى محترمة ومقدرة في مؤتمر الحوار وتم مناقشتها كما تم طرح فكرة الدولة الواحدة بالحكم المحلي واسع الصلاحيات أو كامل الصلاحيات بما يعني ادخال بعض الاصلاحات السطحية على الوضع القائم ..الا ان الجميع في الاخير قد ذهبوا لشكل الدولة الاتحادية , ان هذه الاقاليم ستشهد عملية تنافس كبيرة في مجال التنمية وجلب الاستثمارات وهذا ما سيجعل اليمن دولة قوية ومتطورة في المستقبل .ولان الوحدة بالشكل الذي تم الاتفاق عليه عام 1990م لم يعد مناسبا او مقبولا ..فكان البحث عن حلول جذرية تكون على قطيعة كاملة مع الماضي قبل وبعد 1990م تمثل رؤية جديدة بعيدا عن التمترس خلف المواقف المسبقة للتيارات السياسية المتصارعة والالتفات اكثر لمصالح الناس وتطلعاتهم. هل تعتقد أن الاقليمين او عدة اقاليم ستكون تمهيداً لانفصال الجنوب عن الشمال ؟ الدكتور بازياد :- نحن لا ننظر الى فكرة أن الاقليمين أو عدة الاقاليم باعتبارها تمهيد للانفصال أو التجزئة انما ننظر لها من ناحية اخرى , بل يجب ان ننظر ما هو الشكل الذي ستكون فيه قوة اليمن الجديد كون المشكلة الاساسية ليست في قضية الوحدة لأننا جميعاً نحن في الجنوب والشمال وعلى مدار عقود طويلة كنا ننادي بالوحدة ونتغنى بها وليس لنا موقف مبدئي أو عقائدي سلبي من الوحدة بين شطري اليمن كما كنا نسميها وندرسًها في مدارسنا. أن المشكلة تكمن في استغلال الوحدة من قبل أطراف معينة سوا كانت في الشمال او الجنوب الذين لم يوفقوا في خلق تنمية حقيقية تجعل من دولة اليمن بعد الوحدة دولة استقرارا وتنمية . هذه هي الاشكالية التي دخلنا الى مؤتمر الحوار لمعالجتها على اساس التوافق وتناقش كل الآراء بشفافية وإيجاد النظام الذي يحقق مصالح الشعب وليس تحقيق مصالح النخب او مصالح القوى السياسية ثانياً ان الجميع في مؤتمر الحوار تركوا التناقضات الحزبية والسياسية من أجل مصلحة الشعب والحفاظ على مقدراته وثرواته وهذا ما يمكن ان يلاحظه المراقب في مخرجات الحوار التي لم تعد تفصل على مقاس حزب او فئة متنفذه او صفقات سياسية . وثيقة الحوار وثيقة دولية تعلم جيداً رفض للعديد من مكونات الحراك الجنوبي لمخرجات الحوار وتحدثت ان الشعب هو مصدر السيادة وصاحبها كيف سيتعامل مع ذلكم الرفض ؟ الدكتور بازياد :- ان جميع اليمنيون متفقون تمام سوى كانوا في أحزاب سياسية اوفي الحراك السلمي الجنوبي و الحركات الوطنية الاخرى اتفقوا على ان النضال في المستقبل سوف يكون سلمياً لذلك كلنا في الحراك الجنوبي السلمي والثورة الشبابية السلمية كل ما التزمنا بالسلمية كل ما كانت مطالبنا اكثر تأثيراً وقبول في حدود السلمية ..ومن يتفق مع مخرجات الحوار او شارك في صياغتها بشكل او اخر ..او من كان له موقف سلبي منها اعتقد انهم مطالبون جميعا بالنضال السلمي ...لان اهم مخرجات الحوار هو التأكيد على الارادة الشعبية التي ستتجلى في الاستفتاء و الانتخابات القادمة . ان مؤتمر الحوار الوطني قد ضم معظم الاطياف السياسية في اليمن شمالاً وجنوباً وقد خرج الجميع برؤية ووثيقة يعتقد ويجزم من دخل مؤتمر الحوار انها الرؤية الافضل والأنسب لخروج اليمن الى بر الامان والى مستقبل جديد وسيعمل جميع المشاركين في الحوار على العمل على تنفيذ مخرجات الحوار على ارض الواقع ضمن عملية سياسية تقودها حكومة الوحدة الوطنية ممثلة بالرئيس ومن خلفه المجتمع الدولي والإقليمي خصوصاً بعد إيداع وثيقة المؤتمر بمنضدة مجلس الأمن وأصبحت الوثيقة من يومها وثيقة دولية . ان هناك الكثير من الاصوات في الجنوب والشمال معارضة وبشدة لمخرجات الحوار لكن تبقى هذه المعارضة في اطار عملية حوارية قابلة للأخذ والرد كوننا جميعاً قد احتكمنا الى رأي الشعب هو الفاصل الاول والأخير وصاحب السلطة ومصدرها وسوف تصب مخرجات الحوار جميعها في دستور اليمن الجديد الذي سيصبح نافذاً بعد الاستفتاء علية من قبل الشعب وإقراره من قبل الشعب اليمني لذلك على كل القوى السياسية المؤيدة والمعارضة ان تبذل جهود سلمية وتوعوية للشعب لإقناعهم بوجهات نظرهم المتباينة عبر وسائل الاعلام المختلفة في الداخل والخارج لذلك يبقى الشعب هو مصدر السلطة وصاحبها و ان جميع اليمنيين قادمون على عملية سياسية ستنتهي باستفتاء وانتخابات لذا على جميع القوى السياسية المؤيدة ولمعارضة اقناع الشعب . ذكرت من خلال حديثك ان الدولة سوف تتكون من عدد من الحكومات منها الحكومة المركزية وحكومة الاقاليم وحكومة الولايات كيف ستتمتع كل حكومة بصلاحياتها دون تداخل بعضها ؟ الدكتور بازياد :- حينما نتحدث عن الحكومات يتبادر الى ذهن الناس أن تعدد الحكومات هي تعدد الدول وهذا ليس صحيح نحن نتحدث عن توزيع أداري لليمن الاتحادي يتكون من ( ستة اقاليم ) هذه الحكومات المحلية سوف تتبنى جميع قضايا التنمية والخدمات في كل الاقاليم وكذلك حكومات الولايات من خلال الحكومات المحلية فيها وبالمقابل ستكون هناك حكومة مركزية تمثل اليمن بشكل عام موجودة بالعاصمة صنعاء.كعاصمة للاتحاد. وستكون هناك برلمانات ومجالس تشريعية متخصصة لإصدار القوانين الخاصة بالأقاليم والولايات وقال : " أن حكومات الاقاليم ليست كيانات سيادية أي انها ليس لها السيادة المطلقة بأن تمارس مهام اصدار الجنسيات والجوازات وإنما هي كيانات أدارية داخل كيان كبير سيادي اسمة اليمن الاتحادي في الكيان الواحد ستبقى الخارجية واحدة وشئون الامن القومي الجيش العملة الوطنية سيبقى واحد وسوف تدار مركزياً بمشاركة حقيقيه من حكومات الاقاليم . المجلس العالم للمهرة وسقطرى اصدروا بيان يرفضون فيه الدخول في اقليم يضم ( حضرموت – شبوة – سقطرى – والمهرة ) معتبرين ان هذا الاقليم عاملاً من عوامل التهميش كيف سيتعامل مع تلك الارادة ؟ الدكتور بازياد :- في جميع المحافظات يجب علينا ان نتفاهم ونتحاور ويتفق الجميع على ما يصب في مصلحة المواطن . ولجنة تحديد الاقاليم بدورها ستستمع الى جميع أراء الناس في جميع المحافظات المكونة للأقاليم وأن هذه اللجنة لن تضع وتختلق رؤى من تلقاء نفسها وتفرضها على الاخرين انما هي انعكاس لأراء المواطنين والمجتمع يجب على الشركات النفطية أن لا تهضم حق الشعب كيف سيتم توزيع عوائد الثروات التي تنتجها الاقاليم من وما هي النسب المالية للحكومة المركزية من تلك العوائد المالية ؟ الدكتور بازياد :- كما أشرنا في السابق بأن هناك في كل اقليم حكومة و مجالس تشريعية في الولاية تهتم في ما يخص الشئون المحلية داخل الولاية , و في حالة نشأة خلاف في الصلاحيات والسلطات بين الاقاليم والسلطة المركزية سيتم الفصل بينها في محكمة دستورية ستنشأ قريباً مهمتها الفصل في تلك الخلافات وتنازع الاختصاص . وعن ما يخص الثروات تحدث قائلاً : أنها نقطة حساسة جداً هناك مبادئ حقيقيه تم إقرارها في وثيقة الحوار وهناك تفاصيل تركت لقانون اتحادي سيصدر فيما بعد من قبل السلطة التشريعية على مستوى الاتحاد وما تم الاتفاق علية من مبادئ اساسية هي ان الثروات الطبيعية النفط والغاز وما شابهها من معادن اخرى هي ملك للشعب في اليمن لذلك فهي ثروة سيادية في كل الاقاليم والولايات. هناك خطوات أخرى من ضمنها كيفية استثمار تلك الثروات وأدارتها لان هذه الثروات لن تبقى في باطن الارض وسيتم استخراجها وإنتاجها وبيعها ولقد تم الاتفاق في وثيقة الحوار ان تكون ادارة العقود الاستثمارية في النفط والغاز والاستكشاف والإنتاج والتصدير كل تلك العقود ستتم من خلال عملية مشتركة بين حكومة الولاية المنتجة وحكومة الاقاليم المنتجة والحكومة المركزية جميع تلك الحكومات سوف تشرف على عقود الاستثمار لهذه الثروة في عواصم المدن والولايات لأنها هي الاقرب الى مناطق الانتاج وعن ما يخص العمليات الاكثر اهمية في عقود الخدمات النفطية اللوجستية سيكون التوقيع على هذه الاتفاقيات من قبل حكومة الولاية المنتجة حصراً لهذا سوف تشهد تلك الولايات تنمية حقيقيه وهناك اتفاق ايضاً على ان جميع الاستثمارات والموارد ستتم من خلال عملية شفافة وواضحة وبهذا قد تم ارسى قضية اساسية خاصة لنا في حضرموت كنا ومازلنا نطالب بها قبل الهبة وبعد الهبة الشعبية في مختلف قضايا المتعلقة بالعمالة في الشركات النفطية وعقود الشركات والحراسات النفطية هذه الامور جميعها ستكون اليد الطولى فيها ليست الحكومة المركزية وإنما للحكومات المحلية في الولايات والأقاليم من ما هو مسلم بها لدى الجميع أن العقود النفطية للشركات العاملة باليمن طويلة الأجل كيف سيتم التعامل معها؟ الدكتور بازياد :- من وحيي تخصصي بالتحكيم التجاري في العقود الاستثمارية الدولية صحيح ان الاتفاقيات الدولية طويلة الاجل من (10-20) وأكثر وقد سبقتنا العديد من الدول في كيفيه تعديل تلك العقود الطويلة والسعودية أبرمت عقود مع شركه Aramco)) ( ارامكو ) الأمريكية السعودية لعشرات السنين ومن ثم دخلت محاكم دولية وكسبت العديد من القضايا بشان شروط مجحفة كانت قد وقعتها في السابق. و في اليمن هناك عقود طويلة الاجل على سبيل المثال ما حصل مع شركة ( بترو مسيله ) وشركه ( توتال ) للغاز وما حصل مع شركة ( كوكاز الكورية ) كل هذه العقود بها شروط اعادة تفاوض والعرف جرى على هذا لان هذه الثروات تملكها الشعوب والمعيار الاساسي في العقود أ ن لا تهضم أولا يكون فيها حيف وغبن فاحش بحق الشعوب لذلك فأن الغبن الفاحش يجب أن يزال لذلك نحن نقول في هذه العقود إنها عقود قابله للمراجعة والتعديل إذا وجدت حكومة حقيقية من خلال الذهاب الى التحكيم الدولي أو الى خطوات التوفيق او المفاوضات الدبلوماسية بين الدول التي تنتمي اليها هذه الشركات وتحمل جنسيتها وقد تم خلال الأشهر الماضية اثناء الحوار تم توقيف أكثر من17عقد استثماري جديد في مجال النفط والغاز طويلة الاجل وإلا كانت ستكون كارثة وسيتحمل تبعاتها الحكومة القادمة لذلك تم إيقافها . الى أي مدى تراهن على نجاح وتنفيذ مخرجات الحوار؟ الدكتور بازياد :- أنا متفائل دائما بطبيعي وكانت نسبه التفاؤل عند الكثير متدنية جدا لكن بعد افتتاح جلسات الحوار الوطني والوقفة الجادة لرئيس الجمهورية يوم افتتاح الحوار اعاده للناس الامل وان مخرجات الحوار تعتبر خارطة طريق لذا على جميع الانخراط لتنفيذ هذه المخرجات على ارض الواقع ولا يمكن لأي طرف من اطراف الحواران يقف معترضا على هذا أو ذاك بعد التوقيع على الوثيقة النهائية , او التنصل منها. أما الأخوة الذين لم يكونوا ضمن مكونات الحوار كقوى سياسيه ولم يوافقوا على مخرجات الحوار فاعتقد ان الابواب مشرعه لهم للتحاور بشكل شفاف على تحقيق مصالح الوطن بغض النظر عن المواقف السياسية المسبقة ضد الحوار الوطني . في نهاية حديثنا كلمه أخيره لأبناء حضرموت ؟ الدكتور بازياد :- رسالتي الأخيرة لأبناء حضرموتواليمن عموما أن القادم أفضل ونحن بصدد الوقوف الأن على أعتاب اليمن الجديد بمعنى الكلمة يمن يكون نبراس للمنطقة بشكل عام وللمحيط الإقليمي والدولي يمن أثبت أن هناك حكمه وإيمان و امكانيات كثيرة ليس من خلال الثروات والموقع الجغرافي فقط بل حتى على اساس الثروة البشرية الهائلة وهي اساس التنمية على ابناء اليمن ان يستغلوا الفرصة التاريخية بالالتفاف المجتمع الإقليمي والدولي حولنا في سابقة على المستوى الدولي أن يجتمع الجميع حولك ونحن نؤكد على الاستقلال الوطني من خلال استقبال المساعدة مع احترام خصوصية الوطن واحترام اليمن .