البحسني يشهد تدريبات لقوات النخبة الحضرمية والأمن    عقلية "رشاد العليمي" نفس عقلية الماركسي "عبدالفتاح إسماعيل"    تصريحات مفاجئة لحركة حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والانخراط ضمن منظمة التحرير بشرط واحد!    تطور مهم.. أول تحرك عسكري للشرعية مع القوات الأوروبية بالبحر الأحمر    الشيخ الزنداني رفيق الثوار وإمام الدعاة (بورتريه)    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    هيئة السلم المجتمعي بالمكلا تختتم دورة الإتصال والتواصل الاستراتيجي بنجاح    فيديو صادم: قتال شوارع وسط مدينة رداع على خلفية قضية ثأر وسط انفلات أمني كبير    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    امين عام الاشتراكي يهنئ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بنجاح مؤتمرهم العام مميز    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    فينيسيوس يتوج بجائزة الافضل    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    المجلس الانتقالي بشبوة يرفض قرار الخونجي حيدان بتعيين مسئول أمني    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الإطاحة بشاب أطلق النار على مسؤول أمني في تعز وقاوم السلطات    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    رجال القبائل ينفذوا وقفات احتجاجية لمنع الحوثيين افتتاح مصنع للمبيدات المسرطنة في صنعاء    حقيقة وفاة ''عبده الجندي'' بصنعاء    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    وحدة حماية الأراضي بعدن تُؤكد انفتاحها على جميع المواطنين.. وتدعو للتواصل لتقديم أي شكاوى أو معلومات.    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اقرؤوا التاريخ
نشر في هنا حضرموت يوم 09 - 06 - 2014

في إحدى ليالي الشتاء القارس جلستُ في المقهى أنا وصديقي عكرمة، نُقلِّب صفحات مطويَّة من التاريخ، عفا عليها الزمن، فساق عكرمة حديثًا ذا شجون، أحببتُ هنا أن أنقُله لكم، فهيا معًا نخوض غمار الكلمات.
في منتصف القرن الخامس الهجري وفي ساحة قصر المعتمد بن عباد أحد ملوك الأندلس أشرفتْ زوجة الأمير من على شُرْفة القصر وهي تُراقِب الغادي والرائح، فانفَلَق وجهها بابتسامة مُشرِقة علتْ مُحيَّاها عندما رأتْ بعضًا من الجواري حافيات الأقدام، وهن يطأن بأقدامهن الوْحَلَ وعلى رؤوسهن القِرَب، فأخذن هؤلاء الجواري بلُبِّها، وتمنَّت أن لو كانت واحدة منهن!
وبالفعل أسرعت الخطى عائدة إلى غرفة زوجها، وعرضتْ عليه ما أرادت، فحار الزوج في أمرها، ولم يَدْرِ ما يفعل، فأنَّى للقمر في عليائه أن يُلامِس وجه الأرض! ولكن مع إصرار تلك الزوجة المدلَّلة رضَخ لها، فأمر بأن تُفرَش ساحة القصر بالمسك والكافور والعنبر وماء الورد؛ لكي تطأ أقدامُ الأميرة عليها، وبالفعل وطئت تلك الأقدام الناعمة وهي حافية، فكان ذلك اليوم مَضرِب المَثَل.
تَمُر الأيام تترى والأمير وأسرته يتقلَّبون بين أعطاف النعيم والعيش الرغيد في مملكتهم العتيدة، وفجأة أحسَّ الملك بخطر داهم يُهدِّد البلاد برُمَّتها؛ فها هي الحرب قد بدت تُكشِّر عن أنيابها، وهي مُتَّجِهة نحوهم، فانتشر الذُّعر في القلوب، وامتلأ قلب الأمير بحزن مُتراكِم بعضه فوق بعض، ولكن كانت النتيجة واحدة لا مفرَّ منها، وهي الخوض في حرب ضروس ضد هذا العدو الداهم، فها هي الحرب قد نفثت سمَّها الزعاف، لتملأ القلوب رعبًا وخوفًا، فوقف الأمير بين خيارينِ، أحلاهما مرٌّ، وهما: إما أن يَستعين بالنصارى، وإما أن يستعين بمَلِك المغرب "يوسف بن تاشفين"، ولكنه فضَّل الثانية على الأولى، واستعان بملك المغرب، وجاءه من يُحذِّره من ملِكِ المغرب بأنه لو رأى الأندلس فسوف يستولي عليها، ولكنه ردَّ عليهم بمقولته المشهورة: "لأن أكون راعيَ إبل، خيرٌ لي من أكون راعي خنازير"، ودخلت البلاد في حرب مُستعِرة مع المعتدي، استمرَّت أيامًا، ثم كُلِّلت بالنصر، فارتسمت آيات الفرح على طول البلاد وعَرْضها، ولكن هذا الفرح تحوَّل إلى حُزْن مستطير، عندما داهم مَلِك المغرب البلادَ على حين غفلة واستولى عليها، وسيق الأمير "المعتمد بن عباد" مُكبَّلاً بالسلال والحديد إلى غياهب سجن "أغمات"، وأما الأميرة فظلَّت تَكدَح في طلب لقمة سائغة تَقتات بها حيث ظلَّت تَغزِل للناس بأجرٍ معلوم هي وبناتها.
ارتسمتْ على صفحة الكون ابتسامة عريضة ابتهاجًا بالعيد السعيد، فأتت تلك الأسرة المنكوبة إلى أبيها لزيارته في سجنه، فلما رآهن من خلف القضبان وهن في أطمار بالية، وقد اكتست وجوههن بمسحة حُزْن كئيبة، فلم يَدْرِ أيبكي على نفسه أم على تلك الأقمار النيِّرة التي لم تعرف معنى للابتسامة بعدما لعبت بهم صروفُ الدهر وحوادث الأيام، ففضَّل أن يبكي على الجميع، فأنشد من سويداء قلبه قائلاً:
فيما مضى كنتَ بالأعياد مسرورًا
فساءك العيد في أغماتَ مأسورا
ترى بناتِكَ في الأطمار جائعة
يَغزِلن للناس ما يَملِكن قِطميرا
برَزْن نحوك للتسليم خاشعةً
أبصارُهنَّ حسيراتٍ مكاسيرا
يطَأْن في الطين والأقدام حافية
كأنَّها لم تطأ مِسكًا وكافورا
قد كان دهرك إن تأمُرْه مُمتثِلاً
فردَّك الدهرُ منهيًّا ومأمورا
مَن بات بعدك في مُلك يُسَرُّ به
فإنما بات بالأحلام مغرورا
فإنما بات بالأحلام مغرورا..
فإنما بات بالأحلام مغرورا..
ظلَّ عكرمة يُردِّد هذا الشطرَ من البيت، ودموعه تنساب من على خده، لتُسطِّر أحرف معاناة كئيبة عاشتها أسرة كانت في يوم من الأيام في علياء السماء، فنزلت إلى قرار الأرض.
داخلني حينها شعورٌ غريب ولوعةٌ كاد لها قلبي أن يتفطَّر، فأطرقتُ قليلاً وأنا أُخفي دمعًا أراد أن يسيح مؤاساة لهذه الأسرة المنكوبة، ولكن ما هي إلا لحظات حتى هوَيت بقبضتي على الطاولة، فما كان من عكرمة إلا أن نظر إليَّ شزرًا، فما كان مني إلا أن صببتُ جام غضبي على ملك المغرب "يوسف بن تاشفين"، وفي كل ذلك عكرمة صامت صمتًا مُطبِقًا، وهذا مما زاد من غيظي، وما هي إلا دقائق حتى خرج من صمته وقال: رويدك، لا تتعجَّل؛ فلو عَرَفتَ السببَ لبَطَل العجب! ألم تعلم يا صديقي ما فعل ابن عباد؟ أومأتُ حينها برأسي أن: لا، وكالعادة حلَّق عكرمة بعينيه في الأفق وتابَع قائلاً: لما داهمت "ابن جهور" أمير قرطبة الخُطُوب، وأتى له العدو من حيث لا يَحتسِب استنجد بالمعتمد بن عباد، فما كان من الآخر إلا أن سار بخيله ورجِلِه ونصر ابن جهور، فلما رأى ابن عباد قرطبة، سوَّلتْ له نفسه الاستيلاء عليها، فأحسَّ بذلك ابن جهور، فذكَّره بالعهود والمواثيق، ولكن كل ذلك لم يُفِد شيئًا، وانقضَّ ابن عباد على قرطبة انقضاضَ الأسد على فريسته، وقبض على ابن جهور وعلى آل بيته وإخوته وزجَّ بهم في غياهبِ السجون أذلاَّءَ صاغرين، فلم يَملِك ابن جهور إلا البطاقة الأخيرة، فرفع كفَّيْه إلى السماء وقال: اللهم إنهم أخرَجونا من جنات وعيون، وزروع ومقام كريم، اللهم كما أجبتَ الدعاءَ علينا، فأجبْه لنا؛ فإنا مسلمون.
بعدما أتمَّ عكرمة حديثَه استرقتُ النظر إليه، فرأيته قد سدَّد ناظريه إلى السماء سابحًا بين الثرى والثريا، فلم أشأ أن أقطع تأمُّلاته وتَمتمتُ قائلاً:
اقرؤوا التاريخ إذ فيه العِبَرْ
ضلَّ قوم ليس يَدرون الخبرْ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.