في المقال الذي سبق هذا تناولت بوجيز الإشارة إلى القصور الذي اعترى أجهزة ووسائل الإعلام الرسمي بحضرموت واختتمت مقالي ذلك بالقول: (في قادمات الأيام سنحاول وضع أصبعنا على مكمن الداء لعل وعسى أن يرسم القائمون على صحافتنا المحلية خارطة طريق تعينهم في استعادة دورها المنشود .) وهاأنذا أفي بما وعدت،وأبدأ بمؤسسة باكثير للصحافة والطباعة والنشر بالمكلا . بعد العصر الذهبي لصحافة حضرموت في الستينات لم تصدر في حضرموت سوى صحيفة وحيدة هي ( الشرارة) لسان حال التنظيم فالحزب الاشتراكي اليمني.أسست لها السلطة الحاكمة قاعدة مطبعية حكومية هي " مؤسسة الشرارة للطباعة والنشر " كونتها من طابعات وأدوات المطابع المؤممة وأهمها " الطليعة "لصاحبها الأستاذ / احمد عوض باوزير رحمه الله .وكان مقرها مستودعات عمارة " بدر الكسادي " المواجهة لمستشفى باشراحيل بالمكلا . وكانت تصدر بنفس الإمكانيات السابقة لتلك المؤسسات المطبعية وهي حروف تنضيد يدوية ومطبعة (سلندر) يمرر الطباع الورق عليها باليد، وصور على ( أكليشيهات) "زنكوغرافية " تُعامل في عدن وتلصق على قواعد خشبية .ومع ذلك فقد لعبت " الشرارة" دورها في عكس نشاط وتوجهات الحزب الصادرة عنه ونشاط السلطة. وكنا نطبع 5000نسخة اسبوعياً بهذه الآلات والأدوات البدائية . وفي المناسبات الثورية نصدرها بلونين الأسود المعتاد والأحمر . وكان المسئول عنها في السبعينيات الأستاذ / صالح سعيد باعامر ، ثم أناب عنه الزميل الأستاذ / سعيد مبارك سبتي بعد وفاة الفقيد / سعيد باظروس رحمه الله. وكنت مشرفاً للتحرير إلى جانب زميلين هما الزميل / سالم غالب بن بريك والزميل / علي سالم اليزيدي. ثم انظم إلينا زميل عرافي هو راجي محمد الملقب " أبو آلان" بمعنى كنا خمسة زملاء هم قوام هيئة التحرير والمخرجين والمصححين. وكان طباعنا الوحيد / راضي خمور ومساعده / سالم باعلوي ، ومنضدو حروفها الأخوة / عمر علي العطاس ، وصالح الكلدي " ابو حامد" وأحمد علوي العطاس . تصورا أنه بهذه الإمكانيات الشحيحة واؤلئك الزملاء المحررين والمنضدين لم تتوقف " الشرارة " ولا اسبوعاً واحداً . وهذا يعود إلى الحس الصحفي والمسؤولية المهنية والعمل بروح الفريق الواحد ، وفي ظل أجور لا تكاد تفي بالمعيشة . في مطلع الثمانينيات ، وبعد انتقال مقرنا إلى مرفق ورشة الأشغال في " باجعمان" ،وبجهود يشكر عليها الأستاذ / سعيد سبتي عرفت صحافة حضرموت أول مطبعة حديثة بتقييم ذلك العهد وهي مطبعة " هيلدربرج " اوتوماتيكية مشتراة من الكويت ، ثم عرفت " الشرارة آلة صف حديثة من منظور ذلك العهد هي ماكنة " الليونيتيب" مشتراة من دار " الهمداني " الحكومية بعدن وجهازي تصوير زنكوغرافي وفوتوغرافي .فعلى جهاز " الليونوتايب" الذي ينضد الحروف ميكانيكياً على أسطر متعددة الأعراض تدرب الزميل عبد العليم بن غودل وشغله ثم ألحقنا به مساعد له يدعي " العبد" وعلى الجهازين الآخرين عمل الزميل / عبود عمير والزميل المصور / خالد بن عاقلة .وبانتقال الزملاء اليزيدي وبن بريك طُعمت هيئة التحرير بزملاء صحافيين جدد من خريجي الثانوية العامة و هم بدر جعفر بن عقيل ، وعلي عبدالله الكثيري وصلاح عمر البيتي وخالد سعيد مدرك والزميلتان / خديجة باجابر، ونادية مرعي . وانظم إلينا المخرج الصحفي / عوض بن شعب ، والدكتور / عبد الله صالح بابعير مصححاً لغوياً . وهكذا واصلت صحيفة " الشرارة" مسيرتها الثانية إلى أن أطل علينا عهد ثالث بمجيء الزميل الأستاذ / فؤاد محمد مسعود بامطرف رئيساً لمجلس إدارتها ورئيساً للتحرير. هذا ما سنتناوله في حلقة قادمة فتابعونا .