قبل امس كنت قد اسعفت احد اولادي الى مستشفى مدينة المكلا –باشراحيل- هذا المستشفى العتيق نموذجا للخدمات الصحية التي تقدمها الحكومة للمواطن كاحد التزاماتها نحو مواطنيها الى جانب خدمة التعليم وغيرها..في هذا المستشفى يبذل الاطباء والكادر المساعد جهودا مضنية في سبيل مساعدة مرتادي هذا المرفق المزدحم بوسط المدينة على شحة في الامكانات غير انه جهد مشكور ومقدر في ظل تدهور الخدمات التي تقدمها الحكومة في شتى المجالات …نامل ان لايؤثر انتشار المستشفيات الخاصة في المدينة على مستوى الخدمات الحكومية ..غير ان هناك ملاحظة جديرة بالتوقف عندها في هذا السياق..وهي أن مرتادي المستشفى من ذوي الدخل المحدود ومن الاسر الفقيرة بالمدينة ..هناك انطباع لدى الناس ان مستوى الخدمة في القطاع الخاص افضل ..لكنه مكلف بالطبع ..ولا يستطيع كل المرضى تحمل فواتير خمسة نجوم..غير انه بشئ من اهتمام الادارة والسلطة المحلية بشكل خاص بهذه المرافق سيحسن ادائها ..وهنا تذكرت تجربة الدكتور غازي القصيبي رحمه الله في الادارة من خلال اختباره شخصيا للخدمة التي يقدمها مرفقه للجمهور ..يقول الدكتور القصيبي عند تعيينه مديرا لهيئة السكة الحديد قرر ان يسافر من الرياض الى الخبر بالقطار لكي يستلم عمله هناك ..حاول موظفي السكة اثناءه عن هذا القرار حفاظاً على صحته ؟؟ لان العربات غير محكمة الاغلاق ويدخل التراب بشكل مزعج لمقطورات الركاب ..اصر على موقفه ليختبر الخدمة التي يقدمها للجمهور بنفسه..كانت هذه الرحلة تقرير واقعي عن حالة السكة الحديد في المملكة يغني عن المجلدات التي تسطرها فرق الصيانة ومدراء السكة الحديد الذين لم يستقلوا القطار يوما ما…القصيبي من انجح رجالات الادارة في العالم العربي وله سيرة مماثلة في وزارتي الكهرباء والصحة فيما بعد..قلت وانا في طابور الانتظار مع ولدي ..كيف ستكون خدمة المستشفى لو كان يسعف اليه السيد المحافظ او مدير عام الصحة –بعد الشرعليهم- جميعنا يعرف الاجابة…ماذا لو كلفنا انفسنا الاحساس بمعاناة الناس ونحن من ولينا امرهم وسنسال عنهم يوما ما…لن اقترح ان يكون مسئولينا بدون مولدات كهرباء خاصة ببيوتهم او يرسلون ابنائهم للمدارس الخاصة ..لكن ان يختبروا فقط الخدمة التي يقدمونها للجمهور بانفسهم ..ماذا لو وقف مدير الكهرباء مثلا امام شباك صرف عداد الكهرباء …او ذهب مدير التربية بابنه شخصيا لتسجيله بالمدرسة وليس برفقة السائق ….وكذلك كل المدراء والمسئولين ..صدقوني سنحترمهم كثيرا ولو لم يحققوا لنا شيئا.