دشّن دخول حضرموت بوّابة "الإعلام الجديد" في هذه الألفية الثالثة بدء مرحلة جديدة من تاريخ الصحافة في حضرموت تمثّلت في الإنفتاح المعلوماتي الفضائي الحر الذي تجاوز الحدود والقيود لنشهد بذلك تدشين مواقع وصفحات ومنتديات إلكترونية على شبكة الإنترنت ومجموعات شبابية على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي كالفيس بوك والتويتر وغيرها من وسائل الإعلام الجديد لتقدّم حضرموت لجمهورها في الداخل والخارج صورة عن هوية هذه البلدة المباركة وثقافتها وتراثها وعاداتها وتقاليدها وانجازاتها العلمية والمعرفية. وفي ظل ذلك الإنفتاح الإعلامي الذي شهدته حضرموت على صفحات "الإعلام الجديد" لاحظنا بروز خطاب إعلامي ذو إستراتيجية إعلامية ترسمه مؤسسات سياسية ودينية وإجتماعية في حضرموت لها أجندة خاصة تهدف للوصول لتحقيقها، تمثّل هذا الخطاب الإعلامي في الرؤى والكتابات والمقالات والحوارات وتبادل الآراء والنقاشات بتباينها كما ونوعا ومن مختلف المدارس والتيارات الحضرمية والنخب السياسية والمثقفة، والتي وجدت على صفحات "الإعلام الجديد" متنفسا حرا أوصلت به صوت حضرموت إلى مختلف البلدان والمهاجر في حين لم تجد هذا التنفس والإنفتاح الحر في "الإعلام التقليدي" كالصحافة والإذاعة والتلفزيون والذي يطغى عليها الطابع الرسمي الحكومي الموجّه. ومن خلال إلقاء نظرة على المنشورات الإلكترونية من (أخبار وتقارير وتحقيقات صحفية) المنشورة على صفحات "الإعلام الجديد" بكل تطبيقاته الإلكترونية المتنوّعة من المواقع الإخبارية الإلكترونية وصفحات الفيس بوك، .. الخ)، وبقراءة تأملية لنوعية المحتوى الإلكتروني وماهية التناول الإعلامي وطبيعة المعالجة الإعلامية لمختلف القضايا والأحداث التي تمر بها حضرموت ويمر بها الشارع الحضرمي، ربما نستطيع القول إنّ "الإعلام الجديد" بكل تطبيقاته الإلكترونية المتنوّعة قد خلق قاعدة عريضة من الجمهور لمتابعة ما ينشر على صفحاته الإلكترونية من أخبار ويتجلى ذلك واضحا من التفاعلية المستمرة من قبل مستخدمي صفحات "الإعلام الجديد" المتمثّلة في التعليقات على المنشورات الإلكترونية التي تحظى بأهتمام لديهم. وقد تناول خبراء الصحافة والإعلام في الدراسات الإعلامية المعاصرة طبيعة العلاقة بين وسائل الإعلام والجمهور فقد أكدّت نظرية وضع الأجندة: قدرة وسائل الاعلام على توجيه انتباه الجمهور نحو قضايا بعينها بمعنى أنه كلما زاد تركيز وسائل الاعلام على موضوعات وقضايا بعينها ترتب على ذلك ادراك الجمهور للموضوعات والقضايا ذاتها بوصفها قضايا بالغة الأهمية حيث أن بروز الموضوعات والقضايا فى الاخبار الإعلامية يؤثر على بروز تلك الموضوعات لدى الجمهور بما يشير وجود ارتباط دال بين حجم تغطية وسائل الاعلام لهذه القضايا ومعدلات هذه التغطية وبين الأهمية التي يوليها جمهور هذه الوسائل لتلك القضايا وهذه النتيجة تؤكد ان بروز هذه القضايا لدى هذا الجمهور يتأثر بشدة بتعرضه للوسائل نفسها التي تتناول هذه القضايا. يأخذنا تطبيق هذه النظرية الإعلامية إلى ملاحظة التنوع في المنشورات الإلكترونية على صفحات "الإعلام الجديد" المتمثّلة في التغطية الإعلامية لمعظم القضايا والأحداث التي تمر بها حضرموت ويمر بها الشارع الحضرمي وبتوجهاته المختلفة، لنلاحظ بعين المتأمل بروز خطاب إعلامي معيّن ذو إستراتيجية إعلامية معيّنة ترسمه مؤسسات سياسية ودينية وإجتماعية، ونخب مثقفة سياسية ودينية وإجتماعية في حضرموت لها أجندة معينة تهدف الى الوصول لتحقيقها، قد وجدت هذه المؤسسات في صفحات "الإعلام الجديد" متنفسا حرا فتح صدره وذراعيه لها استطاعت من خلاله تمرير أجندتها المرسومة. عندما برزت هذه المواضيع والقضايا ذات الأجندة الخاصة المرسومة من قبل هذه المؤسسات والنخب السياسية على صفحات "الإعلام الجديد" تولّد هناك إدراك من قبل الشارع الحضرمي للموضوعات والقضايا ذاتها التي نشرت على صفحات "الإعلام الجيد" بوصفها قضايا بالغة الأهمية لديهم، هذا الإدراك الذي تولّد أدى إلى بروز تلك الموضوعات في قائمة إهتماماتهم وتفاعلهم الملحوظ مع الخطاب الإعلامي المنشور على صفحات "الإعلام الجديد" وذلك بكتابة التعليقات على صفحات "الإعلام الجديد" التي تعبّر عن اتجاهاتهم نحو هذه القضية المنشورة من جهة، أو تفاعلهم من خلال المشاركة بالكتابة الإعلامية على صفحات "الإعلام الجديد" بمقال يتناول قضية برزت في واقعهم المعاش، أو من خلال الأحاديث الإجتماعية الجمعية في اللقاءات الشخصية العامة والخاصة التي تجمعهم من حين الى آخر. * باحث في علوم الإعلام والإتصال